تفيد الإحصاءات الصادرة عن كلية أبحاث السلام والتسلح الدولي (سيبري)، وهي مؤسسة مختصة في دراسات تجارة السلاح على مستوى العالم، بأن الإمارات والسعودية تقعان في الدرجة الرابعة والخامسة من حيث حجم الأسلحة المستوردة على مستوى العالم كما أن الكويت زادت من كميات الأسلحة المستوردة.
فبحسب إحصائيات سيبري التي نشرت هذا الأسبوع فإن مبيعات السلاح ما بين عام 2009-2013 زادت بنسبة 14% عن مبيعات 2004-2008.
وتبين تحليلات سيبري أن أكبر المستوردين في العالم هم: الهند والصين وباكستان والإمارات والسعودية وأكبر مصدري السلاح هم الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا.
وأشارت إلى أن السعودية وضعت نفسها في موقع اللاعب المسؤول عن أمن المنطقة كما تشير كمية الأسلحة المستوردة إلى ذلك.
ومع أن خطة التوصل إلى اتفاقية أمنية بين دول مجلس التعاون
الخليجي لم تنجح إلا أن السعودية ترى نفسها القوة العسكرية الوحيدة مقابل إيران والتهديدات الإقليمية الأخرى.
ويقول الدكتور جوزيف كتشتشيان، كبير الباحثين في مركز الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية في الرياض، إن "إيران تهديد خطير إيران والسعودية ليستا عدوتين لدودتين إنهما جارتان ويجب أن تتفاهما معا."
و يضيف "ولكن طموحات إيران واضحة فهي تريد أن تصبح المسيطرة في المنطقة فلا ترى إيران السعودية كجارة لها كما أنها تريد نشر التشيع في الكويت والسعودية والبحرين وبقية الدول".
وأشار كيتشتشيان إلى أن الخميني قال خلال الثورة الإيرانية: "أنا أكره الملكية .. إنها تتنافى مع الإسلام".
ويضيف كيتشتشيان: "حسنا، إن كنت تكره النظام الجار فهذا يولد مشاكل" في إشارة إلى النظام الملكي في السعودية لافتا إلى أن"التهديد الإيراني ليس مزحة".
وقال "التهديد من إيران وحدها ولكن هناك تهديدات من سوريا واليمن
وأشار إلى أن حجم السعودية الكبير يبرر شراءها للطائرة الأوروبية المقاتلة (يوروفايتر تايفون) من المملكة المتحدة وطائرات أخرى من الولايات المتحدة مع أن النظام السعودي يواجه تهديدا داخليا أيضا.
ويتوقع زيادة استيراد السلاح وزيادة في اعداد التايفون المستوردة بالإضافة إلى 154 طائرة اف-15 الأمريكية التي ستسلم عام 2015.
وفي عام 2013 اشترت السعودية من كندا عربات مصفحة بعشرة مليارات دولار كما أنه من المتوقع طلب المزيد من العربات المصفحة من صربيا والدبابات من ألمانيا.
كما وصل لكل من السعودية والإمارات ما بين 2009 و 2013 آلاف القنابل الموجهة من الولايات المتحدة.
وتسلمت السعودية من المملكة المتحدة مئات صواريخ الكروز الجوية (ستورم شادو) والتي يصل مداها إلى 3000 كم. وبتحميل هذه الصواريخ على الطائرات المقاتلة وبالإضافة إليها طائرات التزويد بالوقود في الجو المشتراه من إسبانيا فإن هذه الصواريخ تغطي معظم مساحة إيران.
ووافقت الولايات المتحدة عام 2013 لأول مرة أن تدخل في مفاوضات حول بيع صواريخ (إي جي إم-84-إتش) للسعودية والإمارات كما وصل للبحرين والإمارات صواريخ أرض أرض من الولايات المتحدة.
وعوضت إيران جزئيا عن عدم تمكنها شراء طائرات مقاتلة بعيدة المدى بإنتاجها صواريخها المتفجرة الخاصة.
وأشار بيتر ويزيمان، كبير الباحثين في سيبري، إلى ضعف التصنيع الحربي في السعودية مقارنة بجيرانها مثل مصر.
وقال: "إن السعودية استوردت آلاف الفنيين لصيانة الأسلحة المستوردة ولتركيب الأسلحة الجديدة".
وأضاف "صناعتها الحربية تعتمد على استيراد التكنولوجيا ومؤخرا حصل السعوديون على ترخيص بإنتاج البنادق الألمانية (هكر أند كوتش) وبنوا مصنعا في السعودية للقيام بإنتاج المطلوب".
واتخذت الإمارات خطوات مشابهة لتعزيز قطاع الدفاع لديها وبنت مصانع لتجميع العربات المصفحة وبناء السفن.
وأشار إلى أن صناعتها العسكرية أكثر تقدما من السعودية ووجود صناعة أسلحة محلية تحمي الدول من نتائج المقاطعة والمشاكل الإقليمية وتزيد من الأمن بشكل عام.
وبينما تنفق الإمارات والسعودية ميزانياتها الدفاعية بأسرع ما يمكن انضمت قطر إلى سباق التسلح الخليجي.
ويقول ويزيمان: "كان لدى قطر قوة جوية صغيرة في الماضي ولكن الآن دخلوا اللعبة حقيقة".
و أضاف أنها بلد "تحافظ على أسرارها.. لذلك من الصعب معرفة ما يدور خلف الستار ولكن هناك إشاعات بأنها طلبت 60 طائرة حربية".
