اتهمت مؤسسة حقوقية
فلسطينية، جنود الاحتلال بقتل القاضي الأردني رائد
زعيتر بالرصاص، على نقطة التفتيش والأمن الأولى في
معبر الكرامة بين الأردن وفلسطين المحتلة، بتاريخ 10 آذار (مارس) 2014.
وقالت مؤسسة "الحق" لحقوق الإنسان في تقرير صحفي الأربعاء (19/3) إن تحقيقاتها أظهرت أنه "كانت هناك نية واضحة بالقتل لدى جنود الاحتلال، إذ كان بإمكانهم التعامل مع احتجاج القاضي رائد زعيتر على إهانته وسوء معاملته من قبل الجندي بأي طريقة أخرى بما فيها اعتقاله، كما كان واضحا للجنود بأنه لا يمتلك أي شيء قد يهدد ويعرض حياتهم للخطر، خصوصاً وأنه كان يبعد عنهم لحظة إطلاق النار عليه أكثر من ثلاثة أمتار، كما كان قبل ذلك متوقفا بالقرب منهم ما يعني بأنهم على معرفة ويقين بأنه لا يشكل خطرا ولا يحمل أي شيء قد يثير الشبهة والريبة أو يهدد حياتهم".
وأضافت المؤسسة تقول إنه "لو سلمنا جدلا بأن القاضي رائد زعيتر قد شكل خطراً فعليا لحظة نهوضه عن الأرض، فقد كان بإمكانهم إطلاق رصاصة نحو ساقه لتعطيل حركته وليس إطلاق أربع رصاصات نحو منطقة الفخذين والحوض، خاصة أنها من بندقية أوتوماتيكية ومن مسافة قريبة جدا".
وأوضح التقرير "أن إطلاق أكثر من جندي بذات الوقت للرصاص نحو الضحية دون تحذير مسبق كما هو مقر ومعمول به استناداً لمدونات إطلاق النار واستخدام القوة من قبل المكلفين بإنفاذ القانون، يؤكد على مدى استهتار الجنود بأرواح المدنيين، وعلى وجود تعليمات تسمح للجنود بالقيام بمثل هذا التصرف".
وأكد التقرير أن الطواقم الطبية
الإسرائيلية تأخرت حيث وصلت بعد نحو 20 دقيقة، رغم وجود هذه الطاقم على المعبر "الأمر الذي يعني لامبالاة من قبل سلطات الاحتلال والقائمين على المعبر حيال مصير الضحية" وبحسب تقرير منظمة "حق" فإن "هذه الطواقم تركت الضحية ينزف حتى الموت".
واعتبر التقرير على أن الرواية الإسرائيلية بأن
الشهيد زعيتر حاول نزع سلاح أحد الجنود على المعبر، تؤكد "سعي سلطات الاحتلال لتحصين جنوده والعمل على عدم مساءلتهم وضمان إفلاتهم من المسؤولية والعقاب، كما تؤكد هذه الادعاءات الفورية على نهج التبرير لتصرف جنود الاحتلال، وليس على نهج العدالة وكشف الحقيقة والمساءلة عن هذا الانتهاك".
وحول ملابسات عملية الاستشهاد، أفادت "الحق" أنه في حوالي الساعة 8:30 صباحا وصلت الحافلة التي يستقلها القادمون إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة من نقطة المغادرة على الحدود الأردنية الفلسطينية إلى محطة التفتيش الإسرائيلية الأولى قرب مياه نهر الأردن، حيث توقفت الحافلة بمحاذاة ساحة صغيرة محاطة بسياج حديدي وفيه مدخليّن، وحينها طلب جنود الاحتلال من القادمين النزول من الحافلة دون حمل أي متاع مهما كان حجمه ووصفه، إذ يحظر على الركاب في هذه المحطة إنزال أي متاع كان بما فيها حقائب اليد للسيدات، وحينها يصعد أحد الجنود لفحص الحافلة وبعد هبوطه يسمح للمسافرين بالعودة مجددا إلى الحافلة.
