جلست تقلب شهاداتها العلمية ودروع التفوق التي حازت عليها خلال سنوات دراستها الجامعية التي توقفت بعد نيل شهادة الماجستير في التربية الفنية لكنها لم تكن سعيدة لعدم تقدم شاب حتى الآن لخطبتها بعد أن بلغت الثالثة والثلاثين من عمرها .
وتقول جميله الصالحي وهي مدرسة للرسم في إحدى المدارس الاردنية أن مستواها العلمي وعلاقاتها الواسعة مع الناس لم يفلحا في تمهيد الطريق "لصاحب النصيب" للارتباط بها كما تضيف.
وتشعر الصالحي بالقلق من المستقبل خاصة مع تقدم العمر وتقول " أنا الآن في الثالثة والثلاثين من العمر والأيام تمضي ولا ادري متى يتقدم لخطبتي شاب لأكون أسرة وأنجب الأولاد وأعيش كباقي الفتيات المتزوجات".
وتضيف " أنا لا اطلب مهرا كبيرا وليس لي طلبات تعجيزية ولا اعلم سبب تأخري في
الزواج وربما تكون شهادتي العلمية العالية سببا في ابتعاد كثير من الشباب عني".
وأشارت إلى أن كثيرا من الشباب يخشى من الفتاة الحاصلة على شهادات عليا اكبر من شهادته حتى لا تتعالى عليه وتشعره بالنقص كما تقول .
ولم تكن معاناة الشاب سمير أبو بكر بعيدة عن قضية سميرة إلا أن الجانب المادي غلب عليها حيث بلغ من العمر ثمانية وثلاثين عاما ويجد في الزواج عبئا ماديا قاهرا .
وقال ابو بكر أنه وصل إلى هذا العمر ولم يتمكن حتى الآن من شراء اثاث ولا جمع مهر "لفتاة الاحلام" التي باتت شبه مستحيلة كما يقول .
وأشار إلى أن آباء الفتيات يشترطون بكل تعجيزي على الشباب من ناحية المهور وتجهيزات المنزل ولا يمكن لشاب مثلي في وظيفة متواضعة أن يؤمن كل هذه المتطلبات دفعة واحدة .
ولفت إلى أن كثيرا من الشباب انجرفوا بفعل ضغوطات الحياة وعدم قدرتهم على الزواج إلى طرق ومزالق خطيرة وارتكبوا الافعال المرفوضة شرعا وعرفا لأن السبل الآمنة سدت في وجوههم لسبب او لآخر .
وكشفت دراسة عربية حديثة أن 35% من الفتيات في كل من الكويت وقطر والبحرين والإمارات بلغن مرحلة العنوسة وانخفضت هذه النسبة في كل من اليمن وليبيا لتصل إلى 30%، في حين بلغت النسبة 20% في كل من السودان والصومال و10% في سلطنة عمان والمغرب، وكانت في أدنى مستوياتها في فلسطين، حيث مثلت نسبة الفتيات اللواتي فاتهن قطار الزواج 1%.
وكانت أعلى نسبة قد تحققت في العراق إذ وصلت إلى 85%. فيما أشارت نتائج دراسة أردنية إلى تأخر عمر الفتيات عند الزواج الأول إلى 29 سنة، بينما يتأخر إلى 31 سنة لدى الذكور.
أخصائية الاستشارات النفسية والأسرية الأردنية الدكتورة سعاد غيث قالت لـ"عربي 21" أن الاقبال على التعليم خلافا لما كان عليه الحال قبل نحو ثلاثين او اربعين عاما اصبح احد اسباب ارتفاع سن الزواج وتأخر الفتيات والشباب في الارتباط .
وأشارت غيث إلى أن نسبة كبيرة من الفتيات باتت تؤجل مسألة الارتباط بالشاب لحين انتهائها من تحصيلها العلمي العالي وليس فقط شهادة البكالوريوس .
ولفتت إلى أن هذا الأمر أصبح يؤثر في معايير اختيار الفتاة للشاب المتقدم لها فباتت تجلس معه وتحاوره وتحاول معرفة طريقة تفكيره ولم يعد الأمر مقتصرا على عملية زواج تقليدية بحيث ترتبط بأي شاب يتقدم لخطبتها بل أصبحت تفكر في مواصفات معينة ترفض كل من لا تنطبق عليه .
وقالت أن العبء المادي على الشباب هذه الأيام يدفع كثيرا منهم إلى الخوف من الإقبال على
الحياة الزوجية لعدم قدرته على الوفاء بكل متطلباتها والتوجس من الفشل وخسارة الزواج وكل ما أنفقه لجلب السعادة إلى نفسه .
وأشارت إلى أن تأخر الزواج يمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية على نفسية الشاب والفتاة خصوصا من يعمل ولديه وظيفة وتدر عليه دخلا، فمن ناحية الشاب قد يماطل في الزواج خوفا من وجود رقابة من طرف زوجته على تحركاته وخروجه من المنزل وسائر نشاطاته التي اعتاد عليها، أما من ناحية الفتاة فاوضحت أن الموظفات منهن ربما يحتجن إلى زوج يشبع
العاطفة لديهن أكثر من قضية الارتباط والزواج بشكله التقليدي خاصة أن راتبها يغطي كل احتياجاتها فلم يعد الزوج وفقا لتفكيرها هو ذلك الشخص الذي ينفق عليها بل يمنحها العاطفة .