في متابعاته لمآلات
الربيع العربي وامتداداته، يذكر المفكر الشيعي محمد حسن الأمين، أهم أسباب عدم استجابة
اللبنانيين بكل شرائحهم لثورة التغيير التي أشعلها الربيع، ويرى أن أهم هذه الأسباب هو الواقع الطائفي، وفسّر موقف الشيعة السلبي من الربيع العربي، وتحديدا
حزب الله الذي رفضه كي لا يتعطل مشروع الممانعة الذي تقوده إيران.
ويقول الأمين، بحسب ما روى عنه موقع "جنوبية" اللبناني، إن لبنان يمر في أزمات كافية لتتسبّب بانطلاقة ثورة أو ثورات على نسق ما عاشته دول في ما بتنا نعرفه بـ"الربيع العربي". لكن نلاحظ أنّ هذا الأمر لن يحصل في لبنان، فهو مُحاصَر ومُختطَف، مختطف بهذا التعدّد الذي أقام صيغة لا يمكن العمل عليها بهدف التّغيير، على حد تعبيره.
ويضيف أنه في الوقت الراهن يوجد انتماء طائفي، ومن خلاله يريد أن يحتفظ اللبناني بشعار لبنانيته، وهذا الأمر يجعل قيام ثورة أمرا مستحيلا. ومن هنا، فإن تقدم مسيرة الربيع العربي والمتغيرات التي يمكن أن تحصل يمكن أن تؤثّر إيجاباً على لبنان.
وعن موقف شيعة لبنان من الربيع العربي ومشاركة حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري، يرى أن الاستراتيجية الإيرانية الراعيه للحالة الشيعيه السياسية في لبنان، تقوم حاليا على نصرة النظام السوري، وتلعب دوراً في تمكين حزب الله ودعمه مادّيّاً وبالسلاح، بالتزامن مع توقّع بانتصار حتمي سيسجّل لهم، دون أن يكون لديهم أدنى شك بأنّ الثورة السورية ستنتهي، ودون النظر إلى التداعيات السياسية والطائفية لهذا التدخل.
والأكثر واقعية بحسب الأمين، هو أنه لا يمكن لأحد أن يعتقد أنّ نظاما كالنظام السوري قتل وهجّر ودمر يمكن أن يستمرّ في الحكم. ففي أحسن الأحوال يمكن لهذا النظام أن يستمر كما هو عليه حاله راهنا. ويمكن أيضا أن يزول أيضا. وبالتالي فإنّ زوال النظام ألا يضع الشيعة في لبنان كلّهم بمواجهة الشعب السوري؟ ليس فقط الشعب السوري بل العرب جميعاً، كما يرى.
ويتحدّث السيد الأمين بأسى عن سمعة حزب الله التي تدهورت بعد تدخله العسكري في سوريا الى جانب النظام قائلا: "قبل الثورة السورية، وخلال لقاءاتي في مؤتمرات عربية، كان العرب يتحدثون عن حزب الله والمقاومة وعن السيد حسن نصر الله بطريقة لا تخلو من التقديس، رغم أنّهم جميعا مسلمون سّنة. هذا الأمر تغير بعد الثورة السورية. فقد قضى انحياز حزب الله إلى النظام السوري تماماَ على سمعة حزب الله".
ويضيف أنه بات العرب يتّهمونه بالعمالة لإيران وبنصرة النظام الظالم في سوريا على شعبه. وقال: "أنا أعتقد أنه لو كان حزب الله حزبا مستقلا عن إيران لما كان تدخّل في سوريا، ولكان احتفظ برصيده الكبير في العالم العربي بعيدا عن دعم النظام السوري".
ويلفت الأمين إلى أنّه منذ تفاقم الأزمة السورية فقدعمل الإيرانيون على الإمساك بالعصب الشيعي وتغذية العداء بينهم وبين العرب السّنّة ولجأوا في ذلك إلى الغلوّ الشيعي الموجود تاريخياً، لكنّه كان قد ضمر واضمحل في عصرنا الحالي. فقد بدأ الغلوّ الشيعي في عصر الإمام علي، على حد قوله.
ويشدد على أن المطلوب اليوم حوار بين الشيعة أنفسهم لتكون البداية حول السؤال الأساسي: الشيعة إلى أين؟ وما هي مصالحهم وما هي مبادؤهم؟
وفي حال استحالة قيام هذا النوع من الحوار، فإنّ هذا يستدعي ابتداع قاموس جديد لدى الشيعة بعيداً عن التزمت والاعتقاد بأنّ الرأي الذي يعتقدونه هو رأي نهائي.
وتطبيقا لذلك الحوار يخلص السيد إلى ضرورة أن يعمل المصلحون المثقفون من الشيعة على استعادة الشيعة إلى الاتجاه الوسطي المصحوب بالعقلانية العقائدية.. فالمرتكزات الأساسية التي حكمت عبر التاريخ بين السنّة والشيعة هي الغالبة. وبالتالي لا يستطيعون أن يقفزوا إلى منطق جديد وهو منطق العصر والحريات والنظام الديموقراطي.
ويؤكد أن المطلوب الآن هو حوار بين الشيعة أنفسهم لتكون البداية حول السؤال الأساسي: الشيعة إلى أين؟ وما هي مصالحهم وما هي مبادؤهم؟ وفي حال استحالة قيام هذا النوع من الحوار فإنّ هذا يستدعي ابتداع قاموس جديد لدى الشيعة بعيداً عن التزمت والاعتقاد بأنّ الرأي الذي يعتقدونه هو رأي نهائي. ويمكن من خلال هذا الحوار استنتاج رؤية أفضل من الرؤية القائمة.
ويوضح أن هذا ليس سهلا بالتأكيد؛ خصوصا في ظلّ سيادة القوة. ونعلم أنّ القوة والمال والسلطة لها دورها في الداخل على المدى الطويل، وهي تبقى مؤثرة على الحركة التنويرية التي تبدو مخلصة لمصالح الشيعة وليست ضد مصالحهم.