أعلن نادي قضاة
اليمن رفع
الإضراب والعودة إلى العمل، في كافة
محاكم ونيابات الجمهورية بصورة كاملة ابتداء من الأربعاء، الموافق 28 آيار/ مايو الجاري، بناء على اتفاق أبرم بين ممثلين عن مجلس القضاء الأعلى ونادي
القضاة.
وقال رئيس النادي القاضي الجراح بلعيد بأن "الاتفاق شمل حزمة من الإجراءات والضمانات التي تكفل تحقيق متطلبات واحتياجات السلطة القضائية خلال المرحلة القادمة.
وأضاف لــ "عربي 21 " بأن "الاتفاق كفل تنفيذ العديد من القضايا منها الرعاية الطبية لجميع أعضاء القضاة وأعضاء النيابات، ومنح الترقيات المستحقة خلال أربعة أشهر من تعليق الإضراب".
وأوضح بأن "الاتفاق بين نادي القضاة ومجلس القضاء الأعلى اليمني، ضمن متابعة مشروع التعديلات التشريعية المقدمة للبرلمان اليمني لإقرارها، بما يكفل وتحقيق الاستقلال الكامل للقضاء اليمني"، مشيرا إلى أن "من ضمن الإجراءات التي تم الاتفاق عليها، تنفيذ الاتفاقية الأمنية بين نادي القضاة وزارة الداخلية القاضية بحماية وإعفاء القضاة من تفتيش أسلحتهم من قبل الحواجز والنقاط الأمنية في مختلف المحافظات اليمنية ".
ولفت إلى أن "على وزارة المالية، إطلاق البند الخاص بالمستحقات المالية للقضاة، خلال هذا العام، وقد خول نادي القضاة بمتابعة ذلك ".
هذا وقد بدأ قضاة اليمن الإضراب الشامل في مختلف محاكم ونيابات البلاد، في 26 من آذار/ مارس الماضي، احتجاجاً على ما أسموه عمليات "الاعتداء والخطف" التي طالت بعضهم من جانب مسلحين قبليين، والتي كان آخرها خطف رئيس المحكمة الجزائية القاضي عبدالعليم السروري في محافظة حجة (شمال غربي البلاد)، قبل يوم واحد من إعلان الإضراب، والذي أفرج عنه في 5 من نيسان /أبريل الماضي، إلا أن نادي القضاة جدد دعوته للقضاة بالاستمرار في الإضراب حتى تتم إقالة مدير أمن محافظة حجة، وكافة القيادات المتواطئة في واقعة اختطاف رئيس المحكمة الابتدائية الجزائية والشروع في قتل وكيل النيابة بالمحافظة.
وكانت وزارة الداخلية اليمنية وجهت في 7من أيار/ مايو الجاري كافة الوحدات الأمنية والشرطية بالمحافظات، لإعفاء القضاة من إجراءات التفتيش عن الأسلحة، وأن على القضاة إظهار بطائقهم عند حواجز التفتيش والنقاط الأمنية فقط؛ ليتم استثناؤهم من هذا الإجراء.
إلا أن إضراب قضاة اليمن عن العمل في المحاكم والنيابات، أثار حفيظة منظمات
حقوقية يمنية، حيث عبرت عن رفضها لهذا الإعلان، بحجة أنه سيعمل على تعطيل العدالة، وسيزيد من معاناة المحتجزين والموقوفين في مختلف السجون والإصلاحيات اليمنية.
ورصد مراسل صحيفة "عربي 21 " توثيقا لمعاناة بعض الموقوفين في إصلاحيات أمانة العاصمة، وذلك بالتنسيق مع منظمة روابط للدعم القانوني.
حيث أفاد أمين قاسم مساعد مدير إصلاحية المعلمي بصنعاء بأن إضراب القضاة عن العمل، فاقم من معاناة الموقوفين لديهم، على ذمة قضايا غير جسيمة".
وأكد أنه "وبعد دخول إضراب المحاكم والنيابات، الأسبوع السادس، تمكنت شرطة سجن المعلمي بصنعاء، من إحباط 7 محاولات انتحار، بالإضافة إلى أن السجناء أعلنوا مرات عديدة الإضراب عن الطعام، بحجة الاستمرار في احتجازهم دون البت في قضاياهم المنظورة أمام المحاكم اليمنية".
وأشار قاسم لـ"عربي 21" إلى أن طالبوا النيابة بالإفراج عن 30 سجينا، من خلال طلب ضمانات حضورية، إلا أن النيابة عزفت عن تلبية طلبنا، تحت مبرر الإضراب عن العمل".
من جهته قال الجندي السجين محمد عبدالله عرهب، 38عاما، المحتجز في سجن البحث الجنائي بصنعاء، على ذمة حادثة هروب سجناء منتمين للقاعدة الشهيرة من السجن المركزي بصنعاء، بعد أن تم تفجير جانب من السجن.
