بورتريه.. الدوري ما تبقى من صدام حسين

منذ  سقوط بغداد تحت الاحتلال الأميركي قبل نحو  11 عاما  ظهرت أسماء كثيرة واختفت أخرى ممن كانوا مرتبطين بالرئيس الراحل صدام حسين، لكن بقي اسم واحد يظهر كما لو كان  يقود ما تبقى من الجيش العراقي السابق ، وهو عزة إبراهيم الدوري.

عزة الدوري المولود عام 1942 ، كان الرجل الثاني إبان حكم صدام حسين حيث شغل مركز نائب رئيس مجلس قيادة الثورة وقبلها عدة مناصب من بينها منصب وزير الداخلية عام 1974 ووزيرا للزراعة. 
بعد احتلال العراق اختفى عزة الدوري وأعلن حزب البعث العربي الاشتراكي (قطر العراق) أنه تسلم منصب الأمين العام للحزب خلفًا لصدام حسين بعد إعدامه. 

ينتمي إلى فخذ البو حربة  وهي جزء من عشيرة المواشط في مدينة الدور في محافظة صلاح الدين، وهي عشيرة عريقة وسميت العشيرة بالمواشط  نسبة إلى الشيخ محمد المشط، ولد الدوري لأسرة عراقية فقيرة وتربى تربية دينية ذات نزعة صوفية. 

تزوج الدوري خمس مرات، وله من الأبناء 11 ابنًا و13 بنتا، واشتهر باسم أبو أحمد وأبو حمرة.
أنيطت به مهمة النائب العام لقائد القوات المسلحة بعد دخول القوات العراقية للكويت. و كان ملازماً لصدام مثل ظله منذ اندلاع ثورة 17 تموز  عام 1968 وحتى أسر صدام حسين.

اعتقل في العديد من المرات، كان أطولها  من عام 1963 إلى عام 1967، حيث أفرج عنه في ثورة  تموز عام 1968، التي أطيح فيها بنظام الرئيس عبد الرحمن عارف، وتولى حزب البعث العربي الاشتراكي السلطة.

عندما تولى صدام حسين رئاسة العراق عام 1979، عينه بمنصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، واعتبر الرجل الثاني في نظام حكم صدام حسين.

و كان المفاوض الرئيسي مع الشيخ الكويتي، سعد العبد الله السالم الصباح، لحل المشاكل الحدودية والتي أدت إلى اندلاع الحرب بين البلدين في آب عام 1990.

بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام حسين في كانون الأول عام 2006 ، سمي عزة الدوري أمينًا للسر للقيادة القطرية والقومية، ثم ظهر انشقاق في الحزب بعد أن قرر الدوري فصل 150 عضوًا على خلفية قرارهم عقد مؤتمر قطري في دمشق، دون موافقته، بقيادة محمد يونس الأحمد، العضو السابق في القيادة القطرية.

بعد عملية الغزو الأمريكي للعراق اختفى الدوري وقامت القوات المسلحة الأمريكية برصد عشرة ملايين دولار لمن يتقدم بأي معلومات تقود إلى اعتقاله أو قتله، وقامت القوات الأمريكية بوضع صورته على كرت ضمن مجموعة أوراق لعب لأهم المطلوبين من قبلها، حيث كان المطلوب السادس لقوات الاحتلال الأمريكي. 

نسب له الإشراف على الكثير من العمليات المسلحة، كما نسبت له مجموعة من التصريحات التي تدعو قطاعات مختلفة من الشعب العراقي لمقاومة الأمريكيين.

 أعلن حزب البعث العراقي نبأ وفاته في تشرين الثاني عام 2005 ولكن الحزب نفى ذلك لاحقا، وفي أواخر  عام  2009 أعلن عن  تشكيل جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني المكونة من تحالف القيادة العليا للجهاد والتحرير وجبهة الجهاد والخلاص الوطني.

ظهر تسجيل صوتي منسوب إليه في تموز عام 2010 يدلي فيه بخطاب بمناسبة ثورة 17-30 تموز التي وصل من خلالها حزب البعث العربي الاشتراكي إلى الحكم في العراق وكان الدوري أحد أهم المشاركين في تلك الثورة.

 كما تم بث تسجيل مرئي يعزى له في نيسان عام 2012 في ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي ويتحدث فيه عن إيران وتدخلاتها بالعراق ويؤكد أن حرب حزب البعث أصبحت ضد إيران ونفوذها في العراق.

كما أكد أن حزب البعث مع الثورة السورية. فيما ظهر في تسجيل مرئي في كانون الثاني عام 2013  أعلن فيه أن حزب البعث يؤيد الاحتجاجات العراقية في الأنبار والمدن السنية الأخرى.

ظل عزة الدوري بمثابة الأرق و الورقة المخفية للحكومة العراقية ، وحولته الحكومة لأسطورة ، وبين فترة وأخرى تخرج روايات متناقضة في صالونات بغداد السياسية  العراقية تدعي بأن الدوري متواجد في صنعاء ، ثم تنتشر دعاية حكومية أخرى تقول إنه شوهد في الدوحة، بينما تؤكد دعاية أخرى بأنه في الرياض ، بينما يظهر هو على الملأ باللباس العسكري القديم أيام ( الزيتوني ) يلقي خطابه ويهدد ويتوعد.

يتساءل كثيرون كيف يمكن لشخص مثل عزة الدوري معروف  وأوصافه معروفة للجميع وملامحه لا تخفى على أحد ، فضلا عن الجائزة المالية الضخمة المرصودة لرأسه أن يتمكن من الهرب و التواري طيلة السنوات الماضية بينما سقطت قيادات حزبية وعسكرية كان يشار لها بالبنان بسهولة في الاعتقال وبعضهم أعدم فيما البعض الآخر لا زال ينتظر تنفيذ حكم الإعدام من قبل الحكومة العراقية.

المعلومات  تقول بأن الدوري لم يغادر العراق إلا لفترة قصيرة لسوريا، وأنه يتحرك بتغطية من جهاز حزبي شاب و شبكة نشيطة وعاملة من كوادر حزب البعث السرية غير المعروفة التي تؤمن له التحرك والتواصل و إدامة نشاطه. 

يعتبر الدعوات إلى إنشاء إقليم في محافظة صلاح الدين مرفوضة، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تقسيم العراق، نافيا من جانب آخر محاولة حزب البعث الانقلاب على الحكومة العراقية.

وأضاف في تسجيل صوتي " الأقاليم والفدراليات تشكل خطا أحمر بالنسبة لنا في حزب البعث، وسنقاتل دونه بلا هوادة وبكل الأسلحة، وسيندم كثيرا كل من تسول له نفسه ويساهم في تقسيم العراق". ويتهم الدوري بعض أعضاء المجالس بأنهم "عملاء صغار وجواسيس مزدوجون". 

يعود الدوري ليتسيد المشهد العراقي مع هروب الجيش العراقي من معظم المدن السنية عبر أنباء تتحدث عن قيادته لضباط وجنود سابقين في الجيش العراق السابق، وأنهم هم من يسيطرون على المدن إضافة إلى أبناء العشائر السنية.

الدوري "فزاعة المالكي" في مواجهة منافسيه ولإبقاء العملية السياسية رهينة له ولرؤيته الطائفية للعراق وتهميشه المتعمد والممنهج  للسنة، وهو أيضا بقايا ورمز لعراق كان ذات يوم عربيا خالصا وأصبح فيما بعد حديقة خلفية لإيران.