أكد المستشار وزير العدل
المصري الأسبق،
أحمد سليمان، أن
الانتخابات الرئاسية التي أُجريت بمصر مؤخرا مهددة بالبطلان، لأن انتقاء قضاة بعينهم للإشراف عليها يطعن على شرعيتها، ويشكك في نزاهتها، مشددا على أن هذه الانتخابات "لن تسقط
الشرعية عن الرئيس المنتخب الدكتور محمد
مرسي، ولو توافقت شكلا مع القانون والدستور".
وحذر -في حوار له مع جريدة "المصريون" بعددها الأسبوعي الأخير- من أن الأحكام القضائية تصدر حاليا لخدمة النظام.
وقال إن القضاء المصري يتعرض لأكبر مذبحة في تاريخه، واصفا إحالة 34 من رموز القضاء المصري إلى الصلاحية بأنه طعنة غادرة، ووصمة عار في جبين النظام.
انتخابات مهددة بالبطلان
في بداية حواره مع «المصريون»، قال سليمان إن الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قد تتوافق مع شكل القانون، والدستور الجديد الذي وضعته لجنة الخمسين، لكنها لن تمنح الرئيس القادم الشرعية الكاملة، كما حدث مع الرئيس مرسي.
وأضاف أن هذه الانتخابات لن تسقط الشرعية عن الرئيس مرسي أول رئيس جمهورية منتخب في تاريخ مصر، ورئيس جمهورية ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، وأول رئيس مصري يفوز بأول انتخابات ديمقراطية حرة وشفافة شهد العالم أجمع على نزاهتها.
وأضاف: "هناك فرق كبير بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو، فثورة يناير ثورة شعبية غير مسبوقة في تاريخ مصر، اتحد فيها الشعب بكل فئاته وطوائفه، كما أنه اتفقت فيها كل القوى السياسية بلا استثناء على إسقاط نظام مبارك بعد أن ارتكب أبشع الجرائم في تاريخ البلاد، بما فيها تزوير إرادة الشعب، وخرج الشعب بشكل عفوي وتلقائي وبدون حشد أو تحريض من أحد، ونجح الشعب في إجبار القوات المسلحة على خلع مبارك على الرغم من مقاومة الشرطة للمتظاهرين بكل أنواع الأسلحة، واستشهاد نحو 1000 شهيد، وآلاف المصابين" على حد قوله.
وتابع: "أما 30 يونيو.. فكانت ثورة مصطنعة أُخرج فيها الشعب إخراجا، ونجحت أجهزة الدولة في حشد المواطنين في الشوارع لتتذرع بضغط الرأي العام لعزل مرسي، وانضمت كل أجهزة الدولة في جانب المتظاهرين بما فيهم جهاز الشرطة والقوات المسلحة وفلول الحزب الوطني".
"مذبحة".. إحالة 34 قاضيا للصلاحية
وحول قرار إحالة 34 قاضيا للصلاحية بتهمة الانتماء لتيار الاستقلال والاشتغال بالسياسة، قال إن "القضاء المصري يتعرض لأكبر مذبحة في التاريخ، وإن إحالة 34 قاضيا من رموز القضاء المصري إلى الصلاحية طعنة غادرة، ومذبحة غير مسبوقة في تاريخ القضاء المصري".
وأضاف: "بكل أسف تمت إحالة 34 قاضيا من خيرة قضاة مصر للصلاحية بدون أى تهمة وبناء على محضر تحريات من جهاز الأمن الوطني وبالمخالفة للقانون والدستور، وبالمخالفة لأحكام محكمة النقض التي استقرت على أن التحريات ليست بذاتها دليلا لأنها لا تعبر عن عقيدة مقدمها فمثلا لو أن ضابط مباحث تقدم بطلب للنيابة العامة بطلب تفتيش على متهم ما بتهمة الاتجار في المخدرات وعندما ذهب للتفتيش عليه لم يجد لديه مخدرات ولم يقدم دليلا ماديا، فلا يجوز له تقديم المتهم للمحاكمة وتهدر التحريات ولا يجوز النظر إليها أو التعويل عليها، وينطبق ذلك أيضا على المتهم بالتجسس".
وحول السند القانوني لقرار الإحالة، قال إن ما يتم مع أعضاء تيار الاستقلال إجراء انتقامي، وانتقائي ومخالف للقانون والدستور، والقانون الآن في مصر ممتهن ولا يحترم ويتم تطبيق القانون في مصر على خصوم النظام وهناك عشرات الأدلة وأبرزها قضية تزوير الانتخابات الرئاسية التي كان يقوم بالتحقيق فيها المستشار المنتدب عادل إدريس. وفجأة وبالمخالفة للقانون أصدر المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس اللجنة العليا للانتخابات بانتداب قاض آخر للتحقيق في القضية بالمخالفة للمادة رقم 69 من قانون الإجراءات الجنائية، لأن القاضي المنتدب لم يتقدم باعتذار أو طلب تنح للقضية، وهو ما يمثل طعنة غادرة للقضاء المصري، كما أكد عدد كبير من القضاة من أعضاء نادي القضاء، وكما قال الدكتور شوقي السيد، مؤكدا أنها طعنة في استقلال القضاء.
