أوقفت قيادة الأمن الوطني في
الجزائر، ثلاثة من موظفيها عن العمل وأحالتهم للتحقيق القضائي، بناء على نتائج لجنة تقصي الحقائق، كان المدير العام للأمن الوطني عبد الغني هامل أوفدها إلى ولاية
غرداية (600 كلم جنوب العاصمة الجزائر)، للتحقيق في مقطع مصور يظهر تهاون أعوان أمن في تأدية مهامهم في خضم المشادات الطائفية العنيفة التي شهدتها الولائية بين أتباع المذهب المالكي وأتباع المذهب الإباضي.
وأفادت المديرية العامة للأمن الوطني بالعاصمة، الأحد، في بيان لها أن لجنة التحقيق قد "أنهت تحرياتها وأن التحقيق أفضى إلى قرار توقيف ثلاثة من موظفي الشرطة عن العمل مع إحالتهم على الجهات القضائية".
وتداول نشطاء جزائريون، في الآونة الأخيرة، مقطعاً مصوراً يُظهر مشادات وتبادل الرشق بالحجارة وسط مدينة غرداية بين "المالكيين" و"الإباضيين"، أو بين "العرب الشعانبة" و"الميزابيين"، بينما كان أعوان شرطة يقفون على الجانب دون تحرك.
واندلعت المشادات بين الطرفين لأسباب تتعلق بشجارات بسيطة بين شباب من الجهتين، وسط المدينة، أواخر شهر كانون أول/ديسمبر الماضي، لكنها سرعان ما تطورت الأمور وتحولت إلى
مواجهات توسعت بصفة مضطردة إلى كل أرجاء المحافظة.
وفسر المحتجون من أتباع المذهب "الاباضي" عدم تدخل أعوان الأمن، بمثابة مناصرة لـ"عرب الشعانبة" واتهموا الحكومة بالانحياز لهم.
لكن المديرية العامة للأمن الوطني التي أوفدت لجنة تحقيق إلى المحافظة أكدت في بيان نتائج التحقيق أن هذا "التصرف فردي ولا يمت بصلة لجهاز الشرطة" وأشار البيان إلى أن "بعض المشاهد كانت تصرفا فردياً لا تعبر إطلاقا عن رؤية وواقع جهاز الشرطة واحترامه للقانون وتقديره لحقوق الإنسان وهو ما تؤكد عليه باستمرار قيادة المديرية العامة".
كما قالت مصالح اللواء عبد الغني هامل إن "الموقع الإلكتروني للمديرية العامة للأمن الوطني لايزال يستقبل باستمرار إشادات بعض الجمعيات والأفراد بخصوص تضحيات رجال الشرطة أثناء تنفيذهم لعمليات الحفاظ على أمن المواطن وحماية الممتلكات".
وأضاف البيان أن "الإشادات تضمنت تثمينا لسرعة الاستجابة في مباشرة التحقيقات والتي كرست على أرض الواقع مبدأ كرامة المواطن خط أحمر لا يمكن تجاوزه".
وشهدت المحافظة أعمال حرق وتخريب للممتلكات وأغلقت المدارس والمتاجر، بينما شكلت الحكومة خلية أزمة لحلحلة النزاع وتهدئة الأمور بين الطرفين.
واستقبل الوزير الأول عبد المالك سلال وفدين من المتنازعين، بالعاصمة، وتم إبرام ميثاق صلح، كما وقد أحيى الوزير الأول ، ليلة المولد النبوي الشريف في مسجد الولاية، كعربون ثقة أرسله للجانبين، واتخذ قرار يقضي بتوزيع 300 قطعة ارض موجهة للبناء بالتساوي بين الاباضيين و المالكيين.
وبارك أعيان المدينة من الجانبين الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة، غير أن المواجهات تجددت بين شباب المذهبين دون سابق إنذار، السبت، وانتقلت إلى مدينة "بريان" شمال محافظة غرداية، حيث تعرضت ممتلكات خاصة وعامة الى الحرق والتخريب، موازاة مع دخول أعمال العنف المتواصلة في المنطقة شهرها الثاني.
واندلعت المواجهات مجددا، بعد هدوء حذر خيم على المحافظة، بعد مواجهات حديث الخميس الماضي 23 كانون الثاني /يناير، وأسفرت عن مقتل شاب متأثرا بجروح بالجمجمة. كما سجلت المواجهات العشرات من الجرحى.
ودخلت مواجهات غرداية "بورصة الرئاسيات"، حيث نددت رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون ، بـ"اليد الأجنبية" التي قالت أنها تحرك "أذنابها" في الداخل لضرب استقرار الجزائر على مقربة من انتخابات 17 نيسان/ ابريل المقبل.
لكن وزير الداخلية و الجماعات المحلية، الطيب بلعيز، قال خلال مداخلته في البرلمان الجمعة إنه "لا أدلة لنا بتورط جهات خارجية في أحداث غرداية"، بيد أن حنون ردت عليه بالقول " بلى يا سيادة الوزير".
وحمل رئيس حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية السلطة مسؤولية التعفن في المنطقة، في قراءته إعلان مقاطعة الانتخابات.
ويقول مواطنون في المحافظة، إن الوضع بات "خطير جدا" في وقت تتنازع فيه المصالح القضائية والتنفيذية حول من يقوم بمواجهة الوضع بعد خروج الأمور عن السيطرة.
وأوقفت مصالح الأمن سبعة من المشتبه بهم تورطهم في أعمال التخريب وأحالتهم للتحقيق.