قدّر
معهد واشنطن في تقرير جديد؛ ان التطورات في
العراق ستحمل "تبعات عسكرية كبيرة على الحرب في
سورية"، ورأى أن الثوار في سورية يمكن أن يستفيدوا من هذه الأوضاع، لكنه شكك في إمكانية نجاحهم بذلك.
ويركز التقرير الذي أعده جيفري وايت، خبير الشؤون الدفاعية في معهد واشنطن وضابط كبير سابق في الاستخبارات الدفاعية، على تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (
داعش) ويعتبره العنصر الأساسي في المعركة ضد قوات رئيس الوزراء نوري المالكي، ولذلك يركز التقرير على انعكاسات ما يجري في العراق على وضع "داعش" في سورية بشكل أساسي.
يقول التقرير إن "داعش" بدأ "زحفاً سريعاً في شمال العراق" وواصل زحفه نحو الجنوب مستفيدا من "من دعم العراقيين السنة المستائين" حسب تقديره. ويضيف أن التنظيم تمكن "من إيصال العراق إلى حافة الانهيار، وهزيمة تشكيلات عسكرية رئيسية، والاستيلاء على كميات كبيرة من المعدات العسكرية، ونهب مئات الملايين من الدولارات من المصارف العراقية، والبدء بتكوين نفوذه كسلطة حاكمة على مساحة كبيرة من الأراضي السنية. بيد، أن كل ذلك لم تحرزه "داعش" بمفردها، بل تعاونت مع القوات العشائرية السنية ومع البعثيين السابقين من نظام صدام حسين".
وينابع: "من المرجح أن تثبت حملة "داعش" في العراق أنه سيفٌ ذو حدين بالنسبة للتنظيم في سورية. ويقينا، إن الآثار الإيجابية على قواته متشعبة ومتعددة، وستزداد قوة التنظيم ككل على المستويين السياسي والنفسي في المستقبل القريب (..) وسيتم تعزيز صورة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" باعتبارها قوة لا تقهر".
ويقدر التقرير أن "داعش" استولى على نحو 495 مليون دولار من المصارف العراقية. "وستعزز هذه المبالغ من قدرة التنظيم على بناء قواته وتسليحها، وممارسة الحكم وتوفير السلع والخدمات في المناطق الخاضعة لسيطرته". كما يشير إلى الآليات العسكرية الأمريكية والأسلحة التي استولى عليها التنظيم من الجيش العراقي، وهذا سيتيح "للجماعة تسليح المزيد من المقاتلين وتجهيزهم، وتسهيل حركتها وزيادة قوتها النارية".
كيف ستنعكس هذه التطورات على سورية؟ يرى تقرير معهد واشنطن أن "حملة تنظيم "داعش" في العراق ستخلّف على الأرجح آثاراً سلبية على قوات التنظيم في سورية"، ومن ذلك احتمال تشتيت القوات التي يقدر التقرير عديدها بنحو 10 آلاف مقاتل. ويضيف: "قد يضطر "داعش" إلى تخصيص قوات أكبر في العراق، مما يضعف مركزه العسكري في سورية. أما الأثر الثاني فهو أن المساحة الشاسعة من الأراضي العراقية التي فرض عليها التنظيم سيطرته الإسمية على الأقل، قد تستلزم هي أيضاً قوات إضافية من سورية لمقاومة التدابير المضادة التي تتخذها الحكومة العراقية من جهة، ودعم السيطرة على هذه المناطق من جهة أخرى. ثالثاً، يُقال أن نظام الأسد قد كثّف من عملياته العسكرية ضد "داعش" وربما بالتنسيق مع الحكومة العراقية" في محافظتي الرقة والحسكة. "وإذا تكررت الضربات (الجوية) بشكل منتظم، فسوف تلقي عبئاً إضافياً على تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وربما تضعف قدرته على القتال في سورية".
كما يرى التقرير أن "داعش" يواجه حربا على جبهة ثالثة ضد فصائل الثوار في سورية، و"من المحتمل أن يحول هذا الوضع دون حشد "داعش" لموارده ضد أعدائه السوريين، ويُفترض أن ذلك سيمنح هؤلاء الأعداء فرصةً للتحرك ضده".
و"من المفترض أن يستفيد الثوار من عودة المقاتلين العراقيين من سورية إلى العراق. فالمقاتلون العراقيون الشيعة شاركوا بشكل مكثف في المعارك حول دمشق وحلب، لذلك أضعف رحيلهم من تحالف القوات الفعال الذي اعتمد عليه النظام لإحراز انتصارات. وقد تشتد حدة هذه الآثار إذا ما تم إرسال "حزب الله" أو قوات إيرانية عاملة في سورية إلى العراق"، لكن يرجح أن يزيد الحزب من التزامه في سورية بدلاً من ذلك.
وفي المحصلة، "رحيل بعض القوى الحليفة سيلقي عبئاً أكبر على قوات النظام (..) المشتتة أصلاً في مختلف الاتجاهات وتتكبد خسائر فادحة. وفي حين يُقال إن "حزب الله" يعوّض بالفعل بعضاً من هذا النقص، إلا أن قواته المتواجدة في سورية لا تزال تتكبد خسائر، بينما يسبب التزامه تجاه الأسد مشكلة سياسية في وطنه لبنان. وعلاوة على ذلك، إذا تواصلت الضربات الجوية المعلنة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" في شرق سورية، فسيتم تحويل طاقة النظام الجوية المحدودة بعيداً عن مهاجمة المعارضة في مناطق ذات أهمية استراتيجية أكبر في أنحاء البلاد، مما سيخفف بعض الضغط من على قوات الثوار والمدنيين".
ويرجح التقرير استمرار "القتال المتفاقم في العراق لبعض الوقت. وحيث تباطأ الآن الزحف الأولي لـتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (..) من المحتمل أن يطول القتال دون أن يكون حاسماً، مخلّفاً تأثيرات مشابهة على الوضع في سورية. ومع مرور الوقت، من الممكن أن تصب حرب الاستنزاف المستمرة في العراق في مصلحة قوات الثوار في سورية". لكن "ليس من الواضح إلى أي مدى يستطيع الثوار الاستفادة من هذا الوضع (..) ومن المرجح أن يعني ضعفهم القيادي بأن أي رد من هذا القبيل سيكون مرتجلاً ومستنداً على التحالفات القائمة أو الجديدة لوحدات الثوار. وهذا الأمر قد يضعف من احتمالات إحراز نصر كبير".
ويخلص التقرير إلى أنه "بينما زاد تقدم تنظيم "داعش" في العراق من تعقيد الحرب السورية، إلا أنه يمثل أيضاً فرصة أخرى للولايات المتحدة وحلفائها لتحقيق المكاسب بوجه الأسد. فتقديم المساعدات العسكرية لجماعات الثوار المعتدلين في سورية قد يساعدهم في الاستفادة من الوضع، وبالتالي يتيح لهم التحرك بشكل أكثر فعالية ضد "الدولة الإسلامية في العراق والشام" - الذي هو عدو الجميع - وضد النظام، الذي هو عدو الأكثرية. ونظراً إلى أن المعدات العسكرية الأمريكية التي صادرها "داعش" قد تؤثر قريباً على إمكانياته في سورية، فقد يحتاج هؤلاء الثوار اليوم إلى مساعدة أمريكية ملموسة أكثر من أي وقتٍ مضى".