وأضاف أن المستشار نبيل صليب انتدب المستشار أحمد إدريس بدلا من المستشار محمد عبد الرحمن أبو بكر في القضية المتهم فيها المستشار أحمد الزند بالاستيلاء على أراض، وهو نفس ما حدث في قضية تزوير الانتخابات الرئاسية، برغم أن قانون الإجراءات الجنائية ينص على أن القاضي المنتدب هو الوحيد المختص دون غيره بنظر الدعوى المنتدب إليها، ولكن هذا القرار لم يعترض عليه أحد برغم مطابقته للقرار الخاص بقضية تزوير الانتخابات.
وشدد على أن قضاة تيار الاستقلال تم التنكيل بهم ووقفهم عن العمل ووقف ترقيتهم وإحالتهم للمحاكمة وأخيرا إحالتهم للصلاحية بناء على محضر تحريات ملفق، وتم بكل أسف إحالة 34 قاضيا من خيرة قضاة مصر للصلاحية، وبكل أسف ضمت التحريات المستشار حسام الغرياني رئيس المجلس الأعلى للقضاء السابق، ووزيري عدل، هما المستشار أحمد مكي وأنا أحمد سليمان، والمستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية، والمستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة الأسبق، والمستشار ناجي دربالة وكيل نادي القضاة الأسبق وعضو الجمعية التأسيسية للدستور.
وحول التهمة التي يحاكم بها قضاة تيار الاستقلال، قال إن التهمة الملفقة التي وجهت للقضاة هي الدعوة لتأسيس حركة "قضاة من أجل مصر" والانضمام إليها، بالمخالفة لأحكام قانون السلطة القضائية، وهي تهمة تمت بناء على محضر تحريات ملفق ادعى كذبا وزورا أن حركة "قضاة من أجل مصر"، انبثقت من "تيار استقلال القضاء" ويتزعمه المستشار محمود مكي، نائب رئيس الجمهورية في عهد مرسي، وشقيقه المستشار أحمد مكي وزير العدل الأسبق، والمستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، والمستشار حسام الغرياني، رئيس محكمة النقض الأسبق، والمستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات حاليا، والمستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادي القضاة السابق، والمستشار محمد ناجي دربالة نائب رئيس محكمة النقض، والمستشار حسام مازن نائب رئيس مجلس الدولة، والمستشار وليد الطناني نائب رئيس مجلس الدولة، والمستشار هشام السكري نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية.
وتابع: "جميع الاتهامات التي وجهت لقضاة تيار الاستقلال بدون أي دليل وبدون أي وقائع ولا تستند إلا إلى محضر تحريات لا يعبر إلا عن إرادة كاتبه، باستثناء 4 مستشارين وجهت لهم المحكمة تهمة عقد مؤتمر صحفي بنقابة الصحفيين لإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2012، قبل اعتمادها من قبل اللجنة العليا للانتخابات، كما أنه وجهت لهم تهمة عقد مؤتمر صحفي لتأييد الإعلان الدستوري الذي أعلنه الرئيس محمد مرسي وحصن بموجبه قراراته من أحكام القضاء.
ووصف المحضر بأنه ملفق ومزور، وأن الهدف منه العصف بالقضاة الشرفاء وإقصائهم من ساحة القضاء لأن جميع القضاة لم تسند إلى أحدهم تهمة واحدة ولم يتم التحقيق مع واحد منهم في أي تهمة.
مجرد إعلان لرأي قانوني
وأوضح أن ما قام به المستشارون في نقابة الصحفيين ليس له علاقة بالسياسة لأنه مجرد رأي قانوني، وتجميع للنتائج من قبل اللجان الموجودة سلفا لدى جميع الصحفيين والإعلاميين، كما أن كل قاضٍ يعلن نتيجته داخل اللجان للصحفيين والمراسلين، وكان بالقياس ينبغي إحالة جميع القضاة للمحاكمة بنفس التهمة.
