كان مشهدا غريبا أو شرفا غير عادي، أن يلقي مرشح عادي خطابا للأمة يتحدث فيه عن مشاريعه وخططه للترشح في الرئاسة. لكنّ هذا الشخص هو المشير عبد الفتاح
السيسي الذي لم يكن معروفا للكثيرين في خارج
مصر، ليصبح من أقوى الأشخاص في الشرق الأوسط، بحسب ريتشارد سبنسر، مراسل صحيفة "
ديلي تلغراف" البريطانية الذي تابع التطورات الأخيرة في مصر، تلك التي حسم فيها السيسي الجدل واستقال من منصبه كوزيرللدفاع وقائد للجيش، وأعلن عن نيته المشاركة في السباق الرئاسي في الانتخابات المقبلة.
وأشار تقرير سبنسر، إلى اجتماع السيسي مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحضور الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي عينه السيسي في تموز/ يوليو العام الماضي، بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي ومن ثم القى السيسي خطابا من التلفزيون الرسمي. وأكد المشير أنه لا يحمل معه معجزات ولكن دعا إلى العمل الجاد.
وتقول الصحيفة إن الإخوان المسلمين ومنذ الانقلاب وهم يدفعون باتجاه التظاهرات التي تدعو إلى إعادة الرئيس المعزول. وصرّح إبراهيم منير، أحد قادة الإخوان المسلمين في لندن وعضو الحركة التي تلاحقها الحكومة الحالية وتمارس سياساتها القمعية عليها، بأن السلام لن يحل على مصر في ظل السيسي، "لن يكون هناك استقرار ولا أمن في ظل عبد الفتاح السيسي".
وألمح التقرير إلى أنه كان متوقعا أن يعلن السيسي عن ترشحه للانتخابات بعد تمرير الدستور في كانون الثاني/ يناير. ولكن تأخره في الإعلان أدى بالكثيرين إلى التوقع بأنه متردد في اتخاذ القرار وخائف من أن تتأثر سمعته بسبب المشاكل الاقتصادية الكبيرة التي تواجه البلاد، إلى جانب المعضلات الاجتماعية. ولكن التكهنات انتهت عندما أعلن بداية الشهر الحالي أن يقوم بوضع اللمسات الأخيرة على برنامجه، مؤكدا أنه لن يدير ظهره عندما تطلب منه الغالبية الترشح للرئاسة.
وتقول الصحيفة، إن الإعلام المملوك من الدولة والمؤيد له قدم صورة للسيسي الذي رفع من رتبة فريق إلى مشير، باعتباره الشخصية الأوفر حظا وشعبية في البلاد، بسبب خطوته الحاسمة لإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين.
وتضيف أن التصويت الساحق على الدستور 97% بنسبة مشاركة 34% تؤكد هذه الشعبية، مع أن الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية المعتدلة الأخرى مثل "مصر القوية" الذي يتزعمه عبد المنعم أبو الفتوح قاطعت التصويت على الدستور.
وتقول إن السيسي على ما يبدو سيكون بدون منافسين له في الانتخابات، فقد أعلن الفريق سامي عنان، رئيس هيئة الأركان السابق عن تخليه عن الترشح، فيما قال أحمد شفيق الذي خسر الانتخابات عام 2012 أمام مرسي، إنه لن يسجل اسمه في قائمة المرشحين.
والمرشح الوحيد الذي سجل اسمه -ومن المؤكد أن يشارك- هو الناصري اليساري حمدين الصباحي الذي جاء في المرتبة الثالثة في انتخابات عام 2012، لكنه لا يتمتع بقاعدة شعبية خارج المدن.
وتلفت إلى أن منظمات حقوق الإنسان، تعبر عن مخاوفها من عودة الحكم العسكري الذي انتهى بثورة عام 2011، بعد 60 عاما من حكم العسكر بقيادة جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك. وتشير هذه المنظمات إلى العنف الذي شهدته مصر في الصيف الماضي، وإلى مقتل أكثر من 1000 شخص على يد الأمن الذي هاجم ساحات الاعتصام في رابعة والنهضة.
وفي أثناء ذلك، يقول مؤيدو المشير، إن الجيش هو المؤسسة الوحيدة في البلاد القادرة على الإشراف على العملية الانتقالية التي وعدت البلاد بها بعد ثورة يناير 2011.
وتشير الصحيفة إلى أن السيسي قام بإجراءات داخل الجيش وعزل العناصر المعارضة للتغير والإصلاح، لكن علاقته مع دوائر الجيش الحاكمة تظل غامضة. فالمشير السيسي عمره 59 عاما ويدين بصعوده السريع لرعاية ودعم الجنرالات القدماء في الجيش، ممن يتمتعون بقاعدة دعم شعبي، وشبكات الجيش والمخابرات التي أبقت على مبارك في الحكم مدة 30 عاما.
ونقلت الصحيفة ما قالته الأكاديمية شريفة زهور، التي درّست السيسي عندما كان طالبا في كلية الحرب الأمريكية "نظريتي أنه لن يدير البلاد بنفسه"، لأن "السلطة التي يتمتع بها مقارنة مع القوة التي تمتع بها ناصر مختلفة".