لا يختلف
السادي عن
المازوخي من حيث الهدف. كلاهما يبحث عن لذّة. فالسادي تعتريه لذة حين يعذب الآخر، والمازوخي يتلذذ مثله لكن عن طريق تعذيب نفسه. والتعذيب نفسه يتخذ أشكالا عدة وليس شرطا فيه ان يكون هناك سوط او قرباج لاستخدامه في التعذيب.
فالموظف الذي حين تراجعه لإنجاز معاملة ويؤخرها عن قصد كي يجعلك تتعذب بالرواح والمجيء في الأيام الحارة هو موظف سادي. كذلك المازوخي حين يقصد شخصا أو مكانا ما وهو يعلم انه سيلاقي ما لا يرضيه، فانه مازوخي، مثل هذا الذي قال في احد الدارميات:
عمده ارد امر بالدار وشبع مغمّه ونحب نحيب ايتيم من يذكر امه
الطائفيون أيضا نوعان: سادي ومازوخي. الغالب والشائع أن الطائفي سادي يتلذذ بحرمان ابن الطائفة الأخرى من التمتع باي حق من حقوق الحياة. لكن ان تجد طائفيا مازوخيا يتلذذ عندما يؤذيه الطائفي من الطرف الآخر فتلك من النوادر، الا في العراق "الجديد".
حينما نلوم ونحمل رئيس الوزراء بصفته المسيطر والمتصرف الوحيد بالملف الأمني بدءا من القوات المسلحة الى قوات الشرطة، مسؤولية عدم اكتراثه بحماية أرواح الناس من الإرهابيين، يهاجمنا هؤلاء. اكثرهم يناشدنا ان نكتب عن عمليات الإرهابيين بدلا من ان ننحي باللائمة على من سهل لهم الفرار من السجون ولا يمتلك حتى ادنى حدود الخبرة في مقارعة الإرهاب سياسيا وميدانيا.
ما الذي سنضيفه مثلا ان كانت الجهات الرسمية بنفسها تقول انا فقدنا في العام الأخير لوحده بحدود عشرة آلاف قتيل عدا الجرحى والخراب المادي؟ أيتوقع هؤلاء ان مثلنا سيطيعه الإرهابيون حين يلومهم، وهم الساديون بامتياز؟ طبعا لا. من لا يرضى على من يلوم المقصر في حمايته من القتل، مريض. ومن يريد ان نسمعه "المقتل" الجديد ونزيده في النواعي كي يبكي على حاله، مريض أيضا.
محزن، لا بل مخيف جدا مخيف ان يجد هؤلاء الباحثون عن التلذذ بجراحهم حكومة طائفية تلبي حاجتهم. والأكثر حزنا ولا إنسانية معا هو هذا الكم المرعب من الفضائيات والكتاب الذي يبحثون عن شعبية، كشعبية المالكي، من خلال ترك المقصر الحقيقي والانشغال ببث وكتابة بكائيات تغذي مرض المازوخية الطائفية وتجذره في نفوس المظلومين.
(المدى)