وتابع: "قلنا ونؤكد أن تيار الاستقلال ليس له علاقة بالسياسة، ولو صح جدلا أن هناك تيارا ملموسا يدعى "تيار الاستقلال" فهو يشتغل ويهتم بالقضاء ونزاهته واستقلاله ولا يشتغل بالسياسة، ولكنها تهم جزافية يحاول بها النظام تصفية المعارضة، ويسعى لتصفية كل من وقف في وجه نظام مبارك، ونحن مقدمون على نظام لا يقبل الرأي الآخر ولا يقبل المعارضة، والكل يعرف أن النظام هو الذى ورط القضاء في السياسة، والمستشار أحمد الزند ابن وحليف النظام هو الوحيد الذي ورط القضاء المصري في السياسة".
أحكام قضائية تخدم النظام
وكشف عن أن الأحكام القضائية التي تصدر حاليا تدل على أنها تخدم النظام في المقام الأول، وعلى سبيل المثال حكم محكمة جنايات المنيا الذي قضى بإحالة 529 متهما للمفتي، وعصف عصفا خطيرا وممقوتا وظاهرا بحقوق الدفاع في القضية برغم أن القاضي مهمته استظهار الحقيقة في القضية المعروضة عليه، واستظهار الأدلة المقدمة إليه وإثباتها، وعرض أدلة الإدانة وسماع الردود عليها وسماع دفاعهم وسماع شهود الإثبات وشهود النفي واستخلاص الحقيقة من بين الأوراق المعروضة عليها، إلا أن المحكمة حجزت القضية للحكم من أول جلسة عرضت عليها، برغم أن المحامين قاموا برد الدائرة والقانون، وطبقا لقانون الإجراءات الجنائية كان ينبغي على المحكمة وقف نظر الدعوى بمجرد رد هيئة المحكمة، وأن تعطي الدفاع أجلا بحق الرد ولم تستجب لطلب الرد، ثم أصدرت حكما بإحالة المتهمين لفضيلة المفتي، ثم حكمت بإعدام 37 متهما من بينهم طفل لا يجوز تطبيق حكم الإعدام عليه.
وأضاف: "ليس هناك أي سند قانوني لمحاكمة جنايات المنيا في هذا الحكم الجائر والظالم، وستثبت محكمة النقض مدى مخالفة هذا الحكم للقانون والدستور الذي ينص على أن إهدار الحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور جريمة لا تسقط بالتقادم، ومحكمة جنايات المنيا ارتكبت جريمة، وللأسف فإن هذه المحكمة تجد حماية من وزارة العدل ولم تتخذ أي إجراء ضد هؤلاء القضاة وينبغي على المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل إحالة هذه الدائرة للصلاحية فورا".
وأوضح أن المحكمة لم تمنح المتهمين حقهم القانوني والدستوري في الدفاع عن أنفسهم ورفضت الانصياع للقانون والتنحي عن نظر الدعوى بناء على طلب رد هيئة المحكمة، وقضت في الدعوى من أول يوم بالإدانة برغم أن نفس هذه الدائرة التي حكمت بإعدام 529 متهما هي نفسها التي نظرت قضية قتل المتظاهرين في بني سويف إبان ثورة 25 يناير، وظلت عدة أشهر تنظر الدعوى وفي النهاية حكمت ببراءة جميع المتهمين، بعكس ما حدث في المنيا حيث حكمت من أول جلسة بإحالة أوراق المتهمين للمفتي.
واختتم وزير العدل المصري الأسبق حديثه بالقول: "القضاء في مصر نزيه، ولكن هناك قضاة مسيسون بلا شك، والقضاء المصري الآن في أسوأ حالاته وجميع القرارات والأحكام تخدم النظام الحالي، والمجلس القومي لحقوق الإنسان الذي استقال منه الدكتور نجاد البرعي وضع تقريرا للرئاسة أكد فيه أن هناك إساءة لاستغلال السلطات، وأن هناك قرارات وتوسعا كبيرا في الحبس الاحتياطي بدون مبرر، وأن هناك أطفالا وبنات ونساء محبوسون بالمخالفة للقانون، وهناك محتجزون لا يعرف محل احتجازهم، وهذا عصف تام بالقانون والدستور، بالإضافة إلى تجديد الحبس للمتهمين دون عرضهم على النيابة أو المحكمة".
والمستشار أحمد محمد سليمان قاض مصري، وأحد أعلام تيار الاستقلال بنادي القضاة، وُلد عام 1950، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1970، وحصل على الماجستير في الشريعة والقانون عام 1977.
شغل منصب رئيس نادي قضاة المنيا فترتين، كما أنه عمل مستشارا بمحكمة استئناف القاهرة وأسيوط، وتمت إعارته ليعمل قاضيا في المحكمة الاتحادية بدولة الإمارات.
عُين وزيرا للعدل في أيار/ مايو 2013، بعد استقالة المستشار أحمد مكي، ثم استقال في 7 تموز/ يوليو 2013؛ بسبب عدم قدرته على العمل، حسبما قال، بعد الإطاحة بالرئيس الدكتور محمد مرسي.