بعد أقل من عامين من تولي الأمير
بندر بن
سلطان بن عبد العزيز (65 عاما) منصبه كرئيس للاستخبارات العامة، أصدر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، مساء الثلاثاء، أمرا ملكيا يقضى بإعفائه من منصبه.
ورغم أن قرار الإعفاء ذيل بعبارة بأنه تم "بناء على طلبه"، إلا ان إعفاء الرجل الذي وصفه المحلل السياسي الأمريكي، اليوت ابرامز، بـ"رجل المهمات الصعبة"، يثير تساؤلات عن سبب إقصائه عن منصبه، بعد تلك الفترة القصيرة في منصب جرت العادة في
السعودية أن من يتولاه يظل فيه سنوات عدة.
وجاء تعيين بندر على رأس جهاز المخابرات السعودي في 19 تموز/ يوليو 2012، جاء في ظل ظروف إقليمية غير مستقرة، لم تنته بعد، بسبب أزمة سوريا على وجه الخصوص، وقد أوكل له هذا
الملف بالفعل.
إجابة السؤال حول سبب إعفائه، لا تخرج عن أمرين أحدهما أو كليهما: هما
المرض والملف
السوري، ولا سيما بعد نشر تقارير إعلامية مؤخرا بمرض الأمير بندر، الذي لم يغط له الإعلام السعودي أي نشاطات رسمية منذ نهاية العام الماضي.
وكانت تقارير إعلامية ذكرت أن "بن سلطان"، يمضي فترة نقاهة في قصره في مراكش بالمغرب، بعد عملية جراحية أجراها في الولايات المتحدة.
وتزامنت تلك التقارير مع تصريحات إعلامية، أكد خلالها دبلوماسيون سعوديون في شباط/ فبراير الماضي، بأنه تم سحب الملف السوري من الأمير بندر، على خلفية غضب أمريكي من إداراته له.
وقد جاء قرار إعفاء بندر من منصبه، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما للعاصمة الرياض، والتقى خلال العاهل السعودي في 28 آذار/ مارس الماضي.
وكانت أولى مهام الأمير بندر بعد تسلمه رئاسة
الاستخبارات العامة في تموز/ يوليو 2012، هي التعامل مع الملف السوري الشائك، ولكن بعد مرور أكثر من عام دون إحراز أي تقدم يذكر في الملف، تم سحب الملف السوري منه في شباط/ فبراير الماضي، وتم تسليمه إلى الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية.
الأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة إلى حد بعيد في كشف سبب إعفاء "رجل المهمات الصعبة" من منصبه، حيث يتوقع إن كان المرض هو سبب إعفائه، أن يتبع ذلك إعفاؤه من منصبه كأمين عام للمجلس الوطني، وهو المجلس المسؤول عن وضع سياسات الدفاع بالمملكة العربية السعودية، والذي ظل يحتفظ به مع منصبه كرئيس للاستخبارات العامة.
ولم يعرف بعد ما إذا كانت الحالة الصحية للأمير بندر تعوقه عن أداء مهام عمله أم لا، في ظل تكتم سعودي عن ذلك، دون أن تنفي أو تؤكد ما يتم تداوله من تقارير غربية بشأن صحته.
وكان الأمير بندر قد عين بقرار ملكي صدر في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2005 بمنصب الأمين العام لمجلس الأمن الوطني السعودي برتبة وزير، وتم التمديد له في المنصب 2009 بأمر ملكي آخر لمدة أربع سنوات، ولم يتم الإعلان بعدها عن التمديد له أو إعفائه من منصبه.
والأمير بندر من مواليد آذار/ مارس 1949 في مدينة الطائف بالسعودية، وهو ابن الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد السابق، الذي توفي في تشرين الأول/ أكتوبر 2011.
ويملك الأمير بندر بن سلطان خبرة عسكرية، حيث تخرج من الكلية الملكية للقوات الجوية في بريطانيا، وانضم بعدها إلى سلاح الجو السعودي 1968 طيارا مقاتلا لمدة 17 عاما، وهو حاصل على شهادة الماجستير من جامعة جونز هوبكنز بواشنطن 1980.
بدأ الأمير السعودي يظهر للأضواء بعد تعيينه سفيرا لبلاده في أمريكا عام 1983 وهو المنصب الذي استمر فيه حتى عام 2005، وهي الفترة التي شهدت أحداثا مهمة على رأسها حرب الخليج الثانية بعد غزو العراق للكويت، وهجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.
وقد لعب الأمير بندر بن سلطان دورا كبيرا في إدارة العلاقات السعودية الأمريكية خلال توليه منصب سفير بلاده في واشنطن، خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وما تلاها من انتقادات وجهتها أوساط إعلامية وسياسية أمريكية للسعودية، بعد أن تبين أن معظم منفذي تلك الهجمات يحملون الجنسية السعودية.
وكان الأمير بندر عميداً للسلك الدبلوماسي في واشنطن، وكان السفير الوحيد الذي تخصص له حراسة دائمة من الحرس الرئاسي الأمريكي.
وإلى جانب دوره في تحسين علاقات الرياض بواشنطن، لعب دورا في التأثير على حكومة بلاده من أجل استعمال القوات الأميركية للأراضي السعودية في حرب الخليج عام 1991 لتحرير الكويت، وأيضا ساهم في التوسط بين ليبيا وبريطانيا والولايات المتحدة لحل أزمة لوكيربي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
وفي 21 ديسمبر/ كانون الأول 1988 انفجرت طائرة من طراز "بوينغ 747"، تابعة لشركة "بان أمريكان" أثناء تحليقها فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية؛ ما أسفر عن مقتل 259 شخصاً هم جميع من كان على متن الطائرة و11 شخصاً من سكان القرية التي وقعت الطائرة فوقها.
وبعد تحقيقات، تمت إدانة المواطن الليبي عبد الباسط المقرحي، بالمسؤولية عن تفجير الطائرة، وتم الإفراج عنه بعد فترة لإصابته بمرض السرطان الذي قضى عليه عام 2012.
غير أن الأمير السعودي الذي ظل يحظى بثقة وبصداقة الأميركيين، أعلن في 2005 استقالته من منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة، في خطوة أرجعها بيان للخارجية السعودية صدر وقتها "لأسباب خاصة".
وتضمن الأمر الملكي تعيين الفريق أول ركن يوسف بن علي الإدريسي بالقيام بعمل رئيس الاستخبارات العامة، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وكان الإدريسي يشغل منصب نائب رئيس الاستخبارات السعودية.