قالت صحيفة "التايمز" إن زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى
السعودية تحمل رسالة إلى حكام هذا البلد مفادها "لن تهجرهم".
وأشارت الصحيفة في تقرير نشرته الأربعاء إلى أن العام الماضي "لم يكن جيدا بالنسبة للقيادتين السعودية والأمريكية، ولم تكن علاقات البلدين على ما يرام".
وقالت: "في الخريف الماضي وبعدما رشحت السعودية لاحتلال مقعد في مجلس الأمن من بين الدول غير دائمة العضوية فيه، وكان الجميع يترقبون قبول السعودية بالمنصب، إلا أنها وسط دهشة الجميع قررت رفضه".
وتابعت: "الرسالة من هذا الموقف هو أن السعودية كانت غاضبة وتشعر بالعزلة، والموقف لم يكن كله غضبا عاديا ولكنه موجه بالتحديد إلى الرئيس باراك أوباما وإدارته التي قال السعوديون إنها تخلت عن السوريين ولم تعمل جاهدة لحل القضية الفلسطينية".
وتشير الصحيفة إلى أنه "على الرغم من استمرار العلاقات في مظهرها العادي، إلا أن العارفين بالأمر كانوا يقولون إن العلاقات تمر بأزمة، وكان السعوديون يقولون إن الولايات المتحدة تخلت عنا".
وتقول التايمز إن "السعودية ليست حليفا سهلا فمن داخل حدودها جاء عدد من المتشددين المتحمسين الذين يقومون بتقوية أخطر الجماعات الجهادية على وجه البسيطة، كما أن صورتها الداخلية تتذبذب بين الدولة الحديثة والدولة التي تنتمي إلى القرون الوسطى، بالإضافة إلى أن التزامها بحقوق الإنسان يظل في الحد الأدنى، فيما تظل معاملتها للمرأة والسجناء بربرية، وعمليات الإصلاح فيها بطيئة وأيدت الدول الخليجية الأخرى وساعدتها على قمع حركات الإصلاح".
ويستدرك التقرير بالقول: "لكن السعودية تظل بلدا مهما للعالم والمنطقة، فموقعها الإستراتيجي يجعل من سياساتها تجاه المنطقة وخاصة قيادتها للعالم السني مهمة"، ويتابع: "المبادرة السعودية عام 2007 التي تقدمت بها لحل الصراع العربي الإسرائيلي وإن لم تكن كاملة كانت من أفضل المحاولات البناءة لكسر الجمود بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وتقول الصحيفة: "على الرغم من بطء الاصلاح، إلا أن السعودية ماضية فيه وما يضيف لأهميتها أنها لا تزال تنتج كميات ضخمة من النفط تدير عجلة الاقتصاد العالمي خاصة في آسيا والمحصلة أن السعودية لا تزال دولة مهمة".
ووفق التقرير فإن زيارة الرئيس أوباما للمملكة في الشهر المقبل، والتي أعلن عنها الأسبوع الحالي مهمة أيضا. و"عليه أن يطمئن السعوديين أن الولايات المتحدة لن تتراجع من الشرق الأوسط وأن تعهداتها بحماية حلفائها لا تزال قائمة"، وفقا للصحيفة.
وبحسب التقرير، فقد نبعت فكرة انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة من عدة أمور أهمها جاء من الإنطباع الذي تركته واشنطن عند الدول العربية ومنها السعودية وهو أنها أصبحت أكبر منتج للصخر الزيتي في العالم، على الرغم من أنه ليس بكاف لسد احتياجاتها المحلية من النفط. ومن هنا جاء الحديث عن كون الشرق الأوسط أصبح أقل أهمية.
أما العامل الثاني المسبب لغضب السعوديين أو قلقهم فمتعلق بسورية خاصة بعد فشل الإدارة الأمريكية بالرد وبقوة على تجاوز نظام بشار الأسد خط أوباما الأحمر عندما هاجمت القوات السورية الغوطة الشرقية في آب/أغسطس بالسلاح الكيماوي مما أعطى الجرأة للنظام السوري، وأدى بالسعودية للإستنتاج أن الأمريكيين فقدوا الإهتمام بالمنطقة.
وتضيف الصحيفة: "زاد من مخاوف السعودية عمليات التقارب الأمريكي –
الإيراني بشأن الملف
النووي. فمن خلال الدبلوماسية والتحاور مع روحاني ومدخلها اللين للتقارب معه يشعر السعوديون أن الولايات المتحدة تعمل على خلق قوة شيعية إقليمية مسلحة بالسلاح النووي وهو ما تراه السعودية خطرا وجوديا عليها".
وتؤكد الصحيفة أن "على الولايات التي قالت على لسان وزير خارجيتها جون كيري أنها لن تقبل بانتصار الأسد ولا بحصول إيران على السلاح النووي، العمل لدفع السعوديين لتصديق هذا الحديث كما على أوباما تطمينهم وبقية العالم أن واشنطن ملتزمة بهذا".
وتتابع: "فوق كل هذا يجب اقناع كل طرف من أنقرة إلى أسوان أنه لا انسحاب أمريكيا من المنطقة، ولا تحول في التركيز على الشرق الأدنى حيث تستعرض الصين عضلاتها في الشرق الأوسط كما حدث بعد هجمات 9/11".