التدخين ممنوع وكذلك العطور واستخدام الهواتف النقالة .. قواعد صارمة ينبغي اتباعها للإقامة أو لزيارة في مبنى مخصص للذين يعانون من حساسيات مفرطة شيد في زيوريخ في
سويسرا.
فالأوجاع والقلق والمشاكل النفسية هي بعض من الأعراض اليومية التي يعاني منها الأشخاص المصابون بأعراض
الحساسية الكيمائية المفرطة (ام سي اس) التي تسببها حساسية على مجموعة كبيرة من المنتجات الكيميائية من كريمات ومساحيق تنظيف ومتحضرات للشعر والطلاء...وقد يعانون أيضا حساسية مفرطة على كل ما هو كهرومغنطيسي، وهي حساسية تسببها كل الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن الأجهزة الإلكترونية اللاسلكية.
ويقول كريستيان شيفرله (59 عاما) احد المقيمين في المبنى وهو يرأس مؤسسة "هيلثي لايف اند ليفينغ) التي تقف وراء مشروع المبنى "أنا أعاني منذ طفولتي، وهذا الأمر سيغير حياتي كليا".
وقد شيد المبنى لمراعاة حاجات الذين يعانون من هذه الحساسية المفرطة في كانون الأول/ديسمبر 2013 في حي ليمباخ في زيوريخ بمساعدة مالية من بلدية المدينة. ويضم المبنى حوالى 15 شقة سكنية. وهذه الأعراض التي لا يعترف بها الطب الكلاسيكي تصيب خمسة آلاف شخص في سويسرا بحسب بلدية زيوريخ.
ويقول شيفرله انه عاش حتى الآن جحيما فعليا بسببها قبل أن ينتقل إلى شقته الجديدة.
فهو يعاني أيضا من حساسية مفرطة على الموجات الكهرومغناطيسية. ويوضح إن هذه الحساسية تجعلني أعاني من الوهن والقلق المفرط ولا يمكنني أن أتنفس بسهولة واشعر بألم في رئتي واشعر بالدوار". فمنذ سن الثالثة أو الرابعة كانت الروائح الصادرة عن المواد الكيميائية المستخدمة في مصنع والديه لإنتاج الأثاث تزعجه.
وعندما كبر منعته هذه الأعراض من العمل فانتقل للعيش في منزل نقال في جبال الألب. وفي سن الخامسة والثلاثين تمكن من تشخيص الأعراض التي يعاني منها صدفة عندما كان يقرأ كتابا أميركيا حول الموضوع.
وانتظر عشر سنوات إضافية قبل أن يأخذه طبيب على محمل الجد. العيش في المبنى الجديد وهو الأول من نوعه في أوروبا لن يشفي شيفرله وجيرانه إلا أن حياتهم اليومية ستكون افضل. وأوضحت ليديا ترويب الناطقة باسم دائرة الإسكان في بلدية زيوريخ "نريد مساعدة هؤلاء الأشخاص لكي يكون لهم مسكن يخفف من معاناتهم".
كل شخص يدخل المبنى يجب أن يطفئ هاتفه النقال وكل الأجهزة اللاسلكية الأخرى، وهي على كل حال لا تعمل داخله. لكن سكان المبنى سيبقون على اتصال مع العالم بفضل خط هاتفي ارضي. ويضم المبنى فسحة مشتركة مجهزة بجهاز منق للأجواء. وعند مدخل المبنى تعرض مساحيق التنظيف المسموح بها على كرسي.
ويقول الطبيب جون فان ليمبورغ ستيروم الذي عالج كريستيان شيفرله وغيره أن تجنب ما يثير الحساسية "هو حقا افضل ما يمكن تقديمه لهؤلاء المرضى". ويضيف "ينبغي عليهم أن يقيموا في مبان لا تعلوها الهوائيات ولا تتردد فيها الذبذبات الصادرة عن الهواتف النقالة"، متمنيا أن تحظى
أمراض الحساسية بالتفات اكبر من الأطباء لان المصابين بها "يعانون حقا".
استخدمت في تشييد ها المبنى مواد خاصة، وهو مزود بنظام تهوية يذهب بكل الروائح. وفرض على العمال فيه أن يكفوا عن التدخين وان يمتنعوا عن التعطر حتى.
وصممت جدرانه بحيث تحول دون دخول الموجات والذبذبات إلى داخله. لكن رغم كل ذلك، يبقى هذا المبنى دون المستوى المثالي لدى أصحاب الحساسية المفرطة مثل كريستيان شيفرله الذي يستطيع رغم كل الجهود المبذولة تمييز آثار روائح تركها العمال وراءهم. غير انه يعرب عن سعادته لكونه محاطا بأشخاص يشاركوه ما يعاني منه.