لا ترى الكاتبة والمحللة الإسرائيلية سمدار بيري أي أفق للمصالحة الفلسطينية، بل إنها تعتقد ان رئيس الوزراء الإسرائيلي
نتنياهو يدرك ذلك.
وتشير بيري في مقالتها في
يديعوت، الأحد، إلى الدور
المصري في إتمام
المصالحة، "مصر تطلع على آخر ما يجدّ عند أبو مازن، ويعلمون بفضل التنسيق الاستراتيجي بما يدخل تنور الخبز الفلسطيني. ومن الحقائق أنهم بعد رفعهم أيديهم في غزة بلحظة سمعنا تهنئات وإطراءات للسلطة المصرية. ماذا يعني ذلك في الحقيقة؟".
وفيما يلي نص
المقال:
"انهضوا"، حث صاحب المليارات الفلسطيني من نابلس "منيب المصري" أعضاء وفدي "المصالحة التاريخية" بين حماس وفتح، "ارفعوا أيديكم"، دافعا إياهم إلى أمام آلات التصوير "لإظهار الفرح"، وبدا هو فقط سعيدا فالمصالحة هي الطفل الصغير الذي كان المصري يعمل عليه منذ ست سنوات بين غزة ورام الله.
وحينما نهضوا في نهاية الأمر، أمكن أن نلاحظ سطورا قليلة في ورقة واحدة تشير إلى "الوحدة"، وفي ذلك اليوم أعلن رئيس الوزراء (المؤقت) في رام الله، رامي الحمد الله، أنه مستعد لإخلاء الكرسي.
ينبغي ألا يتعجل فليس ذلك اتفاقا وليس ما يدعو إلى الاحتفال بل هو مجرد إعلان نوايا، وقد شاهدنا هذا الفيلم ثلاث مرات من قبل.
يقولون لي في غزة إن أبو مازن اتجه إلى المصالحة وفي قلبه ما فيه من الغضب على العالم كله، وواشنطن غاضبة، والتفاوض معنا فشل، وحماس تُدبر لرفع رأسها عاليا في الضفة، ويقولون لي في رام الله إن أبو مازن نجح في أن يوقع حماس في الفخ في لحظة أزمة اقتصادية وسياسية، قبل أن ينتخب السيسي لرئاسة مصر بلحظة وقبل أن يصفي الحسابات جميعا.
إن الأسابيع الخمسة التي حددت لإنشاء "حكومة الوحدة" الفلسطينية تبدو كالأبد، وهم لم يتفقوا مثلا على من يسيطر على أجهزة الأمن في القطاع، وكيف يتم تقسيم أموال "الوحدة"، وما هو التمثيل الذي ستحصل حماس عليه، وكيف ينوي القطاع تأدية عمله مع رام الله.
إن المتيقظين في غزة يسمونها "حكومة تحديات" أما المتشائمون في رام الله فيشيرون إلى الألغام التي لم تُبطل.
انتبهوا إلى أن رئيس الوزراء الغاضب -أمام وسائل الأعلام الدولية- نتنياهو أعلن أنه يعلق التفاوض مع الفلسطينيين وأقر عقوبات اقتصادية. لكنه لا يستطيع أن يُجيع غزة، وستمر الشاحنات؛ فنتنياهو يعلم مثل أبو مازن والسيسي بالضبط أن هذا الأمر يمكن أن ينتهي إلى صفر مربع. فماذا يُفعل؟ يُبقي بابا مفتوحا، ويعلقون المحادثات ولا يقتلونها، وقد كسب لأنه لن توجد دفعة سجناء رابعة، ولن تنهار الحكومة، ولن يبلبل ذهنه كيري ولفني وعريقات، وليعرق أبو مازن.
هل فوجئنا؟ لم يفاجئنا التوجه بل ربما التوقيت الغريب الذي اختاره أبو مازن قبل انقضاء أشهر المحادثات التسعة بأسبوع. لكن حينما ينسق كبار المسؤولين في فتح مع الجهات الأمنية عندنا الدخول والخروج عن طريق معبر آيرز، وتفتح مصر لمسؤول حماس الكبير موسى أبو مرزوق معبر رفح، فلا توجد دراما. وإن ما تعرفه مصر يمكن لإسرائيل أن تخمنه.
إليكم علامة طريق: قبل أسبوعين نشر أحمد المسلماني، مستشار رئيس مصر المؤقت عدلي منصور، "رسالة مفتوحة" إلى زعيم حماس خالد مشعل. ففي الوقت الذي تُعرف فيه حركة الإخوان المسلمين بأنها منظمة إرهاب، يستقر رأي المسلماني على أن ينصح مشعل بفصل حماس عنها و"التفكير إلى الأمام بمفاهيم سياسية إيجابية".
ماذا يعني ذلك؟ يعني أن مصر في الصورة عميقا وأن مصر تطلع على آخر ما يجد عند أبو مازن، وأنهم يعلمون بفضل التنسيق الاستراتيجي بما يدخل تنور الخبز الفلسطيني. ومن الحقائق أنهم بعد رفعهم أيديهم في غزة بلحظة سمعنا تهنئات وإطراءات للسلطة المصرية. ماذا يعني ذلك في الحقيقة؟ يعني أن حماس تتملق المشير السيسي. هالو؟ ماذا عن الأنفاق وأعمال المطاردة في سيناء؟.
سنرى الآن كيف يطبخون بعصيرهم هم أنفسهم. قد يكون أبو مازن أشد دهاءً مما كنا نظن وأنه سار مع خطة منظمة، فقد استدعى أولا صحفيين اسرائيليين ليعلن أنه مُريد للسلام وهدد بعد ذلك بحل السلطة ثم ألقى القنبلة في الغد. ولم يستقر رأيه الى الآن من مِن الاثنين التاليين يبغضه أكثر هل نتنياهو أم مشعل. لنره يسافر إلى غزة، ولنره يؤلف حكومة، ولنره يحدد انتخابات، ولنر حماس تغلق فمها، ولا تفجر الأذرع الأمنية الأمور.