تزور الفتاة التونسية مروى أحمد الأسواق الكبرى (المولات) في العاصمة تونس أسبوعياً لشراء احتياجاتها واحتياجات أسرتها من المواد الغذائية وأغراض العناية الشخصية والملابس أحياناً، يتخللها زيارات بهدف التسلية فقط. "أشتري أغراض عائلتي من الأسواق الكبرى، وإذا أعجبني شيء ما اشتريه لنفسي"، "أذهب مع صديقاتي أحياناً إلى المول للتسلية حين يسمح الوقت بذلك" تضيف مروى لـ"عربي 21".
ولم تعد تقتصر الأسواق الكبرى على بيع المواد الغذائية والخضار؛ بل تطورت لتشمل الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية والملابس، بل تعدت ذلك إلى المطاعم والمقاهي والألعاب
الترفيهية، لتصبح المنافس الأشرس للبقالات والمحال التجارية الصغيرة والمتوسطة أحياناً، الأمر الذي ترك بصمة واضحة على "ثقافة التسوق" عند المواطن العربي.
في ذات السياق يرى رئيس جمعية حماية المستثمر الأردنية، الدكتور أكرم كرمول، أن ظاهرة الأسواق الكبرى هي ظاهرة حضارية لها سلبيات وإيجابيات على صعيد
اقتصاد الدولة التي تعمل بها، والمواطن الذي يرتادها، ففي الوقت الذي توفر على المواطن عناء التنقل بين المحال التجارية لا يشك كرمول أنها تضر بالبقالات الصغيرة.
وأشار كرمول لـ"عربي 21" أنه لا يوجد قانون خاص يحمي البقالات الصغيرة والمتوسطة ضمن منظومة السوق الحر الذي يستطيع الجميع
المنافسة فيه وفي نهاية الأمر "البقاء للأقوى".
وعن ثقافة المستهلك يؤكد كرمول أن "المولات" غيرت إلى حد ما ثقافة المستهلك العربي الفقير ومتوسط الدخل الذي كان يلجأ عادة للبقالة، في حين أن المنطق يقضي بأن يلجأ للأرخص والذي قد يكون هو الأسواق الكبرى في بعض الحالات.
وعن تحول المولات والأسواق الكبرى إلى أماكن للترفيه، يقول الكاتب والمحلل الاقتصادي الأردني الدكتور فهد الفانك أن "المول" هو بالأصل مبنى عقاري يؤجر لمن أراد أن يستثمر فيه كأصحاب المطاعم والمقاهي، كما يرى تغييراً في ثقافة المستهلك الذي يشتري ما لا يلزمه متأثراً بطريقه العرض المغرية.
ويؤكد الفانك لـ"عربي 21" أن الأسواق أضحت "موضة" عالمية لا ترتبط بدولة معينة تخدم غرضاً رئيسياً واحداً وهو التنوع، الأمر الذي يرى الفانك أنه يؤثر على البقالات الصغيرة غير القادرة على المنافسة والتكيّف مع العرض والطلب في السوق.
المواطن العراقي علي الدليمي المقيم في العاصمة العراقية بغداد، والذي يتقاضى راتباً شهرياً مقداره 600 دولار أمريكي أوضح لـ "عربي 21" أنه يشتري احتياجات الطعام من الأسواق الكبرى عادة.
كما يضطر الدليمي إلى الاستعانة بالبقالة الصغيرة التي تبلغ أسعارها ضعف أسعار الأسواق الكبرى أحياناً.
أما وليد أبو الخير، الطالب الفلسطيني المقيم في المملكة العربية السعودية، فيشتري المواد الغذائية من الأسواق الكبرى، معللاً ذلك بكثرة العروض الخاصة والتنزيلات، غير أنه أوضح لـ"عربي 21" أنه يبتاع ملابسه من الأسواق والأماكن الشعبية لارتفاع أسعارها في المحلات العالمية والكبرى الموجودة في "المولات".
ويختلف الأمر لدى سعاد محمد، المواطنة المغربية التي قالت لـ"عربي 21" إنها تفضل شراء احتياجاتها من البقالة الصغيرة لكون أسعارها أرخص مقارنة بالأسواق الكبيرة.
ويبقى الأمر المثير للتساؤل هو ازدياد نمو الأسواق الكبيرة وانتشارها الواسع في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة في بعض دول المنطقة، والإقبال اللافت من المواطنين عليها أينما وجدت، والتحول الكبير في ثقافة المستهلك العربي التي انتقلت من شراء ما يحتاج فقط إلى شراء كل ما يحب.