نشرت صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية مقالا للكاتب كون كوغلن، تساءل فيه عن السبب في تردد الغرب في إثارة غضب
روسيا في الشأن السوري، وخاصة بعد أن نجح في "لي ذراعها"، باستخدام القوة الناعمة في الشأن الأوكراني.
وقال كوغلن في مقاله إنه عندما قامت صحيفة "تلغراف" هذا الأسبوع بالكشف عن استخدام نظام الرئيس السوري بشار الأسد لقنابل "الكلورين" بشكل روتيني ضد المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار، ردت وزارة الخارجية الروسية مباشرة وكذبت تقرير الصحيفة، "مع أن عينات التربة تم أخذها حديثا بعد هجوم قامت به طائرات الهيلوكوبتر التابعة للنظام، وتم تحليل العينات من قبل خبراء، ولكن موسكو تصر على أن الثوار هم من يستخدمون هذه الأسلحة (بالرغم من عدم امتلاكهم طائرات هيلوكبتر)، بهدف إثارة رد فعل دولي" على حد قول الكاتب.
وتحدث الكاتب في المقالة عن "الكذب" الذي تمارسه روسيا، مستشهدا بإنكار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوجود قوات روسية في
القرم بالوقت الذي كانت تنتشر فيه القوات الروسية الخاصة في الإقليم، ويقول إن "هذا ليس غريبا، فجزء من تدريب بوتين كضابط مخابرات هو التعلم كيف يكذب، ولكنه ليس المسؤول الروسي الوحيد الذي يفعل ذلك، فوزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، متقن لهذا الفن أيضا، حتى أن وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، قال: ليس هناك أمهر منه في أن يخبرك بأن الأحمر أزرق والأسود أبيض".
وأشار الكاتب إلى أن الاستنتاج الأهم من ردة فعل روسيا على تقرير "تلغراف"، هو أن روسيا لا تزال ملتزمة ببقاء حليفها الأسد، والذي كانت واضحة في دعمه منذ البداية، "بغض النظر عن عدد الناس الذين يقتلهم خلال هجماته على مواقع الثوار".
وتابع بأنه "لم يكن حتى هجوم الصيف الماضي على ريف دمشق بغاز السارين مقنعا للروس بالتخلي عن حليفهم، بل إن روسيا لعبت دورا مهما في التوصل إلى صفقة تسلم فيها
سوريا ترسانتها الكيماوية (والمنتهية المدة في معظمها)، مقابل تراجع الغرب عن توجيه ضربات جوية.. وكانت تلك الصفقة في أيلول/ سبتمبر الماضي نقطة تحول بالنسبة لنظام الأسد، الذي شجعه اجتيازه لتهديدات التدخل لإعادة نشاطه، في محاولة القضاء على الثوار بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك البراميل المتفجرة والمحتوية على التركيبات السامة المكونة من الكلورين والأمونيا" وفق مقال الصحيفة.
وقال كوغلن إن من الأمور التي جعلت الغرب يظهر عاجزا تجاه سوريا هو "تحسسه من إغضاب موسكو"، التي تولت تسليح الأسد وتغطيته دبلوماسيا، و"لكن الكثير تغير منذ آب/ أغسطس الماضي، عندما وقفنا على شفير الحرب -وخاصة بعد اجتياح بوتين للقرم، وضمها بشكل غير قانوني وإرهابه لمناطق كبيرة في شرق أوكرانيا" على حد قول الكاتب.
وأضاف أنه "لا بد أن بوتين تجرأ على خطوته في محاولة إعادة أوكرانيا إلى السيطرة الروسية بعد أن استشعر سكوت الغرب تجاه دعم روسيا للأسد، ولكن ما حصل هو العكس، فعلى عكس صورة النمر الورقي الذي فشل أن يزأر بخصوص سوريا، يبدو أن الغرب أكتشف تصميمه على مقاومة الحكام المستبدين، وخاصة عند الدفاع عن سيادة شعب أوروبي مستقل".
وقال: "لا أحد يريد حربا عالمية ثالثة بسبب أوكرانيا، ولكن وكما وجد بوتين من خلال تجربته المكلفة فإن هناك طرقا كثيرة لإعادة الدب الروسي الهائج إلى قفصه دون الاضطرار إلى مواجهة عسكرية، فالإجراءت المختلفة التي اتخذتها أمريكا والدول الغربية كان لها أثر في إيقاظ الكرملين، وحتى أنها جعلت الرئيس بوتين يعود عن كلامه بخصوص اجتياح كامل لشرق أكرانيا".
وأشار كوغلن إلى أن الروبل الذي يعاني قبل مشروع بوتين في أوكرانيا "هبط بعنف"، ما اضطر البنك المركزي إلى رفع نسبة الفوائد، كما أن المستثمرين الأجانب سحبوا ما يقدر بـ 37.9 مليار جنيه استرليني، ما يعطل فرصة تعافي الاقتصاد على المدى القصير، "وباختصار فإن الاقتصاد الروسي يدفع ثمن حب بوتين للمغامرات العسكرية".
وتساءل: "إن كان بإمكاننا إجبار الكرملن على أن يغير تصرفه تجاه أوكرانيا، لماذا لا نفعل نفس الشيء تجاه سوريا؟ فقد تكون محادثات جنيف بخصوص سوريا فشلت، ولكن هناك قضايا كثيرة تهم الغرب، وروسيا لا تزال تناقش هناك، مثل إيران وأوكرانيا".
وينهي بالقول إن كون الغرب اكتشف أنه لا داعي للخوف من جرح مشاعر روسيا، فربما يكون الوقت قد حان لبعض الكلام المباشر والصريح حول سوريا، وهو أن "إبقاء حكومة تقتل شعبها بالغازات السامة لا يخدم مصالح أحد ولا حتى روسيا".