كتب عماد الدين حسين: قبل ثلاثة أيام نشرت صحيفة
الغارديان البريطانية تقريرا موسعا خلاصته أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني
بلير سيعمل مستشارا اقتصاديا للحكومة المصرية.
بلير أصدر بيانا غامضا لا ينفى فيه الخبر نفيا كاملا، ويمكن أن نفهم ضمنا أنه وافق على تقديم نصائح واستشارات للحكومة المصرية عبر طرف ثالث.
من كل قلبى أتمنى أن يكون هذا الخبر غير صحيح، وأن تسارع حكومتنا لتوضيحه، وإذا كانت قد اتفقت مع بلير بالفعل فعليها أن تتراجع وتعتذر، فليس عيبا أن نخطئ، لكن الكارثة أن نستمر فى الخطأ.
أسباب ضرورة عدم التعامل مع بلير متعددة وأخطرها أنه مشبوه، ويشبه كل من يتعامل معه.
بلير يا سادة هو مجرم الحرب الذى شارك المجرم الأكبر جورج بوش الابن فى جريمة غزو العراق فى 19 مارس 2003 بحجة أن لديه أسلحة دمار شامل، وما يزال العراق ـ والمنطقة بأكملها ـ يدفع ثمنا فادحا لجريمة بلير وبوش.
لولا بلير وبوش وأمثالهما ما كانت القاعدة وداعش و«كل الدواعش» قد وجدت الأرضية الخصبة التى تتحرك فيها.
بلير أيضا كان «المحلل» الأكبر للمحافظين الجدد فى واشنطن لاختراع عدو جديد هو الإسلام والمسلمين،وهو ما أعطى الفرصة للتطرف كى يصل إلى ما وصل إليه.
بلير أيضا لمن لا يعرف هو أحد الداعمين الرئيسيين للحكومات الصهيونية المتعاقبة فى قتل وحصار وتجويع الشعب الفلسطينى، وكافأه المجتمع الدولى بتعيينه مسئولا عن اللجنة الرباعية المكلفة بحل القضية الفلسطينية، والثابت حتى الآن أن هدف اللجنة هو ترسيخ الاحتلال وليس إنهاءه.
شخص بهذه المواصفات لا ينبغى أن تتعامل معه مصر أو أى دولة عربية أو إسلامية، هو شخص يكره العرب والمسلمين ويحتقرهم ويراهم شعوبا درجة ثانية أو ثالثة، فكيف نكافئه ونجعله مستشار؟!.
هو شخص نهم للأموال، وجنى الكثير منها من مؤسسات وهيئات دولية وعربية بعد خروجه من الحكم.
صار يحصل على الأموال نظير المحاضرات التى يلقيها، وللأسف تجول فى كثير من البلدان العربية الخليجية وحصل على الملايين منها.
ليس معنى أن بلير يكره جماعة الإخوان أن نوظفه مستشارا لحكومتنا. هناك مئات الأشخاص من مختلف دول العالم يصلحوا ليكونوا مستشارين دوليين لحكومتنا لكن بلير لا.
أعلم أن البعض يفكر بطريقة أن بلير له صلات قوية داخل الإدارات الأمريكية والاوربية ، وأنه يمكن استغلال علاقاته للضغط على الإدارة الأمريكية للتخلى عن سياستها تجاه مصر، لكن المخاطر العائدة من وراء توظيفه تفوق أى فوائد متوقعة.
أى توظيف لبلير هو إهانة لدماء الشهداء العرب والمسلمين الذين سقطوا بنيران المحتلين فى العراق وفلسطين وأى بقعة عربية أخرى.
توظيف هذا الرجل يعنى الموافقة على مجمل أفكاره وسياساته وأساليبه، ويعنى للأسف أن الضحية تعشق جلادها وتتماهى معه.
أتمنى أن يخرج بيان رسمى مصرى واضح يقول إن كل ما نشرته الجارديان وتناقلته مئات المواقع الإلكترونية ليس صحيحا.
نريد توضيحا يؤكد أيضا أننا لن نوظف بلير سواء كانت حكومتنا هى التى ستوقع معه العقد وتدفع له المقابل أم كانت دولة الإمارات أو أى جهة أخرى ثالثة.
تأييد بلير لإزاحة الإخوان ليس شرطا كافيا ليكون مستشارا لحكومتنا، لأنه بهذا المنطق يمكننا أن نوظف نتنياهو فيما بعد!!.
(الشروق المصرية)