ملفات وتقارير

فايننشال تايمز: جبهة النصرة رأس حربة الثورة السورية

مقاتلو جبهة النصرة أشرس الجماعات التي تقاتل النظام السوري وفق الصحيفة - أ ف ب
مقاتلو جبهة النصرة أشرس الجماعات التي تقاتل النظام السوري وفق الصحيفة - أ ف ب
كتب بروزو دراغي في صحيفة "الفايننشال تايمز" تحت عنوان "قوة تتجمع"، وقال فيه إنه بالنسبة للغرب فذراع القاعدة المسلح في سورية هو جماعة إرهابية تمثل خطرا على أوروبا وشمال أمريكيا، ولكن بالنسبة للكثيرين ممن يقاتلون نظام الأسد، وبعضهم ليبراليون وعلمانيون، يعتبر مقاتلو جبهة النصرة حلفاء لا يمكن الاستغناء عنهم، "وهي من أقوى الجماعات المسلحة التي تواجه القوات الموالية لدمشق".

"وعلى الرغم من انضمامها متأخرة للقتال فقد أصبحت رأس الحربة للثورة السورية".

 ويقول الكاتب في مقال تحليلي عن صعود نجم جبهة النصرة: "خلال الأشهر القليلة الماضية، قاتل المعارضون المسلحون الذين يريدون التخلص من نظام الأسد جماعة أخرى تستلهم عقيدتها من القاعدة، ألا وهي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وفي هذا الأسبوع هناك إشارات جديدة عن انضمام النصرة للجماعات غير الجهادية؛ لمواجهة داعش، وإخراجها من المناطق الغنية بالنفط".

 ويضيف الكاتب أنه مع تواصل المحادثات الهشة في جنيف-2 "تظل جبهة النصرة اللغز الأكبر في الثورة السورية".

 ويرى الكاتب هنا أن الجبهة حققت خلال العامين من وجودها ما لم تحققه بقية الجماعات الأخرى؛ حيث أصبحت من أهم الجماعات الجهادية، وتحالفت -على خلاف داعش- مع الجماعات غير الجهادية، وتعمل بشكل مشترك مع الجبهة الإسلامية التي تضم جماعات قوية مثل أحرار الشام وكتائب التوحيد. 

ونقلت عن مسؤولين غربيين قولهم إن النصرة تعتبر من أقوى وأفعل الجماعات التي تحارب نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومع ذلك تعتبر من "الأخطر. 

ويضيف دراغي أن جبهة النصرة استطاعت خلال عامين من ظهورها على الساحة في سورية، القيام بمجموعة من العمليات المعقدة استخدمت فيها الشاحنات المحملة بالمتفجرات، واعتمدت على "العمليات الانتحارية"، واستطاعت بناء شبكة دعم محلي ودولي، واستغلت الشبكة الدولية؛ حيث حصلت على الدعم المالي والمقاتلين الأجانب.

وينقل الكاتب عن المؤرخ البلجيكي بيير فان اوستايين قوله: "كانت جبهة النصرة تقريبا وراء تحقيق كل الانتصارات في كل المعارك  التي خاضها المقاتلون"، مشيرا إلى أن مقاتلي الجبهة يكونون دائما في مقدمة الصفوف، "سواء كانتحاريين أم في السيارات المفخخة، ووظيفة بقية الجماعات هي التنظيف وراءهم".

ويرى التقرير أن أهم ما حققته الجبهة، ولم تكن أي حركة جهادية قادرة على تحقيقه، هو كسبها لعقول وقلوب المواطنين حتى أولئك الذين لا يوافقون على "مواقفها المتطرفة".

ويضيف أن الحركة تتمتع بالشعبية على الرغم من أدلة على عمليات إعدام فورية لمؤيدين للنظام، وفرضها للمظاهر الإسلامية خاصة على النساء.

 وينقل الكاتب هنا عن ليستر قوله: "من بين كل الجماعات المتشدة في الثورة السورية، لعبت جبهة النصرة أنجح الألعاب السياسية البراغماتية"، وأسهم هذا في وضع "فهم جماعة مرتبطة بالقاعدة، وجماعة من جماعات المعارضة، وجزء من المعارضة السياسية، فمعظم الفصائل المقاتلة على الأرض إما تدعم جبهة النصرة او تعترف بها".