عرهب يروي لــ "عربي 21" أن أحد سجناء القاعدة، ويدعى مبارك الشبواني قام باستدعائه، أثناء أداء خدمته الأمنية في سطح إصلاحية السجن المركزي، وعندما أتيت لمعرفة ماذا يريد تفاجأت بأن "الشبواني ومجموعة من السجناء قد قامت باحتجاز زميلي نبيل الشعيبي الذي كان يؤدي واجبه كحارس للغرفة التي يقبع الشبواني ورفاقه فيها، حيث تمكنوا من أخذ مفتاح الغرفة من الشعيبي المحتجز لديهم، وأنا لا أعرف ذلك، إلا بعد أن قاموا بالاندفاع نحوي، واقتيادي إلى جوار زميلي نبيل الشعيبي".
وأضاف "عشر دقائق تفصلنا عن أذان صلاة المغرب، قبل أن نسمع دوي انفجار عنيف خارج السجن، أثناء عملية تسليم الواجب الأمني لزملائنا، ليحدث ما حدث بعدها من هروب السجناء".
وأشار عرهب إلى أنّه وبعد تلك الحادثة الشهيرة، تم التحقيق معهم، وإيقافهم، من قبل لجنة شكلتها وزارة الداخلية اليمنية، ولايزال ملف القضية لدى النائب العام، لم يتم تحويله للنيابة، بسبب إضراب النيابات عن العمل، وذلك للبت في قضيتهم، لإثبات إدانتهم، أو براءتهم، على حد قوله.
وهناك أشخاص يقبعون بداخل السجون اليمنية، على ذمة قضايا غير جسيمة، فمنهم من تم إيقافه على ذمة (27) ألف ريال يمني، (130) دولارا، ولا زال يقبع في السجن منذ مدة طويلة، بسبب إضراب القضاة.
بينما يقبع مهدي جمال المسوري، 18عاما، ومضى على احتجازه في سجن البحث الجنائي، أكثر من ثلاثة أشهر على ذمة إدخال تلفون سيار، إلى أحد أقربائه، بحسن نية كما يقول، وبعد أسبوعين من حادثة التلفون ألقي القبض عليه بهذه التهمة، علما بأن الشخص الذي استلم التلفون، لازال في السجن، على ذمة قضية قتل.
ويشير المسوري إلى أن "إضراب القضاة، كان له آثار سلبية عليه، حيث تجاوز حبسه المدة المحددة، بالإضافة إلى عدم مناقشة قضيته من قبل النيابة في الوقت المحدد، ما يُهدد مستقبلي". ويضيف "أن إيقافه حال دون قدرته على الذهاب إلى المدرسة"، حيث يدرس في المستوى الثالث من المرحلة الإعدادية.
إلى ذلك انتقد رئيس منظمة روابط للدعم القانوني المحامي هاشم عضلات "لجوء قضاة اليمني لوسيلة غير مشروعة للتعبير احتجاجهم على خلفية الاعتداءات التي تعرض لها بعض القضاة"، مؤكداً بأن " إضراب القضاة أصاب العدالة بعلل بالغة، وخلف أضرارا بمصالح الناس الذين لم يكونوا طرفا في مطالبهم".
وأضاف عضلات في حديث لــ"عربي 21" بأن "انتهاج القضاة لهذه الخطوة، خلقت عداوة بينهم من ناحية، وبين رجال الأمن والمحامين والتجار، من ناحية أخرى، لاسيما الدولة بكل أجهزتها والمجتمع بأغلبية شرائحه".
ووفقا لعضلات، فإنه "عندما جعلت العدالة رهن تصرف نادي القضاة في اليمن، دون أي حسابات لنتائج ما سيخلفه الإضراب من مآسٍ إنسانية فيما يتعلق بالسجناء والسجينات، بسجون اليمن، فهذا لاشك يضاعف قلقنا"، وتساءل عمن "سينصف الموقوفين، مادام القضاة هم الخصم والحكم".
وعبر عن امتعاضه الشديد، جراء الأوضاع الإنسانية الصعبة التي خلفها إَضراب المحاكم والنيابات عن العمل، أثناء تلمسه لأحوال السجناء في صنعاء، برفقة بعض الصحفيين والناشطين، عقب إعلان نادي قضاة اليمن الاستمرار في الإضراب الشامل عن العمل.
هذا وتنشط منظمة روابط، الذي يرأسها عضلات، وتقدم دعما قانونيا، لبعض الموقوفين الذين ليس لهم القدرة على الترافع أمام المحاكم، وكذلك من يطلق عليهم المعسرين من السجناء.