من المعلوم أن مصنع الحديد في ضواحي صوفيا أغلق أبوابه منذ سنين طويلة، غير أن العاصمة البلغارية ما تزال أشد العواصم الأوروبية تلوثا؛ بسبب سياراتها القديمة.
فلم يساهم إفلاس مصنع الحديد في عام 2008 في التخفيف من الضباب الكثيف الذي يحيط بصوفيا. وبحسب الخبراء، يعزى هذا
التلوث الشديد في هذه المدينة الواطئة المحاطة بجبال إلى السيارات القديمة وزحمات السير الخانقة.
ومن أصل السيارات الـ250 ألفا التي تم شراؤها سنة 2013 في
بلغاريا، كانت 20 ألف سيارة فقط من السيارات الجديدة، بحسب رئيس جمعية لتجار السيارات المستعملة ليوبومير دوروسييف.
وقال: "أصبحنا مقبرة السيارات القديمة في أوروبا؛ إذ إن المحولات الحفازة إلزامية في جميع البلدان المتقدمة".
وكشف كراستيو بيف وهو ميكانيكي يعمل في صوفيا أن "السلطات لا تشجع شراء السيارات الجديدة؛ بحجة أنها تهتم لأمر الفقراء".
وكانت دراسة أجرتها اخيرا وكالة
البيئة الأوروبية (أي إيه إيه) أظهرت أن بلغاريا التي تعد أفقر بلدان الاتحاد الأوروبي، تضم أربع مدن من أصل المدن الخمس الأكثر تلوثا في الاتحاد الأوروبي. ويشمل هذا التصنيف مدينة كراكوفا البولندية في المرتبة الثالثة.
وتصدرت هذه القائمة مدينة بيرنيك الصناعية التي تضم 80 الف نسمة وتبعد 30 كيلومترا عن جنوب غرب صوفيا.
وتخطت بيرنيك الحدود التي وضعها الاتحاد الأوروبي لتلوث الهواء طوال 6 أشهر من العام. وتحدد نسبة تلوث الهواء بحسب الجزيئيات العالقة به الصادرة عن المداخن والسيارات والملوثات.
واحتلت صوفيا المرتبة الـ11 في تصنيف وكالة البيئة الأوروبية، وباتت بالتالي العاصمة الأشد تلوثا في أوروبا، متقدمة بأشواط على بوخارست في المرتبة 56 ولوبليانا في المرتبة 75.
وغالبية هذا التلوث (58% منه) صادرة عن دخان المدافئ في المنازل، بحسب هيئة حماية البيئة في بلغاريا.
وأدى
الفقر المدقع المنتشر خصوصا في البلدات الصغيرة إلى ازدياد عدد السكان الذين يحرقون الحطب والفحم وغيرهما من المواد الملوثة للشعور بالدفء خلال الشتاء القارس في هذا البلد الواقع في شرق البلقان.
وفي بلدة فراتسا الشمالية، تخلى الكثيرون عن نظام التدفئة المركزي بعدما تعذر عليهم دفع تكلفته.
وأغلق المصنع الكيميائي الذي كان يلوث هواء فراتسا بعد سقوط الشيوعية، فانتشر الفقر والبطالة في البلدة.
وبحسب وكالة البيئة الأوروبية، يؤدي تلوث الهواء إلى تفاقم أمراض القلب والأوعية الدموية والتنفس، وهو قد يتسبب بمرض السرطان ووفيات مبكرة.
كما أنه يلحق أضرارا كبيرة بالجهازين العصبي والتناسلي، وليس استخدام الفحم والحطب للتدفئة إلا جزءا من المشكلة في بلد تولد فيه 43% من الكهرباء من محطات حرارية.
وكشف الفرع البلغاري من منظمة "غرينبيس" أن جزئيات الغبار وثنائي أكسيد الكبريت الصادرة عن المحطات الحرارية تتسبب كل سنة بألفي حالة وفاة مبكرة.
وأشار إيفايلو بوبوف من منظمة "فور ذي إرث" غير الحكومية أن بلغاريا تسجل أعلى نسب من أول اكسيد الكربون وثنائي أكسيد الكبريت الصادرة عن المصانع والسيارات.