بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي في يوليو الماضي، وعودة ممارسات نظام مبارك للظهور مرة أخرى في
مصر، كان نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يتندرون بأنه لم يبق من
مكاسب ثورة يناير سوى إلغاء العمل بالتوقيت الصيفي، لكن حتى هذا المكسب البسيط ذهب أدراج الرياح.
وبحسب الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء على "فيسبوك"، فإن أسباب عودة
التوقيت الصيفي مرة أخرى، هي الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر، واستمرار نقص مصادر الطاقة، التي أدت إلى انقطاع التيار الكهربي بمعدلات كبيرة.
وكانت حكومة عصام شرف قد ألغت العمل بهذا التوقيت في نيسان/ إبريل عام 2011، في أعقاب
الثورة، بعد 23 سنة من تطبيقه، وظل القرار معمولا به لثلاث سنوات، حتى قررت حكومة إبراهيم محلب بشكل مفاجئ، الأربعاء إلغاء التوقيت الصيفي بدءا من منتصف أيار/ مايو الجاري، رغم رفض المصريين له في ثلاثة استطلاعات أجرتها الحكومة الشهر الماضي.
وقال حسام القاويش المتحدث باسم مجلس الوزراء، في مداخلة على قناة التحرير مساء الخميس: "إن القرار جاء في إطار دراسة البدائل التي يمكن بها السيطرة على قطع الكهرباء"، لافتا إلى أن
"تطبيق التوقيت الصيفي سيكون من نتائجه تخفيف الأحمال بدرجة أقل، وسيقلل من الوقود
المستخدم في توليد الكهرباء".
وأضاف القاويش أن الحكومة "ستستثني شهر رمضان من العمل بالتوقيت الصيفي، لتقليل فترة الصوم".
قرار "أهبل"
ووصف محرم هلال الرئيس التنفيذى لاتحاد جمعيات المستثمرين، قرار عودة التوقيت الصيفي مرة أخرى، بأنه "أهبل"،مبينا أنه لن يؤدي الغرض الذي صدر من أجله وهو توفير استهلاك الكهرباء.
وأضاف هلال، في تصريح لصحيفة اليوم السابع، أنه بدلا من هذا القرار، هناك حلول عملية مثل الزام المواطنين باستخدام اللمبات الموفرة للطاقة، حيث سيوفر 80% من استهلاك الكهرباء، مشيرا إلى أن الحكومة يجب أن تبدأ أولا بتطبيق هذا القرار على أعمدة الإنارة فى الشوارع والمنشآت العامة.
من جانبها، أبدت جبهة ثوار مصر، اندهاشها من قرار الحكومة بالعودة لتطبيق التوقيت الصيفي، بعد إلغائه لمدة تجاوزت الثلاث سنوات عقب ثورة يناير.
وأكد محمد الفرماوي رئيس المكتب السياسى للجبهة، فى بيان صحفي تلقى "عربي 21" نسخة منه ، أن الحكومة تبدو وكأنها تتفنن في تصدير القلق والمشاكل للشعب المصري، فرغم الفرحة الطاغية التي انتابت الجميع عند إلغاء التوقيت الصيفي، أسوة بمعظم دول العالم، يصر رئيس الوزارء إبراهيم محلب على عودته، وكأنه يريد القضاء على المكتسب الوحيد الذى حصده الشعب من جراء ثورته.
وناشد محلب بالعدول عن قراره، خاصة وأن توفير الطاقة لن يتم بهذا القرار الغريب، مطالبا الحكومة بالبحث عن آليات جديدة ومبتكرة بعيدا عما يزعج الشعب.
مصدر للإزعاج
وفيما ظهر ارتباك الحكومة وعدم تنسيق المواقف بين قطاعاتها المختلفة، فقد وصفت مصادر بوزارة الكهرباء قرار إعادة العمل بالتوقيت الصيفي بأنه خاطئ وغير مفيد.
وكشفت المصادر أن التوقيت الصيفي لا يفيد قطاع الكهرباء إلا بشكل محدود، حيث يوفر فقط نحو 150 ميجاوات، وهي كمية محدودة جدا من الطاقة الكهربية، حسبما ذكرت صحيفة المصري اليوم.
وأشارت المصادر إلى أن تغيير التوقيت الصيفي لا يصاحبه تغيير في سلوك المواطنين، حيث أثبتت الدراسات أن الجميع يقومون بتعديل مواعيدهم وفقا للتوقيت الجديد، فتقوم المنشآت التجارية والصناعية بتغيير مواعيد إغلاقها، فتغلق على سبيل المثال في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بدلا من الثانية عشرة، فلا يكون هناك أي تأثير على حجم الاستهلاك.
وأوضحت استطلاعات متعددة للرأي ودراسات متخصصة، أن غالبية المواطنين يعتبرون تغيير التوقيت مصدرا للإزعاج لا طائل وراءه.
وتفاقمت أزمة الكهرباء في الأشهر الأخيرة، وأصبح الانقطاع المتكرر للتيار في كل المحافظات، الذي يستمر في بعض الأحيان لعدة ساعات، مؤرقا للمصريين، كما أنه تسبب في زيادة السخط الشعبي على الحكومة.
وكانت أزمة الطاقة من أهم أسباب الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس محمد مرسي، التي استغلها خصومه لتمهيد الطريق أمام الانقلاب العسكري الذي أطاح به في تموز/ يوليو الماضي.
"رجّعوا مبارك بقى"
واعتبر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أن التوقيت الصيفي، كان يمثل آخر مكتسبات ثورة يناير، فكتب عمرو عبد الهادي المتحدث باسم جبهة الضمير على "تويتر معلقا على القرار قائلا: "طيب يرجعوا حسني مبارك بقى".
وتهكم أحمد عبد الله قائلا: "عاوزين يلغوا الإنجاز الوحيد للراجل البركة عصام شرف"، وكتب محمد صلاح على "تويتر": "انتبه من فضلك البلد ترجع إلى الخلف".
وكتب سيرجيو المصري: "هيرجعوا التوقيت الصيفي، الحاجة الوحيدة اللي اتغيرت بعد الثورة راحت، كده الثورة خلاص ضاعت".
بينما تهكم "أبو نسمة الأسطورة" من القرار، قائلا: "حتى التوقيت الصيفي رجع تاني، وكأن ثورة لم تقم وكأن نظاما لم يسقط".
وفي وصفه لحال البلاد بعد هذا القرار قال زياد محمد: "التوقيت الصيفي رجع وحق الشهدا لسه مرجعش.. عظيمة يا مصر".