قال دبلوماسي أمريكي إنه في حالة فوز المشير
السيسي وزير الدفاع بمنصب الرئيس في
مصر، "سننصحه فورا بـ"لملمة" البلد بأي طريقة يراها مناسبة، وفتح حوار مع الإخوان أو مع أي طرف آخر".
وأضاف الدبلوماسي -وفقا لجريدة "الشروق" الصادرة السبت-: "نحن نريد من الجميع أن يكونوا جزءا من العملية السياسية؛ لأننا نعتقد ببساطة أن نجاح النموذج المصري سيكون نجاحا للمنطقة بأكملها".
وتابع: "نعتقد أنه ليس من السهل العودة للحكم العسكري والقمعي، وأننا نبلغ الحكومة المصرية انتقادنا للتضييق على الحريات الإعلامية".
وكشف الدبلوماسي الأمريكي النقاب أيضا عن أن بلاده أبلغت الحكومة المصرية بأن العلاقات بين البلدين ستعود إلى طبيعتها عندما يتم فتح المجال السياسي أمام الجميع، وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، وأن يعبر الإعلام المصري عن جميع الأطياف، وإتاحة عملية قضائية متفتحة وشفافة لجميع المقبوض عليهم، واحترام حقوق الإنسان، وأن تطبق الحكومة المصرية ما جاء في الدستور الأخير من حريات.
ونقلت جريدة "الشروق" عن المسؤول الأمريكي تأكيده أنه يرى فرصة في المستقبل للعودة إلى الطريق الصحيح، وخروج مصر من "أسوأ فترة في تاريخها الحديث" -بحسب تعبيره- كاشفا أن السيسي ووزير الدفاع الأمريكي تشاك
هاجل يتحدثان بصفة منتظمة كل يوم أحد.
وحول المعونات الأمريكية المجمدة، أوضح الدبلوماسي أن قرارا سوف يصدر بشأنها خلال أيام عبر وزارة الخارجية.
تعاملنا مع الإخوان لأنهم منتخبون
وحول حقيقة علاقة الإدارة الأمريكية بالإخوان، قال الدبلوماسي الأمريكي -وفقا لرواية "الشروق"-: "نعم نتواصل مع الإخوان في الداخل والخارج، ونقول للحكومة المصرية دائما أنتم أعلنتم خريطة الطريق فلماذا لا تطبقونها، وتفتحون المجال لكل وجهات النظر في الشارع، بدون ضغط أو ترهيب؟ ونحن ندعم إعطاء الإخوان الفرصة للتعبير عن أنفسهم، وعدم إقصائهم".
وقالت "الشروق" إنها عندما سألت الدبلوماسي الأمريكي عن رفض الإخوان خريطة الطريق، أجاب: "لأنهم يعتقدون أنها عقد إذعان".
وحول حديث هاجل مع المشير باسم أوباما كل يوم أحد، قال الدبلوماسي الأمريكي إن بعض وسائل الإعلام تتحدث عن هذه الاتصالات، كأن هاجل ليس عضوا في الإدارة الأمريكية.
واستطرد بأن هاجل يتحدث مع السيسي بعد أن يتم الاتفاق على كل شيء مع الإدارة، ولا يمكن أن يتم شيء دون موافقة الرئيس باراك أوباما حتى لو أجمعت عليه كل المؤسسات؛ وبالتالي فحديث هاجل واتصالاته تعبر عن موقف كل الإدارة الأمريكية، وليس وزارة الدفاع فقط.
ونقل رئيس التحرير التنفيذي لجريدة "الشروق" حسين عماد الدين عن الدبلوماسي الأمريكي، قوله إنه من المستحيل تصور أن تتحالف بلاده مع تيار الإسلام السياسي لأسباب متعددة يدركها الجميع، مضيفا أن بلاده تعاملت مع جماعة الإخوان المسلمين لأنها التي وصلت إلى السلطة، وأنه لو فاز الشيوعيون بعد ثورة شعبية لكانت بلاده تعاملت معهم، واعترفت بهم.
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أن بلاده لو كانت اتخذت موقفا مضادا للجماعة بعد فوزها فى الانتخابات، لأصبحت عرضة للفضيحة الدولية.
