في تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" حول مدينة الفيوم، قالت فيه إن "الناس هنا كانوا قبل عامين متحمسين للديمقراطية، وحضر الناس هنا في هذا الإقليم الزراعي الاجتماعات السياسية، وتناقشوا في الأمور السياسية وتحدثوا بشكل علني عن رغبتهم في حكومة إسلامية".
ثم تقول إنه "وبعد تسعة أشهر من الانقلاب العسكري وقبل أسابيع من انتخابات رئاسية أخرى، فالقليل هنا يريد أن يتحدث في السياسة. وبالنسبة للكثيرين من
أهل الفيوم والمناطق
المصرية النائية الأخرى حيث يعيش الفقراء وهي التي شكلت سابقا العمود الفقري للصحوة الإسلامية، فإن
الديمقراطية ماتت الصيف الماضي مع الانقلاب وعاد الخوف المعهود ليسكن الناس مرة أخرى".
وتنقل كاتبة التقرير أبيغيل هوسلوهنر، كلام كهل ذي لحية بيضاء ويملك دكانا، اسمه رضا سعد، حيث قال إن "الانتخابات الماضية سمحت للناس أن يختاروا لأول مرة واختار الناس محمد
مرسي.. والآن الناس محبطون".
وكانت الفيوم التي تقع على رافد من روافد النيل على بعد 64 ميلا جنوب غرب القاهرة قد صوتت بغالبها لمرسي، مرشح الإخوان الذي كسب أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في البلاد.
ولا تزال ملصقات حملة مرسي معلقة على الجدران المتداعية في عاصمة الإقليم، بينما هناك غياب ملحوظ لمصلقات الدعاية الانتخابية للسيسي.
وتنقل الكاتبة كذلك عن رجل كهل كان يتسوق هو وزوجته التي ترتدي خمارا أسود، قوله: "لا أحس أن هناك من يمثلني الآن"، ورفض الزوجان البوح باسميهما وكانا على عجلة من أمرهما.
وتعلق: "هنا تخيم اللامبالاة والمرارة على الشوارع المحفرة حيث يقوم المزارعون ببيع الخضار
وأسماك نهرية اصطادوها من النهر.. وكثيرون ممن وافقوا على التحدث إلينا قالوا إنهم سيقاطعون الانتخابات، ببساطة".
وقال سيد عيد، الذي يعمل على كشك بيع ساندويشات فول حيث يبيع الواحدة منها بـ 10 سنتات: "لن أدلي بصوتي". وضحك الزبائن من حوله عندما وجه السؤال إليهم. وقال واحدا منهم بسخرية: "
السيسي".. بينما أطرق الباقون.
وقال أحمد ممدوح، وهو مهندس بترول والوحيد في الطابور الذي قبل إعطاء اسمه كاملا: "إنها الحقيقة التي علينا أن نعيش معها".
وتروي الكاتبة أن البلدات النائية على نهر النيل جنوب البلاد، كانت أراضي خصبة للصراع بين المتطرفين والأنظمية القمعية لمبارك ومن سبقه من العسكريين. والشيخ الضرير عمر عبدالرحمن المسجون مدى الحياة في الولايات المتحدة نشأ هنا في الفيوم كداعية شاب في الستينيات وله مؤيدون هنا. ولمنع الإسلاميين من ممارسة السياسة، فإن خطر التطرف والعنف يلوحان بشكل بارز بحسب المحللين.
ومنذ الانقلاب، وقعت مظاهرات ومواجهات عنيفة بين مؤيدي مرسي وقوات الأمن بانتظام. وقبل أيام قامت قوات الأمن بإغلاق باب جامعة الفيوم وأغلقت شوارع أخرى في البلدة.
وقال متحدث باسم الداخلية، إن الفيوم تعتبر من أكثر المناطق التهابا في البلاد.
ولكن هناك قطاعا يقول بأن وضعه تحسن، فالأقلية القبطية عانت من مضايقات المتطرفين الإسلاميين بعد سقوط مبارك. وقال بعض أعضاء الأقلية القبطية إن استلام الجيش لزمام الأمور خفف من محنتهم بإضعاف خصمهم.
ويقول أكرم عزت، وهو مهندس زراعي مسيحي، إن أتباع حزب النور السلفي كانوا يضايقون النساء غير المنقبات في الشوارع.
وأضاف أنهم بعد خسارتهم السياسية أصبحوا "لا يشعرون بتلك القوة وتحولوا بعد رحيل مرسي إلى أناس لطفاء مع الناس العاديين، ويحاولون التقرب من الأقباط ويقولون لهم إنهم أصحاب". وزاد أن الإخوان المسلمين الأكثر اعتدالا والذين كانوا يعقدون الاجتماعات السياسية العامة في كل أنحاء الفيوم، أصبحوا الآن اكثر "خوفا وجبنا"، ولذلك سيصوت الأقباط للسيسي لإبقاء الأوضاع كذلك.
ورفض حزب النور، وهو الحزب الإسلامي الوحيد الذي أيد الانقلاب، التعليق على الوضع الراهن، وقال السكرتير العام المحلي للحزب على التلفون، حيث رفض المقابلة وجها لوجه لظروف لم يبين ما هي: "ينحاز الحزب بناء على المصلحة العليا للبلاد".
أما الإسلاميون الذين صوتوا للحزب فهم يتهمون أعضاءه بخيانة القضية. ويعلق سعد صاحب الدكان، بينما جلس في ظل دكانه يعبث بسبحته: "إنهم لاعقي أحذية وسيفعلون أي شيء للبقاء في السلطة".
وأضاف: "والآن يطلب الجيش منا التصويت له، فهل علي التصويت لهم خوفا أم أملا في أن يفعلوا شيئا لأجل البلاد؟".