كتب المعلق الأمريكي في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ديفيد
إغناتيوس، عن النصر الحاسم والمثير للدهشة الذي حققه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في
العراق والشام، وقال إنه يحمل رسالة سياسة مهمة مفادها مسؤولية رئيس الوزراء العراقي نوري
المالكي عن "الكارثة"، فهو شخصية انقسامية وطائفية، فقد ثقة جيشه وشعبه، ولن يكون قادرا على جمع شتات العراق مرة أخرى مهما قدمت له إدارة أوباما من الدعم العسكري.
وقال إغناتيوس "كان فشل المالكي واضحا منذ انتخابات عام 2010 عندما اختار العراقيون بحكمة تحالفا موسعا وأقل طائفية، ولكن إدارة أوباما وبطريقة تدعو للغرابة، وبتفاهم مع إيران قامت بالتوسط في صفقة سمحت للمالكي الاستمرار في السلطة، وواصلت العمل معه كحليف ضد القاعدة. وكان المالكي قد انتصر مرة أخرى في نيسان/إبريل الماضي، إلا أن السنة قاطعوا صناديق الاقتراع.
وقال الكاتب إن اسلوب المالكي الطائفي والديكتاتوري جعلت الكثير من الخبراء التساؤل عن السبب الذي يدعو إدارة أوباما، لتقديم المليارات على شكل دعم عسكري، ويقال إنها تفكر بإرسال طائرات بدون طيار للعراق، مشيرا إلى المتشككين في موقف أمريكا، يضمون بعضا ممن دافعوا ودعموا المالكي.
ونقل الكاتب عن ديرك هارفي المحاضر في جامعة ساوث فلوريدا الذي يقدم النصيحة للقيادة المركزية الأمريكية وأحد الخبراء المعروفين عن العراق "أعتقد أن المالكي لم تكن لديه الطاقة أو النية أبدا" مضيفا "كان اختيارا سيئا منذ البداية وتبنينا له كان خطأ".
وتساءل جنرال متقاعد يحمل أربعة نجوم في مقابلة "كيف يمكننا الاستمرار في الرهان على الرقم- المالكي بعد كل ما حدث؟" ويعتقد الجنرال أن المالكي لن يستطيع استعادة المناطق التي خسرها، وتساءل متى سيأتي فيلق القدس لإنقاذه، والتدخل لمنع انهيار جيش المالكي.
وأشار الكاتب إلى أن جيش المالكي الذي تلقى تدريبا أمريكيا، عانى من هزائم ساحقة عندما سيطر المقاتلون التابعون لداعش على مدينة
الموصل وتكريت وهم في طريقهم نحو بغداد، ويسيطر المتطرفون السنة على غرب العراق.
وتحدث الكاتب عن
الجيش العراقي الذي يسيطر عليه الشيعة وكيف "انهار في المعركة وهرب من الساحة مخلفا وراءه دبابات ومصفحات "همفي" وغيرها من العربات. وفي مدن مثل الفلوجة التي نظفتها القوات الأمريكية وبثمن باهظ عادت القاعدة وحفيدتها للسيادة من جديد".
وأضاف الكاتب أن "اسلوب المالكي السياسي الطائفي خلق الكارثة، وقام بتنظيف الجيش من القادة المتهمين بالتآمر عليه، وشبهه أحد الخبراء الأمريكيين بالزعيم السوفييتي جوزيف ستالين الذي قام بتطهير الجيش الأحمر عشية الحرب العالمية الثانية".
ويقول الخبير "لقد استبدل جنرالات الجيش بقادة شيعة ممن لا يمتلكون الولاء إلا السياسي" للمالكي ولحزبه الدعوة.
ويقول إغناتيوس إن المنتصرين ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وهذا التنظيم بمقاتليه الأشداء العديمي الرحمة هم من بقايا القاعدة في العراق وقد جذب إليه جهاديون من كل أنحاء العالم. ومن بين القادة الأكثر كفاءة في الموصل هناك المقاتل المولود في جورجيا الشيشاني الأصل عمر الشيشاني. ولعب المقاتلون الشيشان دورا مهما في المعارك حول مدينة حلب وهو ما يشير لقدرة التنظيم في داخل سوريا والعراق.
واستطاع مقاتلو داعش تعزيز صفوفهم بعد تحريرهم ما بين 2.000-3.000 سجين من سجون نينوى.
ويعلق إتناطيوس عن التحضيرات التي يقوم بها الجيش العراقي في قاعدة التاج التي استخدمها الأمريكيون كقاعدة إمدادات لوجيستية ما بين 2003- 2010 وبقيام المالكي بتركيز القوات في الجنوب من العاصمة بغداد فهو يعترف بخسارة الشمال ومدنه.
ويشير هارفي إلى أن قوات البيشمركة الكردية هي المهيأة بشكل جيد لاستعادة الموصل، ويشكك الكثير من المحللين بقيام الأكراد بالهجوم إلا إذا كان مقدمة لاستقلال كردستان.
وقد اعترف مسؤولون في إدارة أوباما، الخميس، أنهم واعون بموقف السنة من المالكي حيث ينظرون إليه باعتباره شخصية طائفية ويقومون بالضغط عليه كي يوسع قاعدة حكومة الوحدة الوطنية،ولكنهم أكدوا عدم وضع شروط حول عرض المساعدة العسكرية أو تحديد أهداف قصيرة الأمد لمساعدة المالكي على وقف ومنع المقاتلين السنة من احتلال بغداد.
ويقول إغناتيوس "في الوقت الذي يتمزق فيه نسيج الشرق الأوسط بناء على الخطوط الطائفية، تواجه الولايات المتحدة وحلفاءها خيارا استراتيجيا أساسيا: هل يمكنهم عقد مؤتمر إقليمي يحاول مصالحة القوى السنية والشيعية وداعميهم الرئيسيين من السعوديين والإيرانيين في تصميم أمني جديد".
ويضيف "تقطيب نسيج العراق وسوريا قد يكون مهمة مستحيلة ولكن بتركيز الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب والتسليح، تعاملت إدارة أوباما على ما يبدو مع المنطقة على أنها لوحة للتصويب".