وعندما قالت الشروق إن بلاده فعلت الأمر نفسه، ورفضت التعامل مع حركة حماس عقب فوزها بانتخابات ديمقراطية في فلسطين عام 2006، قال الدبلوماسي: "إن ذلك كان في عهد جورج بوش، وليس في عهد أوباما المختلف كليا"، معترفا أن موقف بلاده لم يكن مشرفا في الجزائر عندما تمت الإطاحة بجبهة الإنقاذ الإسلامي الفائزة بالانتخابات عام 1992، وفلسطين عندما فازت حماس بالانتخابات 2006، وكذلك مع تركيا في أثناء الانتخابات التي جاءت بنجم الدين أربكان، وحزبه المتحدر من أصول إسلامية.
وذكر المصدر -الذي يتردد على القاهرة بصفة دورية، بحسب الشروق- أن أحد أسباب كراهية العرب لنا، أننا كنا نؤيد الديكتاتوريات في المنطقة لأنها تصون مصالحنا، وترد على تليفوناتنا، وعندما جاء "الربيع العربي" وجدناه فرصة مناسبة لكي نتغير".
واستطرد بأن "أي شخص يدعي أن لنا دورا في أحداث الربيع العربي لا يفهم شيئا".
نصحنا مبارك ودربنا العسكر
الدبلوماسي الأمريكي كشف أيضا أن بلاده نصحت حسني مبارك بعدم استخدام السلاح ضد المتظاهرين، كما كان هناك تواصل مستمر مع قادة الجيش المصري، ونصحناهم أيضا أن يقفوا على الحياد، وسعدنا جدا بعدم تدخلهم، ثم باحتضانهم الثورة.
وكرر المصدر الحديث عن العلاقات الطيبة التي تربط بلاده مع الجيش المصري، خصوصا أن 70 ألفا من العسكريين المصريين تلقوا تدريبات مختلفة في الولايات المتحدة.
ورأى الدبلوماسي الأمريكي -المطلع بدقة على المنطقة العربية وتطوراتها، بحسب "الشروق"- أن الإخوان بعد فوزهم في الانتخابات أصيب بعضهم بالغرور والصلف والتكبر، واعتبروا هذا الفوز تفويضا أبديا، وبدلا من اقترابهم من منطقة الوسط السياسي، رأيناهم ينحرفون يمينا باتجاه المتشددين، وخاضوا الأمر بطريقة فجة.
وأوضح الدبلوماسي الأمريكي أن بلاده كانت تدرك قبل 30 حزيران/ يونيو أن الحكومة الإخوانية تسير في طريق الفشل، برغم أنهم جاؤوا بالصناديق، وبإرادة المصريين.
وقال إن الذي أوصل الإخوان إلى الحكم هم المصريون، وليس الولايات المتحدة، وكنا ندرك أن نجاحهم سببه أنهم قوة منظمة، ولديهم أموال كثيرة وأيديولوجيا، في حين أن المعسكر المنافس لهم كان هو "الفلول" المكروهون شعبيا والتيار الليبرالي الممزق وغير المنظم جماهيريا، ثم إن الحكومات المصرية على مدى ستين عاما كانت تحارب التيارات المدنية، وبقي التيار الإسلامي محتفظا بتماسكه بسبب "قوة منابر المساجد".
وأشار المصدر إلى أن بلاده نصحت الجيش بأن يظل على الحياد، وأن يحل السياسيون مشكلاتهم بطريقتهم الخاصة.
وردا على سؤال من "الشروق" للدبلوماسي حول إن كان الإخوان رفضوا الانتخابات المبكرة، قال المسؤول الأمريكي إن الإصرار على وجود حل كان سيسهل الأمور، بدلا من الوصول إلى الوضع الحالي.
وعن اتهام بعض القوى السياسية المصرية للولايات المتحدة بمعاداة 30 يونيو، ومناصرة الإخوان، قال الدبلوماسي الأمريكي إننا لم نقل حتى الآن عن 30 يونيو إنها
انقلاب، كما أننا لم نتخذ إجراءات شديدة ضد الحكومة المصرية.
وبشأن ما ينشر عن أن واشنطن ضد انتخاب السيسي رئيسا، قال الدبلوماسي ليس هذا صحيحا بالمرة، وما يقوله بعض الإعلام المصري ليس صحيحا في هذا الصدد، "نحن قلنا إننا سوف نحترم خيارات الشعب المصري في كل الأحوال".
ويذكر أن ديك تشيني النائب الأسبق للرئيس الأمريكي جورج بوش اختتم زيارة سرية إلى القاهرة قبل أيام. وذكرت صحيفة الشروق أنه التقى في خلال الزيارة التي استمرت خمسة أيام المشير السيسي.
كما زار مصر عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي، ممن ينتمون إلى تيار المحافظين الجدد، المعروفين بميولهم الصهيونية، والتقى بعضهم المشير السيسي أيضا.