كتب عبد الله الشايجي: في كل مرة أزور فيها دولة
الإمارات العربية المتحدة، أخرج بانطباع يؤكد أن الأولوية تبقى للتميز، وتقديم ما يُبقي دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة إمارتيّ أبوظبي ودبي في المقدمة.. ما لفتني في زيارتي الأخيرة الأسبوع الماضي بعد غياب لأشهر هو التصميم على التطوير والعمران والسير على نهج التميز والسعي للمركز الأول، على حد قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.
كان الأسبوع الماضي أسبوعاً مميزاً أمضيته متنقلاً في حقل المعرفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي باتت تختصر بشكل لافت القوة «الناعمة» ليس لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن للدول الخليجية. ولما يمكن أن يكون عليه مستقبل الحالة العربية في القادم من العقود. مقال اليوم يتمحور حول مشاركتي في فعاليات «
منتدى الإعلام العربي» في دورته الثالثة عشرة الذي جاء تحت عنوان «مستقبل الإعلام يبدأ اليوم"، وكيف يعزز الإعلام وصناعته رصيد القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة ودبي بالتحديد. من البداية، هذا الأمر أدركه القائمون على المنتدى، الذي تحول وبشكل لا يقبل النقاش إلى أكبر تجمع للإعلاميين العرب من الخليج إلى المحيط، حيث استضاف هذا العام آلاف الإعلاميين والأكاديميين العرب في دورته لهذا العام. وقد أصبح المنتدى أهم تجمع للإعلاميين العرب من داخل وخارج الوطن العربي على السواء.
نعيش اليوم في عصر سرعة تطور الإعلام الحديث والذكي على حساب تراجع الإعلام التقليدي، خاصة الورقي. بات الإعلام اليوم - الإعلام الذكي والسريع والمحلي. وأصبح المتابع والمشاهد والقارئ اليوم أكثر ذكاءً وإلماماً ومتابعة لما يجري، لذلك لم يعد مقبولاً استغفال المتلقي؛ لأنه أصبح ذكياً وملماً. هذا بالإضافة لمشكلة الانتقادات الدائمة لغياب الحريات وانخفاض سقفها. مقابل استشراء الفوضى الإعلامية اليوم خاصة في جمهوريات «الربيع العربي».
كان لافتاً أن تخصص إحدى ندوات المنتدى لحلقة نقاشية بعنوان «المشهد الإعلامي العربي بعد الخريف»؟ وقد شاركت في تلك الندوة كأحد المتحدثين، حيث تمت محاكمة الإعلام العربي في أعقاب أو مع استمرار ثورات «الربيع العربي»، علماً بأنني لا أؤيد مصطلح «الربيع العربي» أو «الخريف العربي»، الذي يبقى مصطلحاً إعلامياً وليس أكاديمياً مشتقاً من «ربيع براغ» لعام 1968. وقد تعرض الإعلام العربي اليوم لاهتزاز وتشكيك بصدقيته وحياديته وحتى سكبه الزيت على النار والتحريض الطائفي ودعم طرفٍ على طرفٍ في تخليه عن مسؤوليته المهنية، وتراجع منسوب الحيادية والشفافية، وبالتالي تأثرت مسؤولية الإعلام، في المقابل.
وقد طُرحت في الجلسة أسئلة عديدة تنال من صدقية وشفافية وموضوعية الإعلام ودور الأيديولوجية والممول في التأثير على صورة الإعلام ومهنيته وحياده. وتمحورت محاور الجلسة بطرح تساؤلات حول الحيادية والموضوعية والأجندات التي يتم توظيف الإعلام بمختلف أشكاله لخدمتها. وقديماً قيل من يملك المال يسيطر على العقول. كل تلك الظواهر تمت مناقشتها في عشر جلسات في منتدى الإعلام العربي، الذي استمر على مدى يومين في جميرة بدبي.
تحول المنتدى الإعلامي، الذي يشرف عليه وينظمه نادي دبي للصحافة، إلى أهم تجمع وتظاهرة إعلامية وثقافية عربية تستقطب المبدعين والمتميزين في العمل الإعلامي من جميع أرجاء الوطن العربي.. وفي كل عام يتميز المنتدى عن العام الذي سبقه سواء من حيث عدد المشاركين أو بنوعية وتميز الندوات والجلسات التي تلامس جميع مجالات الشأن الإعلامي العربي التقليدي والحديث وتحدياته ومستقبله. في هذا العام، بلغت الأعمال المشاركة لنيل جوائز نادي دبي للصحافة 4532 عملاً بارتفاع نحو 10%عن العام السابق، مساهمات هي الأكبر حجماً منذ انطلاق «جائزة الصحافة العربية».
