أطلقت مؤسسات وجمعيات فلسطينية حملة للتضامن مع الأسرى، شعارها "حملة مقاطعة البضائع
الإسرائيلية لدعم الأسرى في سجون الاحتلال".
وفي هذه الأثناء تستعد مجموعة من الإعلاميين الفلسطينيين لإطلاق حملة إعلامية (إذاعية ومرئية ومكتوبة) تحت عنوان "لن نستقبلهم شهداء"، لنصرة الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام منذ 47 يوما.
وتأتي هاتان الحملتان بالتزامن مع
الإضراب الشامل في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة المنوي
تنفيذه غدا الثلاثاء، لإسناد الأسرى المضربين عن الطعام، وسيشمل يوم الإضراب مظاهرات ومسيرات في عدة مدن من الضفة، إضافة إلى تعليق دوام الجامعات، وإغلاق المحلات التجارية، حسب القائمين على الإضراب.
وكان المؤتمر الوطني لتمكين المنتجات الفلسطينية ومقاطعة منتجات المستوطنات، كشف في آذار/مارس الماضي بالأرقام أن قيمة ما ضبطته وزارة الاقتصاد الوطني وطواقم حماية المستهلك خلال الفترة الماضية بلغ 50 مليون شيكل (نحو 15 مليون دولار) من بضائع المستوطنات.
وتملأ منتجات المستوطنات المهربة
الأسواق الفلسطينية، ووصل إجمالي حجم مشتريات السوق المحلية من هذه البضائع إلى أكثر من 490 مليون دولار أمريكي سنويا، أي نحو 10% من إجمالي قيمة الواردات الفلسطينية.
دعوات إلى المقاطعة
ودعا إياد عنبتاوي، رئيس جمعية حماية المستهلك في نابلس، إلى دعم المنتج الوطني من خلال تذليل العقبات التي تقف أمام إيجاد قانون لحماية المنتج، وإقرار قانون فلسطيني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل الجماعي لإيجاد تشريعات متكاملة وتنظيم عملية الاستيراد والتصدير، ودعم المنتج الوطني والارتقاء به.
وطالب خلال حديثه لـ"عربي21"، بوضع ضوابط لإجازات الاستيراد والسلع المسموح بدخولها للسوق الفلسطيني قدر الإمكان للحد من الاستيراد العشوائي، وبما يسهم في رفع تنافسية المنتج المحلي وتشجيعه، والعمل على تأهيل المشاريع الصناعية والزراعية الواعدة وإدخال التكنولوجيا الحديثة لتواكب التطورات وتحسين الإنتاج كماً ونوعاً.
ويرى عنبتاوي أنه من الضروري تعزيز ثقة المستهلك بالمنتج الوطني الفلسطيني من خلال إخضاع كافة المنتجات الوطنية لمقاييس الجودة الفلسطينية، وتفعيل هذه المقاييس وتطويرها باستمرار
لرفع جودة هذا المنتج، وقيام جميع المعنيين بدورهم في حماية المنتج الوطني، لأن ذلك سيؤدي إلى انتعاش الاستثمارات والمشاريع، وزيادة معدل التنمية، وبالتالي سينعكس إيجاباً على مستوى دخل الفرد وتعزيز الاقتصاد الوطني، ليستفيد من ذلك الجميع، منتجين ومستهلكين، على حد تعبيره.
ونوه إلى الدور المنوط بجمعيات حماية المستهلك من حماية المنتج الوطني، بنشر ثقافة استهلاك المنتج الوطني وتعزيز القبول الشعبي لهذا المنتج لتفعيل ثقافة إيجابية، والمساهمة في حملات المقاطعة للبضائع الإسرائيلية وعلى رأسها بضائع المستوطنات، والتوعية بالأثر الوطني العام والخاص في مجال تشغيل العاطلين عن العمل وتشجيع المشاريع الصغيرة.
تدمير الاقتصاد الوطني
بدوره قال خالد منصور لـ"عربي21"، وهو من الإغاثة الزراعية، إن استهلاك البضائع الإسرائيلية يشكل ضررا على مختلف القطاعات، من خلال إغراق السوق بالمنتجات الإسرائيلية، ويمتد هذا الضرر إلى المنتجات الزراعية الفلسطينية من خلال استيراد الخضروات والفواكه الرخيصة من المستوطنات، لتنافس بشدة المنتجات الوطنية، فالمنتجات الإسرائيلية -مثلا- من البطيخ والشمام والبطاطا وغيرها تحتل السوق، وتُغرقه.
ويتمثل الأمر الآخر بالقطاع الصناعي، بما فيه التصنيع الغذائي، فمثلا شركة تنوفا الإسرائيلية ضربت قطاع المواشي والألبان الفلسطيني، من خلال إغراق السوق بمنتجات صناعات شركة تنوفا، وحتى القطاع التجاري، فأكثر من 70% من السلع الموجودة في السوق هي سلع إسرائيلية، بحسب الناشط منصور.