وعن سبب شعبية الجبهة، يقول الكاتب إنها كانت من الجماعات التي أثبتت نفسها في ساحة المعركة، وبنت سمعة لها من أن مقاتليها من أشجع وأشرس المقاتلين.

ويشير دراغي أن "أبو بكر البغدادي" زعيم داعش كان أول من  أعلن عنها عام 2012، الذي أصبح اليوم في حالة حرب مع زعيم القاعدة أيمن الظواهري.

 وبرزت فيها شخصية أبو محمد الجولاني وهو سوري الولادة، ويصفه الكاتب بالشخصية الغامضة والجذابة والذي يغطي وجهه حتى في اجتماعاته مع مقاتلي حركته، وهو في الثلاثينيات من عمره، وقاتل الأمريكيين في العراق.

ونمت الحركة وتطورت تحت قيادته وأصبحت جماعة ذات إطار موسع، وبشكل نسبي ذات تمويل، ولها حضور في كل زاوية من زاويا البلاد. ويقدر عدد مقاتليها بنحو 12000 مقاتل، ربعهم من المتطوعين الأجانب.

 وبعيدا عن علاقة الجبهة مع الظواهري، فإن رؤية الجبهة تظل سورية، رغم أن الفرع اللبناني لها نفذ عمليات استهدفت حزب الله الشيعي الذي يدعم الأسد.  

وفي مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية، قال الجولاني: "بدأنا بثمانية أشخاص، واليوم بإمكاننا تحرير مناطق بكاملها وتدمير المطارات،  ومراكز الأمن ذات المحصنة".

و"مِثْل البغدادي، بنى الجولاني تنظيما له اسم معروف، قادرا على جمع المساعدات من الممولين المتعاطفين في شبه الجزيرة العربية، وتقوم جماعته بتوسيع دورها في حقول النفط المربحة، بما فيها تلك في دير الزور التي تعطي آلية للدعم المالي غير متوفرة للجماعات الآخرى".. .

وعلى خلاف البغدادي، بنى الجولاني علاقات جيدة مع بقية الفصائل؛ حيث تشارك النصرة وبشكل منتظم في عمليات عسكرية مشتركة خاصة مع الجبهة الإسلامية التي تضم فصائل قوية مثل أحرار الشام ولواء التوحيد. 

وبحسب أحمد أبو عبيدة، وهو مقاتل سابق يقيم الآن في تركيا يعمل مع لواء التوحيد، "كنا نعتبر داعش والجبهة تنظيما واحدا، ولكن عندما انفصلا عن بعضهما البعض، كان هناك تغير واضح وكبير"، حيث أصبحت الجبهة قوية، وحصلت على أسلحة وبدأت تعمل مع الآخرين.

 ويرى التقرير أن الجولاني برز كشخصية أكثر تأثيرا من البغدادي؛ حيث تجنب النبرة الطائفية التي طبعت خطابات زعيم داعش. 
ويقول محللون إن الجولاني الذي ينتقد الولايات المتحدة، وداعمي الاسد الإيرانيين والروس لم يهدد بشن هجمات خارج منطقة بلاد الشام. 

ويتفق المحللون على أن جبهة النصرة تطورت في الخطاب والأسلوب. ويقول ناشط كردي في مجال حقوق الإنسان: "تنتشر جبهة النصرة في كل أنحاء البلاد، أما داعش فلا".

ويقول: "من الخطأ إعلان الحرب على جبهة النصرة، وقد تحدثت مع الكثيرين داخل سورية، وكلهم يدعمون جبهة النصرة ويرون فيها جماعة قوية في المعارضة، وليس عدوا".

ويضيف: "منذ ظهورها على الساحة القتالية في سورية لم تظهر الحركة أي اهتمام بتنفيذ هجمات بعيدا عن سورية والعراق ولبنان، ولكن الخطر الحقيقي هو تحقيق القاعدة حضورا لها ودعما شعبيا على الأرض".
التعليقات (0)

خبر عاجل