كثير من السوريين أدلوا بأصواتهم لصالح بشار الأسد في
انتخابات الرئاسة التي جرت يوم الثلاثاء اعتقادا منهم أن البديل للنظام الحالي هو استيلاء متطرفين إسلاميين على السلطة.
ويتفق قادة غربيون مع هذا الرأي على نحو متزايد. وكما قال ريان كروكر السفير الامريكي السابق لدى
سورية في الآونة الأخيرة "على سوء النظام فإن هناك من هو أسوأ منه. وهو العناصر المتطرفة في المعارضة".
هذه هي المفارقة القاسية. وهي تتجاهل كيف سمح عدم تدخل الولايات المتحدة في سورية للمتطرفين بالنجاح في المقام الأول. والسؤال ليس ما إذا كان النظام السوري أفضل من التطرف الاسلامي بل كيف يمكن للعالم أن يترك السوريين يعانون القهر على أيدي الطرفين.
على مدى سنوات ناشدت المعارضة السورية المحاصرة المجتمع الدولي أن يقدم لها العون دون جدوى. وبدلا من العون دخلت جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة سورية ونمت قوتها. وأصبحت هذه الجماعات التي تتمتع بسيولة نقدية عالية من مصادر خاصة في دول الخليج تفرض حكم الإرهاب على الكثير من المدن السورية. وتشير أدلة متزايدة إلى أن الأسد نفسه سهل دخول هذه الجماعات حتى يوجد فريق من الارهابيين يستطيع الزعم بأنه يحاربه.
ولن يتوقف الأسد عن ارتكاب جرائم الحرب ناهيك عن الاتفاق على فترة انتقالية من خلال التفاوض ما لم يتعرض للضغط. وقد فشلت العقوبات والدبلوماسية. ويواصل حليفا الأسد روسيا وإيران تدعيمه بالمال والسلاح والمقاتلين وبالاعتراض على قرارات الأمم المتحدة.
ويستطيع المجتمع الدولي أن يأخذ مبادرات سياسية جريئة مثل نقل السفارات وعناصر السيادة الأخرى من النظام السوري إلى المعارضة. غير أن التحول في ساحة القتال وحده هو الذي سيتصدى لزعم الأسد أنه يحقق النصر في الحرب وهو زعم تعززه الانتخابات.
ومن المستبعد أن يتحول عن المد دون القيادة الأمريكية. ومن ثم فإن تعهد الرئيس باراك أوباما الاسبوع الماضي بزيادة الدعم للمعارضة السورية مؤشر طيب. ومع ذلك فإن البيت الابيض لم يقدم خطوات محددة. ويخشى البعض ألا تكون المساعدات كافية لإحداث فرق أو أن تستغرق شهورا قبل أن يسري مفعولها في انتظار موافقة الكونجرس.
والظروف لا تسمح بإضاعة الوقت. فبعد أكثر من ثلاث سنوات من الجوع والإرهاق ودفن الموتى تتعرض المعارضة الوطنية السورية لضربات على أيدي الآلة العسكرية للنظام.
كان التراخي الأمريكي عاملا رئيسيا في هذه النتيجة المفجعة. فقد أيد أوباما وغالبية الامريكيين البقاء على الهامش. وجعل هذا منا شهودا متفرجين على جرائم ضد الانسانية.
وتحتاج قوى المعارضة للتدريب والتسليح بجدية وعلى الفور. وإلى جانب ذلك يجب عدم استبعاد التدخل المباشر.
وكثيرون ممن يقاومون التدخل العسكري يتسببون في خيار لا يقل زيفا عن الخيار المطروح على الناخبين السوريين فإما أن تبقى الولايات المتحدة خارج سورية، وإما أن تصبح متورطة في غزو شامل على غرار ما حدث في العراق.
وكما قال جيمس تروب وفريدريك هوف وغيرهم مرارا فهذا بكل بساطة ليس صحيحا. فأمام الولايات المتحدة خيارات كثيرة بخلاف وجود قوات على الارض لا يريدها أي من السوريين. ومن الممكن أن تؤدي حملة قصف جوي إلى تدمير الطائرات التي يستخدمها الاسد في أسقاط البراميل المتفجرة على المدنيين. كما أن الضربات الموجهة يمكنها تدمير الدبابات والتشكيلات المدرعة التي يستخدمها لقصف التجمعات السكنية وتجويع من فيها حتى الركوع.
وتصف الامم المتحدة سورية بأنها أسوأ أزمة انسانية في هذا القرن. وفي مواجهة خيار بين فظائع محددة أو مستقبل يكتنفه الغموض يجب ألا تصوت إدارة أوباما لصالح الخيار الاول. وعليها أن تأخذ إجراء حاسما ضد الاسد. وإلا فإنها تدلي بذلك بصوتها لصالح استمرار المأساة الحالية.
(ويندي بيرلمان: أستاذة العلوم السياسية المساعد بجامعة نورث وسترن)