تشمل جوائز الصحافة العربية 13 جائرة سنوية ينظمها ويشرف عليها نادي دبي للصحافة عبر مجلس إدارة يتشكل كل 3 سنوات ويضم 16 عضواً، من مختلف الدول العربية، ويتم اختيار محكمين للأعمال ضمن تلك المجالات الثلاثة عشر، ليتم فرز وتحيكم جميع الأعمال المقدمة للتنافس في الجائزة. أما الفئات التي تشملها جائرة الصحافة العربية، فهي: 1- جائزة الصحافة الاستقصائية. 2- جائزة الصحافة الرياضية. 3- جائزة الصحافة الاقتصادية. 4- جائزة الحوار الصحافي. 5- جائزة الصحافة العربية للشباب. 6- جائزة الصحافة السياسية. 7- جائزة الصحافة للرسم الكاريكاتيري. 8- جائزة العامود الصحافي.9- جائزة الصحافة الثقافية. 10- جائزة أفصل صورة صحفية.11- جائزة الصحافة التخصصية. 12- جائزة الصحافة الإنسانية. 13- جائزة الكاريكاتير. هذا بالإضافة إلى جائزة شخصية العام الإعلامية، وجائزة فئة العمود الصحفي. وأستطيع أن أؤكد حيادية وسرية وشفافية الآلية المتبعة في تقويم الأعمال المتنافسة، بحيث لا يمكننا معرفة أسماء المتنافسين ولا الصحف التي نشرت أعمالهم.
ما يلفت الانتباه في تميز ومهنية نادي دبي للصحافة هو في إدارته النسوية. فرئيسة نادي دبي للصحافة ورئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي هي السيدة منى المري، التي كان دورها وحضورها وحرصها على الوجود في جلسات المنتدى بارزاً وواضحاً. وكذلك كان دور وحضور ومشاركة منى بوسمرة بفعاليات الملتقى- وهي التي خلفت امرأة أخرى متميزة هي مريم بن فهد المديرة السابقة لنادي دبي للصحافة والمنتدى- متميزاً، وهذه علامة واضحة أن قيادات الإعلام في دبي هن من النساء المتميزات.
أكثر ما أتطلع له في مشاركاتي في منتدى الإعلام العربي، هو تنوع الندوات والجلسات وتبادل الأحاديث مع الزملاء والأصدقاء من إعلاميين وصحافيين وأكاديميين، وسعدت بالالتقاء وتبادل الأحاديث مع إعلاميين وكُتاب وصحافيين من أصحاب مهنة المتاعب، حيث تباحثنا وناقشنا العديد من القضايا، التي تفرض نفسها، وهذه ميزة أخرى وقيمة مضافة في كل مؤتمر أو ملتقى، ما يُضفي نكهة مميزة لتلك اللقاءات والمؤتمرات.
كان لافتاً ومؤثراً تكريم عبدالله عمران تريم وزير العدل ووزير التربية والتعليم الأسبق، مؤسس ورئيس مجلس إدارة دار الخليج للطباعة والنشر-الذي توفي مطلع هذا العام. وتكريم السيد إبراهيم العابد المدير العام للمجلس الوطني للإعلام ومدير عام وكالة أنباء الإمارات. بعد رحلة عطاء لا تزال مستمرة منذ 40 عاماً في خدمة الدولة.
عدت من دبي بعد توزيع الجوائز المستحقة للفائزين، وبعد توطيد علاقتنا مع زملاء قدامى بعضهم من الصحفيين المخضرمين والتعرف إلى أصدقاء جدد. عدت بعد أن تلمست عن كثب لماذا يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بالسعي والتنافس في المرتبة الأولى- «المرتبة الأولى وإلا فلا!»، وهذا شعار سمعناه يتردد في المنتدى بحضور الشيخ محمد بن راشد نفسه. وهذا ما أكده وليد الإبراهيم رئيس مجموعة «إم. بي. سي» في حواره بالمنتدى.. وهكذا تواصلُ دبي ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة التميز في شتى المجالات.. ما يعزز قوتها الناعمة، قوة المثال والاقتناع.. وما يضمن بقاءها في المقدمة!
(الاتحاد الإماراتية)