كتب طارق الحميدي: إذا كان من سمة لعهد
الملك عبد الله بن عبد العزيز فهي العمل الدؤوب لترتيب البيت السعودي، والاستمرار في الإصلاح، وعلى كل المستويات، وهما نهجان مستمران منذ تولي خادم الحرمين الشريفين لمقاليد الحكم في
السعودية، وآخر هذه القرارات التي تصب في خانة ترتيب بيت الحكم هو قرار مبايعة
الأمير مقرن بن عبد العزيز وليا لولي العهد.
والقراءة الأولية لهذا القرار الملكي، وبمباركة من ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، وتأييد من أغلبية هيئة البيعة، هو أن هاجس الملك عبد الله بن عبد العزيز الأساس هو ترتيب بيت الحكم في وقت تشهد فيه المنطقة ككل مرحلة صعبة من التقلبات التي تعصف بكيانات وليس أفرادا، وحكمة هذا النهج الإصلاحي الذي يقوده العاهل السعودي أنه جاء من قبل أن تهب عاصفة القلاقل على المنطقة، حيث اتخذ الملك عبد الله نهج الإصلاح، وترتيب البيت، والشفافية، منذ توليه مقاليد الأمور في السعودية بالقول والعمل، حيث كان العاهل السعودي، ولا يزال، صريحا وشفافا في مواجهة التحديات، ولذا نجد أن التغيير في عهد خادم الحرمين سمة واضحة حيث التقييم، والتقويم، واتخاذ القرارات.
وآخر هذه القرارات كان اختيار الأمير مقرن بن عبد العزيز ليكون وليا لولي العهد، وهذا الاختيار في حد ذاته دليل، ومؤشر، على رؤية خادم الحرمين لبلاده السعودية، ومستقبلها، فالأمير مقرن، ومنذ سنوات، رجل دولة مهتم بالعلم والتعليم والإدارة، وهو أمر عرفته، ولمسته، منذ تشرفي بمعرفة سموه حين كان أميرا للمدينة المنورة، وحتى اليوم، وأبسط مثال على ذلك أننا نجد اليوم، وفي عام 2014، الاهتمام الذي تشهده منطقتنا بالحكومة الإلكترونية، بينما كان هذا الموضوع هو أحد اهتمامات الأمير مقرن منذ ما يزيد على ثلاثة عشر عاما، والأمر نفسه ينطبق على اهتمامه بالتعليم، وتطوير الكفاءات الشابة من أبناء وبنات السعودية، ولا أنسى أن أول نقاش لي مع سموه كان حول التعليم حيث كنت أقضي إجازة في المدينة المنورة بعد عودتي للسعودية يوم كنت حينها طالبا ومراسلا صحافيا في أميركا.
وعليه فإن اختيار الأمير مقرن بن عبد العزيز يعد دليلا على ثقة الملك، والدولة، في رجل بحجم الأمير مقرن، ودليلا على سعي الملك عبد الله لترسيخ الاستقرار من خلال ترتيب البيت السعودي، خصوصا أن الأمير مقرن رجل دولة تقلد مناصب عدة، منها إدارة ملفات داخلية، كإمارة المدينة المنورة، وقبلها حائل، وكذلك توليه مسؤولية جهاز الاستخبارات، وكونه مبعوثا شخصيا لخادم الحرمين الشريفين، هذا فضلا عن خلفية الأمير مقرن العسكرية كطيار مقاتل، وفوق هذا وذاك فهو أحد أبناء المؤسس الراحل الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، ومضاف لكل ذلك اهتمامه بالعلم والتعليم، والتطوير الإداري، وهذا ما تحتاجه السعودية اليوم بقدر ما تحتاج إلى الاستقرار، وترتيب البيت الداخلي. ولذا فإن اختيار الأمير مقرن هو دليل على ثقة، وسعي دؤوب للتطوير والاستقرار الذي هو ضالة المنطقة ككل، وليس السعودية وحدها.
(الشرق الاوسط)