وأضاف التقرير يقول إنه وعند تفتيش الحافلة يتواجد جنديان مسلحان أو أكثر لمراقبة المسافرين ويكونوا على مسافة تتراوح بين ثلاثة أو خمسة أمتار من المسافرين كما توجد حجرة بجانب ساحة انتظار الركاب يتواجد بها أيضا بعض الأفراد من أمن الاحتلال، و عند السماح للمسافرين بالعودة إلى الحافلة، بدأ الركاب بالصعود إليها وكان يقف القاضي رائد زعيتر قرب مقدمة الحافلة وكان هناك شخص آخر أيضا يقف بالقرب من الباب الخلفي للحافلة .. كما كانت هناك سيدة مع طفلها تنتظر انتهاء طفلها الآخر من استخدام مرافق المياه، بحيث كان الثلاثة إلى جانب الطفلين آخر الركاب المتبقين من مجموع ركاب الحافلة .. وعندما أصبحت السيدة بمحاذاة باب الحافلة وعلى بعد نحو متر واحد من القاضي رائد زعتير الذي كان قرب مقدمة الحافلة دفعه الجندي الذي قام بجولة التفتيش في الحافلة، لتأخره عن الصعود، فرد القاضي بدفع الجندي عنه وتعارك الجندي والمسافر للحظات وقوفاً.
ومباشرة، وبحسب رواية المؤسسة الحقوقية، فقد اقترب جنديان إسرائيليان آخران في الموقع من الجندي الثالث وقام ثلاثتهم بدفع القاضي زعيتر إلى جهة الشارع أمام الحافلة ثم تراجعوا خطوتين، وبعد أن نهض القاضي عن الأرض اخذ بالصراخ وكانت يداه مرفوعة للأعلى ويصرخ متذمراً من إهانته وتقدم باتجاه الجنود، في هذه اللحظة وكما أفاد شهود العيان صوّب الجنود أسلحتهم باتجاه القاضي الذي كان يبعد عنهما ما بين 3 -4 أمتار تقريباً، وسمع إطلاق رصاصة واحدة تلتها ثلاث رصاصات أخرى نحو القاضي الذي اهتز جسده من الرصاص وكان يتراجع عند إطلاق النارعليه حيث سقط على الأرض.
وأضاف التقرير يقول في سرد رواية الاستشهاد إنه في هذه اللحظات قام سائق الحافلة بالدخول إليها وإغلاق الأبواب، بعد فترة قليلة، تقدم أحد الجنود الإسرائيليين من سائق الناص الأردني وطلب منه إبلاغ المسافرين بالنزول من الحافلة الواحد تلو الآخر وبدأ المسافرون بالنزول، وتم إجبار الرجال والشبان على الانبطاح على الأرض ووجوههم نحوها، وتم إجراء تفتيش جسدي لكل المسافرين على الحافلة وتم تفتيش النساء وقوفا.. وقد نزل كافة الركاب لإجراء التفتيش بعدها أمر الجنود الركاب بالصعود مرة ثانية إلى الحافلة.
وكشف التقرير على أنه خلال هذه المرحلة كانت جثة القاضي زعيتر ملقاة على الأرض ولم يقترب أي شخص من الإسرائيليين منها لمعاينتها أو فحصها ومعرفة مصيره.
و بعد عدة دقائق عاد الجنود وطلبوا من ركاب الحافلة النزول مرة أخرى والتوجه نحو البوابة الحديدية (المقابلة لنقطة تفتيش الدخول الأولى التي تم فيها إطلاق النار على القاضي زعيتر) وهي البوابة الحدودية التي يتجه المسافرون من خلالها إلى الأردن خارجين من جسر "اللنبي" وأمر الجنود سائق الناص بالرجوع 20 متراً تقريباً، عن مكان وقوفه في تلك اللحظات كما أفاد شهود عيان، حضرت تعزيزات شرطّية وجنود إسرائيليين إلى المكان، ومسعفون يرتدون الزيّ الأبيض، وشوهدوا من قبل المسافرين يقومون بمحاولة إسعاف القاضي زعيتر الملقى على الأرض وذلك من خلال الضغط على صدره، ثم قاموا بلف الجثة بالقصدير.
وبحسب التقرير أيضا، فإنه بعد حوالي ساعة تقريباً من لحظة إطلاق الرصاص على القاضي زعيتر طلب أحد الجنود من الركاب أن يتقدم كل 5 أشخاص على انفراد لكي ينقلوا حقائبهم بعد تفتيشها لحافلة أخرى، وأثناء قيام أحد شهود العيان بفتح حقائبه وتفتيشها حضر أحد ضباط المخابرات الإسرائيليين وسأله عن حقيقة ما جرى، حيث أبلغه الشاهد بما جرى وأنه وقعت مشاجرة بين الضحية والجنود تطورت لعراك ليتم في النهاية إطلاق النار على القاضي زعيتر من قبل الجنود الإسرائيليين.