وحول الأسباب التي تدفع المواطن الفلسطيني لشراء المنتجات الإسرائيلية، عدد أسبابا، من أهمها ما يتعلق بالعادات والسلوك. فمنذ الـ67 لم يكُن هناك منتج بديل عن المنتج الإسرائيلي، إضافة إلى أن "السلع الإسرائيلية عالية الجودة، مُقارنة بالمنتجين الفلسطينيين الذين لا يهتم بعضهم بالجودة، وتقديم سلعة بأفضل الأسعار، وحين نتحدث عن منتجات من المستوطنات، فالمستوطنون يتمتعون بفئات جمركية وضريبية، فالكهرباء والماء ومتطلبات الحياة رخيصة، فلذلك أسعارهم منافسة"، بحسب منصور.
ويشير إلى إحصائيات متضاربة في شأن نسب الاستهلاك الفلسطيني من المنتجات الإسرائيلية، وقال: "آخر أرقام لدينا.. أن حصة المنتج الوطني واستهلاكها من قبل المواطن لا تتجاوز 18%، والباقي 72% منتجات إسرائيلية، فإسرائيل هي تحتل الحصة الأكبر في منتجات السوق الفلسطيني، ويُقال أن حجم البضائع الإسرائيلية المُباعة في أسواقنا، يصل إلى 4 مليارات ونصف دولار تقريباَ".
وأوضح أن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، سيؤدي إلى تعديل الإقتصاد الوطني، والبداية ستكون بتشغيل المصانع والمزارع، ليبلور بعدها خطة لتشغيل الأيدي العاملة.
وأضاف أن "هذا ما لاحظناه عندما قامت الإغاثة الزراعية بتنفيذ مشروع زراعي في منطقة طمون، وهناك إحصائيات تقول أن أكثر من 1000 عامل فلسطيني كانوا يعملون في المستوطنات، عادوا للعمل في مشاريع زراعية فلسطينية".
الدعوة إلى المقاطعة برأي منصور، لا تقتصر على مقاطعة المنتج فقط، وإنما من يدعم المستوطنات من شركات وجامعات وغيرها، وإيجاد بدائل للعمل في المستوطنات الإسرائيلية.
فقدان الثقة بالمنتج المحلي
وانطلقت حملات لمقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية بدعم رسمي وشعبي، إلا أنها لم تجد ذلك النجاح الذي توقعته. بينما تقوم مؤسسات عدة بدعم المنتج المحلي.
وتقول عائشة حموضة وهي مسؤولة العلاقات الدولية في نقابة الزراعة والصناعات الغذائية، إنهم يعملون على دعم مشاريع صغيرة للنساء سواء بالزراعة أو بالتصنيع الغذائي، وتعمل نقابة الزراعة على العمل مع مؤسسات لدعم المنتج الوطني، "عملنا مؤتمرا في محافظة نابلس شاركت فيه وزارات الاقتصاد والزراعة والعمل وحماية المستهلك، لعمل خطة وبرنامج مع الغرفة التجارية للتنسيق على آلية ترويج المنتج الوطني وزيادة الأيدي العاملة لحماية المنتج الوطني".
واعتبرت في حديث مع ـ"عربي21"، أن الخطة الأنجع لترويج المنتج الوطني، الإعلان عنه وتعزيز ثقة المواطن الفلسطيني بمنتوجه من خلال تواصل الجمهور الفلسطيني بمدراء المصانع الوطنية والتأكيد أن المنتج الفلسطيني ضمن معايير عالمية.
وأشارت إلى أن المواطن الفلسطيني فقد الثقة بالمنتوج الفلسطيني، لذلك فإنه يتم العمل على إقناع المواطن به، وأبدى مدراء المصانع استعدادهم للقاء المواطنين للاستماع لآرائهم.
ومع مرور نحو خمس سنوات على حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ترى حموضة أن هناك مجموعه كبيرة اقتنعت بذلك وخصوصا من النساء، فنسبة المنتج الفلسطيني وصلت إلى 30% في السوق والمنتج الإسرائيلي إلى 50، "ونحن نعمل على رفع نسبة المنتج الفلسطيني داخل السوق الفلسطيني إلى 50% خلال المرحلة القادمة، ويترتب على ذلك تشغيل آلاف العمال الفلسطينيين للعمل في هذه المصانع".
وعبرت عن تفاؤلها بالقول: "هناك بعض المؤسسات النسوية في القرى التي بدأت تعتمد على نفسها في إنتاج وتصدير الأعشاب الطبية إلى دول أوروبا".