أعلن مصطفى
الرميد وزير العدل والحريات
المغربي، عن فتح تحقيق في موضوع تعرض المعتقل "علي عراس" للتعذيب في السحون المغربية.
جاء ذلك في وقت اتهم فيه الوزير منظمة العفو الدولية "
أمنستي" بـ"التشهير" والصمت على انتهاكات دول تعيش زمن الرصاص، واعدا بإنشاء آلية وطنية للنظر في شكاوى ضحايا
التعذيب.
وفي بلاغ لوزارة العدل والحريات، صدر الأربعاء 21 أيار/ مايو، تم الإعلان عن تقديم "الوكيل العام للملك، لدى محكمة الاستئناف بالرباط، يوم الأربعاء 21 أيار/ مايو 2014، بملتمس إلى قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة بالمحكمة نفسها، لإجراء تحقيق في الموضوع قصد التأكد من صحة الوقائع المدعاة وتحديد المسؤولين عنها".
وتابع البلاغ الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، بأن "فتح التحقيق جاء على إثر ما تضمنه تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص، المعني بمناهضة التعذيب، وكذا تقرير منظمة العفو الدولية بشأن حالة علي عراس، وفي إطار تعميق الأبحاث في الشكوى التي كان قد تقدم بها دفاعه بشأن تعرضه للتعذيب.
هذا البلاغ جاء في أعقاب تقرير رفعه الرميد إلى الغرفة الأولى من البرلمان المغربي، كشف فيه عن سلسلة إجراءات اتخذها المغرب من أجل مواجهة التعذيب والحد منه كظاهرة، متهما منظمة العفو الدولية باستهداف المغرب عبر الاستعانة بوقائع قديمة ومتجاوزة.
وشدد مصطفى الرميد، في تقريره على أن يتجه إلى إحداث آلية وطنية بالنظر في الشكاوى المقدمة من قبل الأفراد بادعاء التعذيب، وذلك تتويجا لمصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري المرفق باتفاقية التعذيب.
وتابع الوزير في التقرير الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، بأن قبول المغرب بإمكانية تقديم أفراد للشكاوى أمام لجنة مناهضة التعذيب، بعد استيفاء طرق الطعن الوطني، مؤشر على أنه واثق من إرادته في محاربة التعذيب، لأنها إرادة جماعية لا رجعة فيها.
وأكد الوزير على أن "المغرب جاد في محاربة التعذيب، وكل أشكال المعاملة القاسية، بتوفير كافة الضمانات أثناء الحراسة النظرية، والاعتقال لمواجهة كل التجاوزات التي يمكن أن تقع بسبب بعض القائمين على إنفاذ القانون، ممن يتجرأون بشكل أو بآخر على خرقه".
وأقر المتحدث، بأن هناك تجاوزات لا يمكن تجاهلها، من أجل ذلك حاولت الحكومة استباقها من خلال التعديلات التي أدخلت على مشروع المسطرة الجنائية وغيرها.
من جهة أخرى، هاجم مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، التقرير الأخير لـ منظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناسيونال"، متهما المنظمة بـ"التشهير" بالمغرب، وتجاهل تقارير أممية خاصة بالتعذيب، والاتجار في البشر بالاعتقال التعسفي.
وقال مصطفى الرميد: "لقد فوجئنا به لأنه حشر المغرب في إطار حملة دولية لمدة سنتين، مع أربع دول أخرى من الصعب مقارنة وضعها الحقوقي مع التطور الحاصل في بلادنا، والمكاسب المسجلة بها على هذا الصعيد".
ودعا الرميد منظمة العفو الدولية التي وصفها بأنها تخوض حملتها التشهيرية ضد بلاده، إلى توجيه هذه الحملة نحو دول ما زالت تعيش زمن الرصاص وما أكثرها، معتبرا أن استبعاد هذه الدول عن نطاق حملتها يعني أنها تزكي ما يقع فيها.
واعتبر الرميد أن التقرير تجاوز منطق التقارير السنوية السابقة الصادرة عن المنظمة، فضلا عن أنه لم يأخذ بعين الاعتبار تقارير وازنة، مثل تقرير المقرر الأممي الخاص بالتعذيب، والمقرر الأممي الخاص بالاتجار في البشر، وتقرير فريق الأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي.
وسجل وزير العدل باستغراب صدور هذا التقرير دون أدنى تبادل للمعطيات، وتحليلها مع المؤسسات المختصة ببلادنا، خلافا للمنهجية المعتمدة من قبل عدة جهات حقوقية دولية، حتى يكون لتقريرها قيمة ومصداقية، خاصة وأنها أوردت روايات من يعتبرون أنفسهم ضحايا التعذيب دون حجة أو دليل، واكتفت بتصريحاتهم المجردة.
واستهجن المتحدث أن يتضمن هذا التقرير معطيات عن أوضاع حقوقية، تجاوزتها بلادنا بمسافة شاسعة، وأصبحت جزءا من الماضي، ومع ذلك أبى التقرير إلا أن يجعلها ضمن معطيات حاضرنا.
وتابع الرميد، بأن التقرير جاء في زمن حقق فيه المغرب عبر السنوات الماضية، الكثير من المكتسبات الحقوقية، ويطمح فيه لما هو أكثر.
و تساءل الوزير: "هل ما زال إجبار المعتقلين على وضع رؤوسهم في المرحاض، أو حشر مواد مشربة بالبول في أفواههم ممكنا حدوثه في مغرب اليوم؟ هل مازال المغرب يعرف الاغتصاب باستخدام الزجاجات؟".
وقال: "إنني كمسؤول أول عن النيابة العامة، لم يصلني أي شكوى في الموضوع شفهيا أو كتابة، خلال سنتين ونصف".
وكانت منظمة العفو الدولية، قد نشرت تقريرا عن التعذيب لسنة 2014، الثلاثاء، 13 أيار/ مايو الجاري، مسجلة أن المغرب تقاعس في الحد من التعذيب وفي الوفاء بالتزاماته باستئصال شأفة التعذيب، بعد انقضاء ثلاثة عقود على تبني الأمم المتحدة، في 1984، "اتفاقية مناهضة التعذيب".
ونشرت "عربي21" التقرير الذي اختار المغرب كنموذج للتدليل على استمرار استعمال التعذيب، من قبل الدولة في علاقتها مع المعتقلين، وجعله وسيلة لانتزاع الاعترافات، مقدمة حالة المعتقل "علي عراس"، الذي أدين بـ12 سنة سجنا نافذة.