تبادلت القاهرة وأديس أبابا الاتهامات مجددا بشأن
سد النهضة الذي تبنيه الأخيرة على أحد روافد النيل الذي يصب في
مصر.
وقالت الخارجية المصرية، اليوم، ردا على اتهام مسؤول إثيوبي، للقاهرة بـ"قيادة حملة لتشويه سد النهضة"، إن أديس أبابا أوصلت المفاوضات بشأن السد إلى "طريق مسدود" لرفضها وجود خبراء أجانب.
وشهدت الأشهر الأخيرة، توترًا للعلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، مع إعلان الأخيرة بدء بناء مشروع سد النهضة، الذي يثير مخاوف داخل مصر، حول تأثيره على حصتها من السنوية من مياه
نهر النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتأثيره على أمنها القومي في حالة انهيار السد.
وعقب قيام أديس أبابا بتحويل مجرى النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل، في مايو/ أيار الماضي، أصدرت لجنة الخبراء الدولية تقريرا أفاد بأن هناك حاجة لإجراء مزيد من الدراسات بشأن آلية بناء السد، حتى يمكن تقدير الآثار المترتبة على بنائه ثم تحديد كيفية التعامل معها، بحسب ما ذكرته الحكومة المصرية.
وتعتبر الحكومة الإثيوبية أن سد النهضة مشروع تنموي سيادي لإنتاج الطاقة الكهربائية ولا يمكن أن يخضع لأية إملاءات ووصاية من الخارج.
وقال فقيه أحمد مدير إدارة الأنهار العابرة في وزارة المياه والطاقة الإثيوبية إن "المسؤولين المصريين يقودون حملة تخطط لتشويه سد نهضة إثيوبيا".
ونقل مركز "والتا للمعلومات" الإعلامي؛ عن فقيه قوله إن "الحملة التي يقودها المسؤولون المصريون ضد السد لا يمكن تسميتها بالحملة الدبلوماسية لأنها حملة تشويه تستهدف مشروع سد النهضة؛ وحتى الاتصالات والبيانات التي يصدرها المسؤولين المصريين تؤكد ذلك".
وأشار "فقيه" إلى أن محادثات المسؤولين المصريين خلال زيارتهم إلى كل من دول أوروبا وأفريقيا ودول حوض النيل تركزت حول مشروع سد النهضة.
وعن نتائج الحملة التي يتحدث عنها، قال فقيه إن "هذه الحملة لم تحقق شيء بدليل أن هذه الدول التي زارها المسؤولون المصريون نصحتهم بمواصلة النقاش والتفاوض مع إثيوبيا لتعزيز التعاون بين أديس أبابا والقاهرة".
وأضاف فقيه أن "الهدف الأساسي للمسؤولين المصريين أصبح واضحا وهو إعاقة بناء مشروع سد النهضة، لأنهم في الأساس ضد التنمية في إثيوبيا".
ودعا المسؤولين المصريين للعودة إلى التفاوض والحوار، قائلا إن "ما يقومون به لا يعد إيجابيا على الإطلاق".
وتحتفل إثيوبيا الأحد المقبل بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لبدء مشروع سد نهضة إثيوبي، وذلك في مهرجان قومي كبير الأول من نوعه.
وبهذه المناسبة، أعدت إثيوبيا احتفالا كبيرا في ملعب أديس أبابا يحضره كبار المسؤولين الإثيوبيين وعدد غفير من الجماهير، بحسب يوناس سرطي دنقل مدير الدبلوماسية ومتابعة العلاقات في المجلس الوطني التنسيقي لدعم سد النهضة.
من جانبه، رفض السفير بدر عبد العاطي الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية التعليق على تصريحات المسؤول الإثيوبي قائلا "لا يوجد لدينا رد سوى البيان الذي أصدرناه في وقت سابق اليوم"، وهو البيان الذي انتقده "فقيه" ووصفه بأنه غير واضح ويصعب فهمه.
وفي بيان أصدرته الخارجية المصرية في وقت سابق اليوم، قال عبد العاطي إن "مصر حرصت خلال الجولات الثلاثة للتفاوض مع إثيوبيا على الوصول إلى آلية مشتركة مع الجانبين الإثيوبي والسوداني لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية بشأن السد، وتم الاتفاق على بعض البنود في الجولة الثانية مثل اللجوء إلى استشاري دولي لاستكمال الدراسات غير المكتملة، والانتهاء من جميع الدراسات في مدة لا تزيد على عام".
وتكونت اللجنة من 6 أعضاء محليين، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود
وأضاف البيان أن "التفاوض وصل إلى طريق مسدود، بسبب رفض الجانب الإثيوبي على وجود خبراء أجانب للتأكيد على وجود الخبرة والحرفية الفعالة وتقديم الرأي الفني المستقل في حالة وجود خلاف بين أعضاء اللجنة، كما رفضت إثيوبيا خلال جولات التفاوض مناقشة عرض مصري بإجراءات لبناء الثقة".
وتابع البيان قائلا "في الوقت الذي تؤكد فيه مصر دعمها لحق إثيوبيا أو أي من دول منابع النيل في التنمية واستخدام المياه لتحقيق متطلبات التنمية بل وحرصها دائما على أن تكون طرفا في دعم مشروع التنمية في دول حوض النيل، فإنها تؤكد علي رفضها الكامل لمبدأ الإضرار بمصالح أي طرف".
وقال الناطق باسم الخارجية المصرية إنه "رغم غياب أية دراسات خاصة بالتداعيات البيئية والهيدرولوجية، إلا أن الحكومة الإثيوبية للأسف تستمر في بناء السد بما يمثل خرقاً وانتهاكاً صريحاً لمبادئ القانون الدولي والاتفاقيات السابقة والتي تقضى بعدم بناء أي مشروعات مائية قد تتسبب في إلحاق الضرر بدول المصب، حيث تنص المادة الثالثة من اتفاقية عام 1902 بعدم بناء أو السماح بأية أعمال علي النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السوباط بما قد يعيق تدفق المياه إلا باتفاق مسبق. كما نصت المادة الخامسة من الاتفاق الموقع بين مصر وإثيوبيا عام 1993 علي الامتناع عن الدخول في أية أنشطة في مياه النيل قد تلحق الضرر بمصالح الطرف الآخر".
واعتبر الناطق أن الورقة المصرية تجدد موقف مصر بأنه علي الرغم مما سبق فإنها لا تزال مستعدة للدخول في مفاوضات جادة وشفافة مع حكومتي إثيوبيا والسودان للوصول إلي اتفاق يستند إلى مبدأ تحقيق المكاسب للجميع وبحيث يأخذ في الاعتبار شواغل التنمية بالنسبة لإثيوبيا واهتمامات السودان مع الحفاظ على أمن مصر المائي".
واختتم البيان قائلا أن مصر تؤكد "أن غياب التوصل لمثل هذا الاتفاق واستمرار بناء السد وخلق أمر واقع يمثل تهديداً صريحاً لأمن مصر المائي وأمنها القومي".