عندما سجل لاعب ريال مدريد سيرخيو راموس، السبت الماضي، هدف التعادل لفريقه، في الوقت بدل الضائع معلنا عن هدف الحياة لـ"فريقه" في المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال أوروبا، التي توج فيها بطلا، كان مشجعو الفريق الإسباني في قطاع
غزة يصرخون بفرح حتى بحّت حناجرهم.
غير أن صراخ الفرح ذاك كان مساء الجمعة مضاعفا، وبلغ أقصى درجاته في التهليل والانتشار؛ فعشاق الكرة، لم يكونوا على موعد أوروبي، تُصفق فيه الأيادي لفريقهم "المفضّل" بل كانوا على موعدٍ مع "الوطن"؛ مع "
فلسطين" التي هزمت "المستحيل"، كما يصف مراقبون رياضيون، وتُوجت بأول لقب دولي في تاريخها.
وكان منتخب فلسطين هزم، مساء الجمعة، نظيره الفلبيني 1-0 في المباراة النهائية لكأس التحدي الآسيوية، ليتأهل المنتخب المُلقب بـ"الفدائي" إلى كأس أمم آسيا 2015 المقامة في أستراليا، ويتوج بأول ألقابه الرسمية الكروية.
وما إن سجل أشرف نعمان هدف المباراة الوحيد في الدقيقة الـ"59" من ركلة حرة مباشرة، حتى ارتفع صراخ آلاف الكبار والصغار في قطاع غزة، الذين احتشدوا في الميادين والساحات الشعبية، وعلى شاطئ البحر لمتابعة المباراة عبر شاشات عملاقة، تم توفيرها لتشجيع المنتخب ودعمه لنيل أول ألقابه الدولية والتاريخية.
"إنها فلسطين، إنّه العلم، والنشيد الوطني، وكل الأشياء الجميلة"، كما قال الشاب أحمد فرج (28 عاما) الذي شاهد المباراة برفقة المئات على شاطئ غزة.
وأضاف: "حتى أولئك الذين لا يشجعون كرة القدم، اليوم هللوا ورقصوا فرحا، فالفائز اليوم، هو الوطن، ولطالما حلمنا بهذه اللحظة، جربنا أن نفرح لفريق أوروبي ولمنتخب دولي نشجعه ونحب لاعبيه، لكن هذه الفرحة وطنية، ولا مثيل لها".
وقالت سمية ناصر (45 عاما) إنها خرجت برفقة زوجها وأولادها لمشاهدة المباراة، رغم عدم حبها لكرة القدم.
وأضافت: "بعيدا عن الحصار والوضع الاقتصادي في غزة، وتعطش العائلات للترويح عن نفسها، فالمباراة كانت تحمل اسم "فلسطين" وتاريخها، وكما قال المعلق: إنّها ليست إسبانيا أو إيطاليا، إنه منتخب القضيّة".
وما إن أطلق الحكم صافرة النهاية معلنا عن فوز منتخب فلسطين حتى انطلق الغزيون في مواكب
احتفالية، تحتفي بهذا الفوز التاريخي.
ووزع غزيون الحلوى، وأطلقوا الألعاب النارية، فيما ارتفعت الأهازيج الشعبية، والأغاني التي تحتفي بالمنتخب الفلسطيني، وبرموزه الوطنية.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انتشر هاشتاج: #فلسطين_على_قدر_التحدي.. و #فزنا_بوحدتنا.. وغيرها من المنشورات التي تتغنى بهذا الفوز.
وهنّأ نائب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة الطائرة وعضو اللجنة الأولمبية عبد السلام هنية، المنتخب الفلسطيني بهذا الإنجاز، مؤكدا أنه "فوز لفلسطين ولكل العرب".
وأضاف هنية في تصريح صحفي أن "الشعب الفلسطيني يفخر بهذا الإنجاز العظيم".
وتابع: "فلسطين أثبتت أنها على قدر "التحدي"، وصناعة المستحيل".
ونقل هنية تبريكات وتهاني والده (إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية بغزة)، معربا عن فرحة الفلسطينيين بلقبهم التاريخي.
وقال الكاتب والمحلل الرياضي الفلسطيني، محمد عواد، إن هذه الليلة ليست ككل ليلة بالنسبة للكرة الفلسطينية.
وأكد أنها "ليلة الحلم الفلسطيني المدعوم عربيا من أجل الوصول إلى كأس أمم آسيا".
وأضاف: "فلسطين هزمت المستحيل، وانتصرت، ولم يهزمها الحصار ولا الاعتقال، ولا أي شيء آخر، المنتخب كان مقاتلا الليلة رافضا لأي خيار غير الانتصار".
وأكد عواد على أن المنتخب الفلسطيني "انتصر لتاريخه، وانتصر لحقه، ويبدأ الليلة في كتابة تاريخ جديد بعد 86 عاما من التأسيس".
وتابع: "لا تكون هذه البطولة من أعلى المستويات الكروية، لكن المشاركة في الظروف المعقدة التي يعيشها اللاعب الفلسطيني اقتصاديا وأمنيا وسياسيا والنجاح فيها يعتبر انتصارا كبيرا، والتأهل إلى كأس آسيا سيكون كافيا لوضع العلم الذي حورب لأكثر من 100 سنة في فضاء العالم كله".