عبد الباسط
ساروت كان حارس مرمى منتخب كرة القدم السورى للشباب قبل انضمامه إلى قوات المعارضة السورية كمقاتل، ويصنفه بشار الأسد الآن على أنه إرهابي. وقد قام الجيش السوري باقتحام الحي الذي يسكن فيه بحثا عنه ولكنهم قاموا بقتل أخيه الأكبر، ودمروا منزل عائلته عندما رفضوا الإستسلام.
ويعرض وثائقي "العودة الى
حمص" قصة ساروت (الذي تم اختياره سابقا كثاني أفضل حارس مرمى في قارة آسيا) بدءا من عرض لقطات له وهو يشعل حماس المتظاهرين السلميين في بداية الصراع، ثم وهو يرافق المصور والناشط أسامة ليطلعه على منزل أسرته الذي تم تدميره بقذائف الهاون، وإشارته الى الثقوب التي يتم استخدامها لإطلاق النار على قوات النظام.
وهكذا تحولت حياة ساروت في خلال ثلاث سنوات إلى نموذج للفرص الضائعة وللحياة التي لم يتوقع أبدا في يوم من الأيام أن يعيشها. وهذا هو نموذج مصغر لكثير من السوريين الذين وجدوا أنفسهم في قلب الصراع الذي طال أمده. وقصة ساروت هي أيضا حكاية تعكس مدى اليأس والاضطرار إلى التسلح كلما احتدم القتال. ولذلك يقول ساروت في هذا الصدد: "لقد تخلينا اليوم عن أحلامنا القديمة."
وقد تم عرض وثائقي "العودة إلى حمص" في الولايات المتحدة لأول مرة خلال مهرجان
صندانس للأفلام في شهر كانون ثاني/ يناير، حيث حاز
الفيلم على جائزة World Cinema Jury، وسوف يتم عرضه الشهر القادم على هامش مهرجان هيومان رايتس ووتش للأفلام في لندن كأول عرض له في بريطانيا. ويتميز الفيلم بتقديمه لرواية شخصية وقريبة للصراع على النقيض من الصورة التقليدية التي تقدمها الأخبار عن
سوريا.
وقد بلغت تكلفة انتاج الفيلم 300 ألف دولار أمريكي، تم الحصول على جزء منها من خلال منح أوروبية. وقد قامت إدارة مهرجان صاندانس بإلغاء مصاريف الإشتراك بالمهرجان لممثلي الفيلم في المهرجان المخرج طلال
دركي والمنتج اوروا
نيرابيا حيث لم يستطيعا دفع المصاريف عبر الانترنت من خلال بطاقات الائتمان. ولم يخلُ تصوير الفيلم من العراقيل.
فعلى سبيل المثال كان القائمون على الفيلم يعتمدون في شحن المعدات على بطاريات السيارات والمولدات المحمولة وذلك بسبب نقص الكهرباء. كما تم إخفاء الأفلام وتسريبها إلى خارج الدولة.
وتظهر أحد المشاهد بعض الرجال في زاوية الشارع وهم يتحدثون، ويقوم آخرون بإعادة بناء الحواجز في الطريق، ويبدو لوهلة أن الحياة الطبيعية قد عادت في وسط الفوضى، ولكن تسمع في الأجواء أصوات إطلاق النار من قناصة متمركزين فوق المباني الحكومية ويدفع الرصاص اثنان من راكبي السيارات إلى جانبي الطريق وتتحرك دبابة في آخر الطريق.
وتلقي القصة الضوء على مدينة حمص القديمة "عاصمة
الثورة"، حيث أطلق عليها هذا اللقب بسبب شجاعة متظاهريها الذين صمدوا أمام الدبابات والغاز المسيل للدموع الذي استخدمته قوات النظام. ولكن المدينة تقبع تحت الحصار منذ 18 شهرا وتحاصرها القوات التي لا تسمح سوى بعبور القليل من المساعدات الإنسانية وحيث لا يمكن الدخول أو الخروج من المدينة.
وقد تشرد الكثير من قاطنيها إما داخل المدينة او إلى المخيمات، وتم اعتقال حوالي 40 ألفا خلال تلك الفترة. ومنذ بدء الثورة في 2011 قتل ما يقرب من 15 ألف شخص في حمص وحدها وتم تدمير ثلثي المدينة. ولا زالت العودة إلى حمص بمثابة حلم بالنسبة للكثيرين.