استعرض الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بالمغرب
إدريس جطو، ملفات العديد من
المؤسسات الحكومية، مشيرا بالأرقام إلى العديد من
الاختلالات المالية والتدبيرية التي تعرفها هذه المؤسسات، وذلك مساء الأربعاء في جلسة جمعت البرلمان
المغربي بغرفتيه الأولى والثانية.
قطاع الصحة عرف الحظ الكبير من الاختلالات، حيث كشف جطو عن أنه تم إنجاز وحدة لصناعة الأدوية سنة 1993 وكلف بناؤها ما يفوق 13 مليون دولار أمريكي، منها 6 ملايين على شكل قرض من البنك الدولي، إلا أنها لم تستغل لهذا الغرض، ويتم استعمالها حاليا كمطرح للأدوية المنتهية الصلاحية.
مقدم التقرير عاد للاختلالات التي عرفتها صفقة اللقاحات بوزارة الصحة سنة 2010، حينما كانت الاستقلالية ياسمينة بادوا على رأس الوزارة، مؤكدا أن اختلالاتها تسببت في ضياع مبالغ مالية مهمة للدولة، وذكر أنها تمت دون الرجوع إلى الجهات المختصة وأنها تمت في غياب الشفافية.
وعلى مستوى قطاع العدل كشفت مصالح
المجلس الأعلى للحسابات من خلال عينة من المحاكم، أن أكثر من 95 بالمائة من الغرامات المحكوم بها لصالح الدولة لا يتم التكفل بها من طرف هذه المحاكم مما يعرضها للتقادم، كما أنه لا يتم استخلاص إلا ثلثي الـ 5 بالمائة المتبقية.
وسجل التقرير بهذا الصدد، أنه ومنذ أن تسلمت وزارة العدل مهمة تحصيل الغرامات والإدانالت النقدية سنة 1993 أخذت المبالغ غير المستخلصة تتفاقم بشكل متسارع إلى أن فاقت مبلغ 4.5 مليار درهم متم سنة 2013.
التقرير الذي عرض لأول مرة بالبرلمان طبقا لمقتضيات الفصل 148 من دستور 2011 بالمغرب، سجل في مجال التربية والتكوين، معطيين خطيرين تهم الاختلالات بهذا المجال، حيث ذكر أن الصفقة المتعلقة ببناء إقامة للطلبة المهندسين بالمدرسة الوطنية للصناعة المعدنية، تجاوزت المبالغ المؤداة بها قيمة الأشغال المنجزة "مما يعني أداء مبالغ مالية مقابل خدمات غير منجزة تستوجب التدقيق والمتابعة".
وأشار المتحدث أمام البرلمانيين إلى أن إنجاز أشغال بناء مقر الكلية المتعددة التخصصات بمدينة تازة شرق المغرب، تم بطريقة غير مطابقة للمعايير والقواعد الفنية المعمول بها، وسجل المجلس وجود تصدعات وشقوق عميقة بادية للعيان مما جعل البناية في وضعية مقلقة وتشكل خطرا على سلامة مستعمليها، وقال مقدم التقرير إن المجلس طلب من الوزارة الوصية والجامعة بإجراء الخبرة واتخاذ التدابير اللازمة لتفادي الكارثة.
وفضح جطو كذلك شركات التدبير المفوض (هي شركات وطنية أو أجنبية يوكل لها مهام تدبير الماء والكهرباء من طرف المجالس المنتخبة محليا) مسجلا أنها تقدم معطيات مالية غير دقيقة، من خلال احتساب مصاريف عير مبررة والمبالغة في قيمة الاستثمارات واتخاذ قرارات دون الرجوع إلى السلطة المختصة.
وفضلا عما سجله قضاة المحاكم المالية، من إخلال لواجبات شركات التدبير المفوض على مستوى تنفيذ البرامج الاستثمارية "مما يؤدي إلى تحقيق أموال غير مستحقة"، ذكر جطو في هذا الصدد أن المجلس الذي يرأسه يشتغل على تقرير موضوعاتي يتعلق بواقع التدبير المفوض بالمغرب سيتم الانتهاء منه نهاية شهر حزيران/ يونيو القادم وسيتم عرضه أمام البرلمانيين باللجان المختصة.
وأعلن جطو عن مبادرات جديدة لمجلسه، منها أن المجالس الجهوية للحسابات برمجت للتقرير الذي يشمل سنة 150 عملية افتحاص سنة 2013، بعكس سنة 2012 التي عرفت فقط 96 عملية افتحاص، وسنة 2011 التي لم يتجاوز العدد فيها 56 عملية، وذلك بعدما سجل ملاحظات عدة على الجماعات الترابية منها ضعف التخطيط وتجاوز مساهماتها في عدد من المشاريع للمداخيل، فضلا عن الخصاص الكبير في الموارد البشرية.
هذا وينتظر أن يبرمج مكتب مجلس النواب موعدا لاحقا لمناقشة عرض جطو، وذلك وفقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 148 من الدستور الذي ينص على أنه "يُقدم الرئيس الأول للمجلس عرضا عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان، ويكون متبوعا بمناقشة".
يشار إلى أن المجلس الأعلى للحسابات هو مؤسسة دستورية وتناط به مهام إنجاز تقرير سنوي، يفتحص من خلاله قضاة المحاكم المالية العديد من المؤسسات العمومية، ويعمد إلى رفع نسخ من التقرير إلى ملك البلاد وكل من رئيس الحكومة ورئيسي البرلمان، ويقدم عرضا في الموضوع أمام البرلمان، كما أن له حق الإحالة التلقائية على القضاء للملفات التي يتأكد له فداحة التلاعب المالي فيها أو التي تعرف اختلاسات مالية.