بدأ
الاتحاد الأوروبي، في العمل على وضع خطط طارئة، لتأمين مصادر الطاقة، واستبدال إمدادات
الغاز الروسي لأوروبا المعرضة للتوقف، وذلك بعد توقيع شركة "
غازبروم" الروسية وشركة النفط والغاز الوطنية الصينية "CNPC"، الأربعاء الماضي، على أكبر صفقة في تاريخ الطاقة بقيمة 400 مليار دولار، لتوريد 38 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الروسي من شرق سيبيريا، إلى الصين لمدة 30 عاما.
وذكرت وسائل إعلام روسية، أنه من المتوقع أن يبدأ تنفيذ الصفقة في عام 2018، بتصدير 38 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، مع إمكانية رفع هذا الرقم إلى 60 مليار متر مكعب.
ومن شأن هذه الصفقة، توثيق العلاقات بين البلدين، كما أنها ستسمح لموسكو بتنويع عملائها في قطاع الطاقة الحيوي، وخلق توازن في الأسعار.
وتوفر شركة "غازبروم" الروسية المملوكة للدولة 27%، من إمدادات الغاز إلى أوروبا، وتمر 15% من هذه الإمدادات عبر أوكرانيا، والباقي عبر خط الأنابيب "نورد ستريم" تحت بحر البلطيق، وخط أنابيب يامال، عبر روسيا البيضاء، وبولندا.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد أشار في برنامج تلفزيوني في الشهر الماضي، إلى أن إيرادات الميزانية الروسية 2013 من النفط، بلغت 191 مليار دولار، في حين بلغت إيرادات الغاز فقط 28 مليار دولار.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير لها الاثنين، أن استخدام إمدادات الغاز الروسية لأوروبا، كأداة سياسية تعزز، بعد اتفاق الغاز بين الصين وروسيا، في الأسبوع الماضي، والذي يوفر لموسكو عميلا بديلا، مستعد لاستقبال إمدادات ضخمة من الغاز الروسي.
وكانت إمدادات الغاز الروسية، إلى أوروبا تستند على الاعتماد المتبادل، ولكن في ضوء ضم شبه جزيرة القرم، والتهديدات الروسية الموجهة لأوكرانيا، لم يعد هذا مبدأ موثوقا به، لدى الاتحاد الأوروبي، في علاقته مع روسيا.
وذكر التقرير، أنه على المدى القصير والمتوسط ??لا يوجد سوى عدد قليل من الخيارات، المتاحة للحصول على إمدادات جديدة أمام الاتحاد الأوروبي، موضحا أن أكبر مصدر جديد للطاقة بالنسبة لأوروبا، من المرجح أن يكون خطوط الأنابيب عبر الاناضول، والبحر الأدرياتيكي، والتي تمتد من حقول بحر قزوين قبالة، أذربيجان في السنوات الخمس المقبلة.
وتتفاوت التقديرات، بشأن احتياطات الطاقة في حوض بحر قزوين، وتقدر وكالة الطاقة الدولية الاحتياطيات المثبتة من النفط، بنحو 15-40 مليار برميل، وهو ما يمثل 1.5% إلى 4% من الاحتياطيات العالمية المثبتة.
أما الاحتياطيات المثبتة من الغاز الطبيعي، فتقدر وفقا لنفس المصدر، بنحو 6.7-9.2 تريليونات متر مكعب، إضافة إلى احتمال وجود ثمانية تريليونات أخرى. وهو ما يمثل نحو 6%-7%، من الاحتياطيات العالمية من الغاز.
ويذكر تقرير الصحيفة الأمريكية، أنه من المقرر بناء شبكة من الأنابيب، تستطيع أن تنقل 10 مليارات متر مكعب، من الغاز إلى أوروبا سنويا، وذلك خلال العام المقبل.
كما يحتاج الاتحاد الأوروبي، وبدعم أمريكي، للتفاوض مع أذربيجان وتركمانستان، للوصول إلى المزيد من مصادر الطاقة، في بحر قزوين، وإقليم شمال العراق.
يذكر أن خلافات تسود بين الحكومة العراقية، وحكومة إقليم شمال العراق بشأن تصدير النفط، حيث تطالب حكومة بغداد، من كردستان العراق، تصدير 400 ألف برميل، عبر شركة تصدير النفط الوطنية (سومو)، فيما ترفض حكومة الإقليم تصدير هذه الكمية، مؤكدة أنها لا تستطيع تصدير سوى 100 ألف برميل فقط.
وتسعى آربيل لتصدير نحو 300 ألف برميل يوميا، إلى الأسواق العالمية عبر الخط الجديد الممتد، إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط. وأثار الاتفاق غضب المسؤولين في بغداد، الذين يؤكدون أن الحكومة الاتحادية، هي وحدها صاحبة الحق في إدارة موارد الطاقة، وانها ترفض أي محاولة لتصدير النفط بمعزل عنها.
ويذكر التقرير، أن حصول أوربا على 10 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز، عبر أي من هذه المصادر، يمكن أن يقوض قوة شركة غازبروم الروسية في تحديد أسعار الغاز، والهيمنة على السوق .
ويشير التقرير إلى أن الصراع بين شطري قبرص، واستمرار التوترات بين إسرائيل وتركيا، يعني أن هناك أمل محدود، بشأن الحصول على امدادات كبيرة من الغاز، من منطقة شرق المتوسط ??قبل عام 2025.
كما أن الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، المنتج عبر تكنولوجيا التكسير، من غير المرجح أن يصل إلى أوربا، بكميات كبيرة قبل منتصف العقد المقبل .
ويضيف التقرير أنه للحصول على إمدادات جديدة كبيرة من الطاقة في المدى المتوسط، فإن الاتحاد الأوروبي لديه ثلاثة خيارات رئيسية.
ويتمثل الخيار الأسهل، والذى يحتمل أن يكون الأكثر تلويثا للبيئة، وإثارة للجدل - فى التوجه نحو استخدام الفحم، والذى توجد منه كميات كبيرة متاحة لدى الولايات المتحدة، بسبب اتجاهها إلى استخدام الغاز الصخري. ويمكن لأوروبا ان تقوم بتجديد وإعادة تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي خرجت من الخدمة، بموجب توجيه من الاتحاد الأوروبي لإغلاقها.
أما الخيار الثاني، فيتمثل في التوجه نحو الطاقة النووية، ويواجه هذا الخيار أيضا تحديا سياسيا، وخاصة في ألمانيا، حيث قررت المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل، إغلاق قطاع الطاقة النووية في البلاد، ما يعني أن إعادة إحياء هذا القطاع، يحتاج إلى إقناع المواطنين بضرورته الحيوية.
أمام الخيار الثالث فيتمثل في تطوير إنتاج الغاز الصخري المحلي، وطاقة الرياح، ويواجه هذا الخيار قيودا من حيث الإتاحة، والتخطيط، ولكن وفقا للتقرير، فإنه يمكن للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، أن يلجأوا إلى تسهيل الإجراءات، التي يحتاجها بدء العمل في هذا القطاع.