يكفي زياد اشْنيوْرة (70 عاما) صاحب اللحية البيضاء الطويلة، أن تلتقط يده سماعة هاتفه المجاور لسريره، وتضغط أصابعه أرقام شركة "يونيكير" للاستشارات والخدمات الطبية المنزلية، ليكون بعض أعضائها بجواره في غضون دقائق معدودة.
فذلك لن يجعل المسن اشْنيوْرة يتجرع بعد اليوم آهات وآلام ساقه اليمنى المكسورة والمثبتة بالبلاتين عند الفخذ، أثناء مغادرته السرير، وتكبده معاناة التوجه إلى المستشفى لتنظيف جرحه، فطبيبه وممرضه سيكونان بجواره كلما احتاجهما.
وتعد شركة "يونيكير" الأولى من نوعها في قطاع
غزة، في مجال
الخدمات الطبية المنزلية، وقائم عليها فريق من
الأطباء والممرضين بعضهم من الشباب وممن لم يحظ بفرصة عمل.
وأثناء مرافقتنا لفريق "يونيكير" لمنزل اشنيورة، وقيام الممرضين بالتنظيف والتعقيم حول البلاتين المثبت على فخذه، ظهرت علامات الرضا على تعابير وجهه، وردد كثيرا لهم عبارات الشكر والامتنان لإراحته من معاناة الذهاب إلى المشفى.
وقال اشْنيوْرة إن "فريق يونيكير الطبي خفف عن كاهلي بعض آلام مرضي، فكنت أعاني كثيرا أثناء نهوضي من السرير، أما الآن فكل ما أحتاجه طبيب سيكون متوفرا بجواري".
وأضاف وهو يجلس على سرير مادًّا قدميه عليه، وساندا ظهره إلى وسادته: "ذهابي إلى المستشفى يكلفني كثيرًا ماديا ومعنويا، وكنت أحتاج لأربعة أفراد لمساعدتي على الحركة، والحمد لله لم أعد أثقل على أحد الآن".
واستطرد: "أنا راض وفخور جدا، بأن يوجد في غزة فريق من الأطباء بهذه الكفاءة والتعاون يأتي للمرضى إلى حيث هم، وبأسعار مناسبة".
وكما كانت شركة "يونيكير" سبيل راحة وغاية تمناها اشْنيوْرة، فقد كانت باب الرزق الذي احتضن أشرف قلجة، الخريج الجامعي من قسم التمريض العام، بعد أربع سنوات من
البطالة.
وبعد أن ارتدى الشاب قلجة قفازاته الطبية وعلّق المحلول الطبي للمريض، قال للأناضول إن "شركة "يونيكير" حققت له حلمه أخيرًا في ممارسة عمله، بعد بحث أرهقه جدًا في مدينة محاصرة والبطالة فيها مرتفعة".
ووصل معدل البطالة في قطاع غزة إلى 34%، في نهاية العام الماضي، كما أعلنت إحصائيات لوزارة العمل في الحكومة المقالة بغزة.
وعن إقبال الناس وتفاعلهم مع خدمة شركته التي تعتبر غائبة تماما عن غزة، قال قلجة: "هناك تقبل من المجتمع للفكرة، بل هم سعداء لأنها لن تكبد المرضى معاناة الذهاب للمستشفيات، وخاصة كبار السن وأصحاب الحالات الحرجة".
من جهته، قال نائب مدير الشركة أسامة المغني (38 عاما)، إن "شركته حصلت على تصريح (عدم ممانعة) من وزارة الصحة في حكومة غزة المقالة، كونها سابقة لم يعرج لها القانون الفلسطيني من قبل".
وتابع المغني وهو أخصائي "علاج طبيعي": "حصلنا على وعود من الوزارة في إصدار ترخيص لنا، بعد متابعتها لعملنا، وموافقتها على خدماتنا".
وتقدم الشركة خدماتها الطبية على مدار الساعة، في مجال الطب العام والخاص والتمريض والعلاج الطبيعي وطب الأطفال والأسنان، إضافة إلى مختبر تحاليل طبية خاص بها.
وتضم الشركة ثلاثين موظفًا موزعين على مستوى قطاع غزة، ولا تقل خبرتهم عن عامين وخاضوا مقابلة وظيفية أمام كادر طبي ذي كفاءة، وفق المغني.
ولفت المغني إلى أن فكرة شركته الوليدة التي لم يمضِ عليها أكثر من شهرين، تقلى ترحيبا وانتشارا بين المواطنين يوما بعد الآخر، "فكل شيء في بدايته صعب، فكيف لو كنا في مدينة محاصرة"، على حد تعبيره.