استعرض الكاتب روجر بويز المعلق في صحيفة "التايمز" البريطانية العلاقات البريطانية
السعودية، في سياقها التاريخي القديم، والحاضر القائم، مشيرا إلى ما ينبغي أن يكون عليه الحال من وجهة نظره.
وقال الكاتب إنه رغم كونها حليفا وزبونا للسلاح البريطاني لكن السعودية ظلت تعمل "ضد مصالحنا" ولهذا "حان الوقت لإخبار السعوديين بعض الحقائق"، مضيفا أن "ثراء" السعودية يجب أن لا يكون وسيلة لشراء صمتنا، فدعمها للجهاديين يهدد أمننا".
وجاء في المقال "منذ أن ارتدى ولي العهد، أمير ويلز الزي السعودي وشارك في رقصة السيف في شباط/ فبراير الماضي كان من الواضح أن السعودية لا تزال زبونا جيدا للأسلحة البريطانية. وتم الاتفاق على سعر الدفعة الأخيرة من طائرات تايفون، وسيتم إرسال "الطلبية" وتم تأمين 5 آلاف وظيفة في لانكشاير".
وأضاف "لكنهم زبائن جيدون وليسوا حلفاء جيدين فطوال السنوات الماضية، كانت السعودية تعمل ضد مصالحنا، ولا تزال المملكة، طبعا جزءا من التفكير الأمني
الغربي، ومعظم ما يجري في الشرق الأوسط يمكن إلقاء تبعة اللوم فيه على السياسة الأمريكية التي همشت كل صديق في المنطقة، ولكن عدم رضا السعودية، وابتعادها عن الولايات المتحدة والغرب يعتبر من أهم الملامح التي يتجاهلها الجميع ومرتبطة بما يجري في الأزمات السورية والعراقية وما بعدهما".
ودعا الكاتب إلى "التفكير بمجموعة من الحقائق حيث يصل المال السعودي لخزائن المتمردين في سوريا والعراق، ويتفوق عدد الجهاديين السعوديين على الجهاديين من الدول الأجنبية الأخرى ويشجع السلفيون السعوديون الشباب المسلم (في بريطانيا وكل أوروبا) لحمل السلاح ضد الشيعة والكفار".
وقال: "نحن نشعر بالقلق إزاء الجهاديين البريطانيين لكن السعوديين هم الذين يتسيدون مجتمع المقاتلين الأجانب خاصة أن معظمهم محاربون قدماء في أفغانستان والشيشان والبوسنة وهناك على الأقل 1200 جهادي سعودي وربما وصل عددهم 2000 جهادي".
وأشار الكاتب إلى إعلانات النعي التي تظهر على المواقع الجهادية وأنها أشارت إلى 300 سعودي قتلوا في العام الماضي.
وأضاف "ذلك الجيش المسافر، مع أن أفراده يقاتلون مع جماعات مختلفة، جبهة النصرة،
داعش والأكثر اعتدالا الجبهة الإسلامية إلا أنه لا مقارنة بين السعوديين ومساهمة البريطانيين الهواة".
ويتساءل الكاتب عما إذا كان "الغضب السعودي كما يقدمه الدعاة على أنه دفاع عن مكة هو الذي يحرك المعركة فمن ناحية رسمية شجبت السعودية جبهة النصرة وداعش واعتبرتهما إرهابيتين وهددت بسجن من يعود للسعودية من الجهاديين. وفي الحقيقة لم تفعل السلطات ما فيه الكفاية لوقف تدفق مال المتبرعين السعوديين الأثرياء والمؤسسات الخيرية للمسلحين".
ويقول الكاتب "لم تكن السعودية حليفا سهلا، فـ 15 من 19 ممن نفذوا هجمات 9/11 كانوا سعوديين ومع ذلك فهي تتمتع بتحالف مع الغرب".
وأشار إلى أن جذور التحالف تعود إلى لقاء الرئيس الأمريكي روزفلت مع الملك عبد العزيز على متن بارجة أمريكية في قناة السويس في عام 1945 والذي تعهدت فيه السعودية (أكبر منتج للنفط في العالم) بتوفير الطاقة للغرب مقابل الحماية العسكرية. وتم توقيع الصفقة عندما قدم الرئيس للملك طائرة خاصة وعرشا يتجه نحو مكة".
ورأى أن هذه "الترتيبات اهتزت، فلا نزال نعتمد على السعودية لتخفيض سعر
النفط، وشكرا للزيت الصخري فالولايات المتحدة تتجه نحو الاستقلال في مجال الطاقة، ويبدو أنها- أي الولايات المتحدة مستعدة للموافقة على مشروع نووي محدد والتعاون مع إيران، على الأقل تكتيكيا في
العراق".
وأوضح أن الدرع العسكري الأمريكي "أصبح أقل مصداقية، وبالنسبة للسعوديين جاءت نقطة التحول العام الماضي عندما فشلت واشنطن بتوجيه ضربة لنظام بشار الأسد بعد استخدامه الأسلحة الكيماوية وفقد السعوديون الأمل بتوجيه رد عسكري على النظام السوري".
وقال الكاتب "ومنذ تلك الفترة لم يكن ممكنا ردم الهوة بيننا، فكيف يمكن تشكيل سياسة تجاه العدو الصديق؟ ولأننا نحتفظ بنوع من التأثير داخل بيت آل سعود فعلينا استخدامه".
وأشار إلى رسالة السير أندرو غرين، السفير السابق للمملكة المتحدة في برقية وداعية لرؤسائه في وزارة الخارجية حين قال "اللعبة كما اعتقد هو أن نجعل السعودية بعيدة عن الإعلام البريطاني" ويجب وقف هذا".
ولفت إلى أن التقرير الأخير لوزارة الخارجية حول وضع حقوق الإنسان في العالم قد وضع السعودية تحت عنوان "دولة مثيرة للقلق" واستنتج أن هناك القليل مما يمكن لبريطانيا فعله بشأن سجلها "المرعب من الإعدام في الساحات العامة مما يمكننا من أن نطلق عليه قطع رؤوس ستان"
وجاء في التقرير "نركز في الوقت الحالي جهودنا على تشجيع السعودية للانضمام لمعايير الاتحاد الأوروبية في أدنى مستوياتها حول الإعدام".
ويعلق الكاتب "لا عجب أن يقوم داعش بتقديم رؤوس للمتبرعين في السعودية ودول الخليج، ويجب أن نتحدث بوضوح، الغرب للسعودية، والسعودية لنا، أوقفوا تدفق المال الخاص للإرهابيين، وعلينا معا أن نقضي على الفكرة والتي شجع عليها المشايخ السعوديون وهي أنه يجب تحويل العراق لساحة المعركة الحاسمة بين السنة والشيعة".
ويختم بالقول "أصبح السعوديون حلفاءنا لأنهم ضمنوا لنا وصول النفط الذي حافظ على استمرار عمل اقتصادنا. والآن أصبحت أفعالهم تؤثر على استقرار العراق الذي يحتوي على ثاني احتياطي للنفط في العالم، وهذا ليس ما اتفقنا عليه مع الملك عبد العزيز عندما حصل على عرشه المتحرك".