تستعد
القوات النظامية السورية مدعومة بعناصر من
حزب الله اللبناني، لشن هجوم على ثلاث بلدات قريبة من الحدود اللبنانية بعد استعادتها الاحد مدينة يبرود، أبرز معاقل المعارضة في منطقة القلمون شمال دمشق.
وقال مصدر أمني سوري الاثنين إن "الجيش سيطلق عملياته في كل المناطق التي تتواجد فيها المجموعات الارهابية المسلحة (في اشارة الى
مقاتلي المعارضة) بحسب الخطة الموضوعة".
واوضح ان هذه العمليات ستتركز في رنكوس جنوب يبرود، وبلدتي فليطا ورأس المعرة الى الشمال الغربي منها التي لجأ اليها مقاتلو المعارضة الذين كانوا متحصنين في يبرود. وتعد هذه البلدات آخر المناطق التي يتواجد فيها المقاتلون في منطقة القلمون الجبلية الاستراتيجية.
واوضح المصدر الامني "الهدف النهائي لهذه العمليات هو تأمين المنطقة الحدودية بشكل كامل، وإغلاق كل المعابر مع لبنان" التي يستخدمها المقاتلون كطرقات إمداد مع مناطق متعاطفة معهم في لبنان.
وكانت القوات النظامية مدعومة بعناصر من حزب الله، سيطرت في شكل كامل الاحد على يبرود، بعد عملية عسكرية استمرت 48 ساعة.
وأفاد مصدر مقرب من الحزب بأن أحد أسباب سرعة اتمام العملية يعود الى تنفيذ فرقة "كوماندوس" من عناصره عملية سريعة نهاية الاسبوع، أدت الى مقتل 13 قائدا للمقاتلين بينهم ابو عزام الكويتي، ابرز مسؤولي جبهة النصرة الذي نفذ في كانون الاول/ ديسمبر عملية اختطاف 13 راهبة مسيحية أفرج عنهن قبل اسبوع -بحسب المصدر نفسه-.
ويعكس تراجع المعارضة الأخير هذا الانقسامات التي تضعفها، فيما لم تجر تلبية دعوات المعارضة السياسية الى المجتمع الدولي لتزود المعارضين المقاتلين بالسلاح.
وتحدث المصدر الامني السوري عن مواجهات بين المعارضين الذين أقروا بالهزيمة وجهاديي جبهة النصرة الذين أرادوا القتال حتى النهاية في يبرود.
وأفاد مقاتل محلي في جبهة النصرة على صفحته على "فيس بوك" بأن اكثرية المقاتلين المعارضين، انسحبوا من المدينة فجأة وتركوا الجهاديين يقاتلون وحدهم الاحد.
وروى جنود منهكون في يبرود كيف جرت معركة محتدمة في المدينة حيث اختبأ عشرات القناصة.
ولم يظهر أي مدني في المدينة التي ظهرت عليها آثار الحرب؛ حيث تدلت الكابلات الكهربائية، وتكسرت النوافذ، وخلفت القنابل ثغرات في الجدران، وانهارت الاسطح تحت غارات الطيران.
وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، الاثنين، إن 150 عائلة عبرت الحدود الى عرسال منذ السيطرة على يبرود، مشيرة الى ان المنظمات الاغاثية توفر الغذاء والحاجات الاساسية لهم.
وأفادت صحيفة الوطن السورية -المقربة من السلطة- بأن وحدات من الجيش أعلنت شمالا "بلدة الزارة بريف تلكلخ آمنة" في اتجاهها الى الحصن، حيث قلعة الحصن آخر معاقل المعارضة في غرب محافظة حمص.
الى جانب السيطرة على الحدود مع لبنان، تجيز السيطرة على يبرود للجيش السوري ضمان امن طريق دمشق-حمص القريبة.
وتعتبر هذه السيطرة محورية كذلك لحزب الله الذي يؤكد ان غالبية السيارات التي انفجرت في مناطق نفوذه في الاشهر الاخيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت ومنطقة البقاع (شرق)، فخخت في يبرود وادخلت الى لبنان عن طريق عرسال.
لكن بعد ساعات على السيطرة على المدينة انفجرت سيارة مفخخة يقودها انتحاري في بلدة النبي عثمان اللبنانية قرب الحدود ليل الاحد، ما ادى الى مقتل شخصين واصابة 14 اخرين بجروح. وتبنت الهجوم "جبهة النصرة في لبنان"؛ انتقاما على "اغتصاب" يبرود. وفجر الجيش اللبناني سيارة مفخخة اخرى في المنطقة.
وأتت هذه الاحداث بموازاة وجود الوسيط الدولي لسوريا الاخضر الابراهيمي في ايران حليفة النظام السوري، للسعي الى حل للنزاع بعد جلستين فاشلتين من المفاوضات بين المعارضة والنظام في جنيف.
من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاثنين تعيين الدبلوماسي دانيال روبنشتاين مبعوثا خاصا لسوريا، خلفا لروبرت فورد السفير الاميركي السابق في
سوريا الذي تقاعد وترك منصبه كمبعوث خاص الى سوريا الشهر الماضي.
وقال كيري في بيان إن "قدرات المبعوث الخاص روبنشتاين في القيادة ستكون مهمة اثناء مضاعفتنا لجهودنا في دعم المعارضة المعتدلة ودعم شركائنا ومواجهة تزايد التطرف الذي يهددنا جميعا، ومعالجة الازمة الانسانية الخانقة وتأثيراتها في الدول المجاورة".
وأسفر النزاع الدامي المستمر منذ ثلاث سنوات في سوريا عن مقتل أكثر من 146 الف شخص، وأجبر اكثر من تسعة ملايين من اصل 22 مليون نسمة على النزوح من ديارهم فيما دمرت البلاد التي تشهد ازمة انسانية خانقة.