وأشار ويزيمان إلى أن موقع كل من قطر والإمارات كلاعبين في السياسة الخارجية يدفع بهما لزيادة النفقة العسكرية.
وكانت الإمارات قد أرسلت جنودا إلى كل من كوسوفو (أول عملية عسكرية خارجية للبلاد) وأفغانستان وكلا البلدين شارك في العمليات الجوية في ليبيا.
ومنذ عام 2011 لم تدعم قطر الحرب في سوريا فقط ولكنها دعمت أيضا الإخوان في مصر، وهناك اتهام لقطر بأن عناصر قطرية أججت إضطرابات في الإمارات وإلى حد ما في البحرين.
ولفت الكاتب إلى أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي الآن غاضبة على قطر لدعمها للإخوان المسلمين مع أن الإسلام السياسي لم يعد بالتهديد الذي كان عليه عام 2011 إلا أن الإسلاميين لا يزالون يعتبرون مصدر تهديد لأنظمة الحكم الوراثية في دول الخليج.
ورفضت قطر حديثا التوقف عن دعم الإخوان المسلمين ما أدى لاحتجاجات دبلوماسية حيث سحبت كل من البحرين والإمارات والسعودية سفراءها من الدوحة، وهددت بالمزيد من الإجراءات إذا أصر أمير قطر الجديد بعدم الالتزام بسياسة مجلس التعاون الخليجي في الوقوف ضد الإسلاميين في الخليج.
ويقول المحللون بأن الاستثمار في الأسلحة الجوية هو التوجه الصحيح لمواجهة المخاطر الإقليمية والداخلية في آن واحد.
ويقول ويزيمان "أنا لست مقتنعا بأن يستثمروا بهذا الحجم". "فالمرة الأخيرة التي استخدمت السعودية سلاحها الجوي كان عندما استخدموه ضد الحوثيين في اليمن - لم ينجحوا وأنا أفهم لماذا يريدون أن ينفقوا المزيد".
ولكن الحرب ضد الإسلاميين لا يتم خوضها بالطائرات ولا الدبابات ولكن على الإنترنت وعن طريق ضباط مخابرات توظفهم حكومات الخليج.
ولفت إلى أنه يعتقد أن الإمارات والبحرين مثلا قامتا بشراء برنامج كمبيوتر يسمى الـ"فين فيشر" والذي تصفه الشركة المنتجة في المملكة المتحدة جاما انترناشيونال بـ"نظام إختراق أجهزة الحاسوب والمراقبة عن بعد للحكومات".
وتؤكد شركة جاما إنترناشونال أن برنامجها تمت قرصنته ولا يستخدم بشكل قانوني في البحرين والإمارات ومصر (حيث وجد البرنامج في مقر أمن الدولة المصري بعد سقوط مبارك).
ويقول ويليام هيج أن مسألة تصدير برامج الاختراق والمراقبة من المملكة المتحدة صعبة على التقنيين حيث تقع في حيز غير واضح المعالم.
ولكن مصدرا كبيرا في البرلمان قال لمرصد الشرق الأوسط (ميمو) إن الحكومة لا تملك "أي رؤية" لكيفية التعامل مع تصدير البرامج لتستخدمها الأنظمة القمعية.
وأشار إلى أن المجموعات الضاغطة مثل (بريفسي انترناشيونال) و (أمنستي انترناشيونال) تنتقد بصوت عال التراخي في ضبط تصدير برامج الاختراق و أعربت عن قلقها للبرلمان أكثر من مرة.
وتقوم دول الخليج بمحاربة التهديد الداخلي باستيراد ونشر الأسلحة غير الفتاكة مثل الغاز المسيل للدموع بالإضافة إلى برامج الإختراق.
وقد طلبت البحرين حديثا شحنة من قنابل الغاز المسيل للدموع من كوريا الجنوبية ولكن الصفقة ألغيت عندما ضغطت مجموعات على الحكومة الكورية لسحب ترخيص تصدير الشحنة.
وكانت الشرطة البحرينية قد أساءت استخدام الغاز المسيل للدموع إما بإطلاقه داخل البيوت بينما كان أصحابها نائمين وإطلاق هذه القنابل على المتظاهرين من مسافة قريبة أو استخدام كميات كبيرة من الغاز على مجموعات صغيرة حيث مات عدد من المتظاهرين بسبب إساءة استخدام الغاز.
ونظرت جمعيات حقوق الإنسان إلى آخر أرقام نشرها سيبري نظرة سلبية.
وقال روري دوناغي مدير مركز الإمارات لمرصد الشرق الأوسط: " إذا نظرنا إلى التسلح آخذين بعين الاعتبار عدد السكان سنجد أن الإمارات أكبر متسلح في العالم وهذا الأمر يجب أن يقلق الجميع وخاصة إذا ما اعتبرنا سجل الإمارات السيء في حقول الإنسان.
ويذكر دوناغي الاختفاء القسري والتعذيب والمحاكمات غير العادلة كدليل.
وقال اندرو سميث، من حملة مناهضة تجارة السلاح، "كان يجب اعتبار الربيع العربي كنقطة تحول وفرصة للغرب لمراجعة علاقاتها التجارية مع دول الخليج ولكن للأسف زادت المبيعات للحكومات الاستبدادية والقمعية في المنطقة.
وأضاف "وهذا مثال آخر لتقديم مبيع الأسلحة والحسابات السياسية على حقوق الإنسان".
عن ميديل إيست مونيتور