اتهمت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنها تقوم بنشر الفوضى في
مصر، من خلال دعمها لنظام الجنرال عبد الفتاح
السيسي الذي يحاول سحق
المعارضة بمن فيها العلمانية.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن "حكومة الجنرالات في مصر لم تستجب لنداءات ومناشدات إدارة أوباما بأن تقوم باتخاذ أدنى الإجراءات التي تساعد حكومة أوباما على استئناف المساعدات لمصر، وتشمل هذه الإجراءات الإفراج عن الصحافيين الأجانب والناشطين الداعين للديمقراطية".
وأشارت إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، عندما قال إن جنرالات مصر مطالبون "بمساعدتنا كي نساعدهم". مشيرة إلى أن نظام السيسي "فعل العكس حيث دفع قدما باتجاه معاقبة وقمع المعارضة السياسية وتحضير قانون لمكافحة الإرهاب يجرم بشكل واقعي كل المعارضين للحكومة".
وترى الصحيفة أن رد الحكومة الأمريكية على تصرفات النظام الحاكم في مصر كان "الإذعان" لما تقوم بممارسته حكومة الجنرالات، بل وأكثر من هذا "قامت في الإسبوع الماضي بشحن 10 مروحيات أباتشي للقاهرة كانت قد علقت إرسالها العام الماضي، متخلية عن موقفها من أن شحن الأسلحة المتقدمة لمصر مرتبط بتقدم مصر تجاه حكومة تشمل الجميع ومنتخبة ومدنية". وفي خطوة منفصلة أعلمت الإدارة الكونغرس أنها ماضية في تقديم 650 مليون دولار من المساعدة السنوية لمصر وهي 1.5 مليار دولار.
وتضيف الصحيفة "من ناحية فنية يمكن تبرير أفعال الإدارة بناء على الإجراءات القانونية التي تحكم المساعدات الأجنبية، حيث يسمح القانون بنوع من الدعم حتى لو لم تقم الخارجية بتقديم شهادة تؤكد فيها أن البلد المعني يقوم بتنفيذ الخطوات التي وعد بها للتحول نحو الديمقراطية. ولكن إن نظرنا للموضوع من دائرة أوسع فسياسة الحكومة لا يمكن الدفاع عنها، فمن ناحية فعلية تقوم الإدارة بمنح السيسي تصويتا بالثقة في الوقت الذي يقوم فيه بتنصيب أكثر نظام
قمعي في مصر لم تشهده من نصف قرن على الأقل".
وبحسب الصحيفة، لم يكن مثيرا للاستغراب أن تواجه الخطوات الأخيرة المتعلقة بمصر نوعا من المعارضة من قبل الحزبين في الكونغرس. فقد أعلن باتريك ليهي (ديمقراطي- فيرمونت) ورئيس لجنة فرعية تنظر في الدعم الأجنبي، أنه علق المساعدات لمصر وكذا النائب ليندزي غراهام ( النائب الجمهوري - ساوث كارولينا) أعرب عن رفضه للمساعدات لمصر، وكانا محقين في موقفهما بحسب الصحيفة.
ولم يعد جون كيري يدعي كما فعل بعد تموز/ يوليو أن نظام السيسي يقوم بإعادة الديمقراطية لمصر، لكنه يناقش من أن الإدارة مطالبة بمواصلة دعم بعض المصالح الأمنية الأمريكية في مصر، بما في ذلك حماية أمن قناة السويس ومواجهة الجماعات المتشددة التابعة للقاعدة في صحراء سيناء. ولهذا السبب أرسلت طائرات أباتشي؛ فالجيش المصري اعتمد كثيرا على 35 مروحية أمريكية الصنع، يملكها في حربه على المتشددين في سيناء.
وتواصل الصحيفة بالقول "350 جنديا ورجل أمن قتلوا من المسلحين منذ تموز/ يوليو لكن سياسة القبضة الحديدية التي يمارسها النظام تضر ولا تنفع. فقد أظهرت تقارير متفرقة أن أعدادا من المدنيين قتلوا ودمرت بيوتهم في هجمات شنها الجيش المصري مستخدما طائرات الأباتشي، وتظل التقارير متفرقة لأن الجيش المصري يمنع الصحافيين من الحديث عن الأضرار التي تحدث بسبب عملياته ومن يتجرأ يتم اعتقاله".
وكما ناقش ديفيد شينكر من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى "فشحن مروحيات إضافية للجيش المصري قد تزيد من أعداد القتلى بين الإرهابيين ولكنها تزيد في الوقت نفسه الدعم بين أهل سيناء للقاعدة".
وبمفهوم أوسع فمحاولة النظام لسحق كل المعارضة بما فيها العلمانية والسلمية مكتوب عليها الفشل. فالولايات المتحدة لا تعمل إلا على تشجيع الفوضى من خلالها دعمها للحكومة.
وتشير الصحيفة إلى ما قاله النائب ليهي أنه سيعلق المعونات "حتى يكون لدينا فهم أحسن حول الطريقة التي سيتم فيها استخدام المساعدة ونرى أدلة مقنعة من أن الحكومة ملتزمة بحكم القانون"، وهذا امتحان مناسب،كما تقول الصحيفة.