أشار ماكس روزنتال و جوشوا هيرش في مقال كتباه لصالح موقع "هفنغتون بوست" إلى مخاطر
التدخل العسكري في ظل تفكير الإدارة الأمريكية بتوسيع جهود الإغاثة في سورية.
وقال الكاتبان إن الإدارة الأمريكية تتعرض لضغوط واسعة من أجل البحث عن "خيار عسكري يخفف من المعاناة الإنسانية في سورية"، لكنهما يشيران إلى حديث النقاد عن أن "الخطط التي تناقش داخل الإدارة تحمل مخاطر تدخل أوسع تجر الأمريكيين إلى حرب طويلة".
وفي تقرير نشره نفس الموقع وأعده هاوارد فاينمان الجمعة الماضية، أشار إلى أن البيت الأبيض يدرس مجموعة واسعة من الخيارات تؤكد على اتخاذ تحركات بدون اللجوء إلى العمل العسكري.
لكنه ينقل عن محللين عسكريين ومحاربين سابقين قولهم "إنها تحمل مخاطر الانزلاق إلى حرب مباشرة أو عدم التدخل أبدا".
ويقول بيتر مانسون، وهو ضابط متقاعد وخبير في شؤون الشرق الأوسط يدعو إلى عقد نقاشات عميقة حول آثار التدخل في سورية إنه "عادة ما يقلل الأشخاص؛ بنوايا طيبة من مخاطر الإجراءات المطلوبة، ولهذا فعادة ما تنتهي التدخلات بدون أن تحقق الأهداف الأصلية التي بدأت من أجلها، وحتى بعد مسلسل من التصعيد".
ويضيف إنه "إذا كنا فعلا جادين في التدخل في هذه الأوضاع المعقدة والعنيفة في العالم، فإننا نحتاج إلى أن نكون صادقين حول الاستثمار الحقيقي المطلوب"، لأن "أي مدخل يقلل من تداعيات الاستثمار منذ البداية، ويدعو لوضع قدم على الباب، قد يقود إلى جهود مفككة قد تكبر في النهاية أبعد مما كان متوقعا، ولا تؤدي بالضرورة إلى تحقيق الأهداف الأولية" للتحرك.
وبالنسبة للتدخل العسكري في سورية، يقول كاتبا المقال إنه "دائما ما يؤدي إلى إطلاق التصريحات المحذرة من المحللين في الشأن السوري ومسؤولي الحكومة الذين يعبرون عن قلقهم من النتائج غير المتوقعة، أو من خطر تورط الولايات المتحدة في حرب فوضوية وعنيفة".
أما النسبة للخطة التي تحدث عنها تقرير فاينمان، يضيفان، "فتدعو الجيش العسكري للمساعدة في نقل المساعدات الإنسانية إلى الحدود السورية، ولكنها تمنعه في الحقيقة من دخول البلد". وفي الوقت الذي سيظل فيه الجيش الأمريكي في هذا الخيار على الهامش، إلا أن تشارلس ليستر، الباحث الزائر في معهد بروكينغز- الدوحة، قال إن "الجهود الأمريكية من المحتمل أن تعتمد على الأردن وتركيا لتأمين شحنات المساعدات وحمايتها من الجماعات المسلحة أو عصابات النهب. وحتى لو بقيت الولايات المتحدة على الهامش، فالجيش الأمريكي قد ينجر بسهولة إلى القتال". ويوضح الموقف أكثر بالقول "فالجيش التركي قد يطلق النار على الحدود، وإذا تم التصعيد فالجيش الأمريكي قد يجد نفسه منجرا لشيء ليس لديه نية المشاركة فيه بالمقام الأول".
ويقول الكاتبان "في عام 2013 أخبر مارتن ديمبسي، أبرز القيادات في الجيش الأمريكي الكونغرس أن أية خطة للتدخل ذات ثمن خطير ومكلف، وقد تؤدي إلى تداعيات غير متوقعة"، وقال "عندما نقرر التحرك، علينا تحضير أنفسنا لما سيحدث بعد"، معتبرا أن من "الصعب تجنب الانخراط العميق" في الأزمة.
أما "بالنسبة للداعين للتدخل، فيقولون إن المخاطر، مهما كانت، ستكون أفضل من الاحتمالات السلبية، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار عمق الكارثة التي تصيب ميادين المعارك والبلدات في شمال سورية، وهناك أكثر من 100 ألف قتلوا في الحرب وأكثر منهم جرحوا أو يعانون من الجوع ويفتقدون لأبسط الاحتياجات الإنسانية".
وينقل المقال عن شادي حميد من معهد بروكينغز- فرع من مركز سابان في واشنطن قوله "إذا كان هناك تدخل بهدف معين، يركز على إيصال الطعام والدواء لمجموعات سكانية محددة، وتريد أن تتجنب المهمة الزاحفة (التورط)، فيجب عندها أن تقوم بتحديد أهدافك بشكل واضح". ويستبعد حميد عمليات عسكرية واسعة من تلك التي يخاف من وقوعها نقاد التدخل، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار غياب الدعم الشعبي للتدخل، وتردد إدارة أوباما في اتخاذ قرار بهذا الشأن. ويضيف "لا يوجد دعم شعبي"، "وأوباما لا يريد ذلك أبدا".
ويقول الكاتبان إنه "في الوقت الذي ستساعد شحنات الإغاثة على التخفيف من المعاناة، إلا أن إنهاء الكارثة الإنسانية يقتضي نهاية الحرب، فالولايات المتحدة ملتزمة وترعى اتفاقية السلام بين الحكومة السورية والمعارضة، وهي بحاجة للدعم الروسي والإيراني كي تنجح في مساعيها".
لكن المشكلة أنهما، أي روسيا وإيران دعمتا "الموقف المتشدد للحكومة السورية في محادثات السلام في جنيف". ويقول شادي حميد إن منظور الخيار العسكري الأمريكي قد يساعد في الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه، ودفعهم نحو نقاش جدي".
ويشير الكاتبان إلى موافقة روسيا "يوم السبت على القرار الذي مُرر بالإجماع في مجلس الأمن، والداعي إلى مرور المساعدات الإنسانية لكل المناطق في سورية، بعد أن عارضت ثلاث محاولات"، ويضيفان إنها "رغم دعمها للقرار، إلا أن روسيا عارضت اللغة التي هددت بفرض عقوبات على نظام الأسد في حالة عدم فتحه الحدود لمؤسسات الإغاثة الدولية". وإذا كانت هذه الخطوة تعتبر كبيرة بالنسبة لحلفاء سورية، فإن تشارلس ليستر يحذر من تدخل عسكري أمريكي متعجل، ما سيؤدي إلى تنبيه كل من روسيا وإيران، ويقضي على الآمال القليلة التي بقيت للتفاوض من أجل انهاء الحرب.
ويقول "أي تحرك لتقديم الدعم.. قد يؤدي إلى مخاطر حقيقية، وقد يحرك الدول الداعمة للأسد بعيدا عن اهتماماتنا، والتي تتركز الآن على إيجاد حل سياسي للأزمة"، وهو أمر "ينبغي أن يظل في ذهننا"، حسبما يرى شادي حميد.