رغم إعلان جيش الاحتلال
الإسرائيلي استدعاء 40 ألف جندي من قوات الاحتياط مع بدء عمليته العسكرية على قطاع
غزة، إلا أن خبراء عسكريين واستراتيجيين خمسة أسباب تقلل من احتمالية
اجتياح إسرائيلي بري للقطاع.
ويشن سلاح الجو الإسرائيلي منذ الاثنين الماضي، غارات على أنحاء متفرقة في قطاع غزة، في عملية عسكرية أطلقت عليها إسرائيل اسم "الجرف الصامد"، وأسفرت حتى الساعة 15:45 من الأربعاء عن مقتل 49 فلسطينيا، وإصابة نحو 450 آخرين، وفق الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة.
وقال العميد السابق بالجيش المصري، صفوت الزيات، إن "أي اجتياح بري تريد إسرائيل تنفيذه سيكون هدفه وقف إطلاق الصواريخ على جنوب ووسط إسرائيل، ولكن تكلفة ذلك لن تتحملها تل أبيب".
ومنذ بدء الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، ترد فصائل فسلطينية بإطلاق صواريخ على جنوب ووسط إسرئيل.
وأوضح الزيات أن "إسرائيل تحتاج إلى خمسة مليارات دولار، أي ما يعادل 17 مليار شيكل، لتنفيذ تلك العملية، وهو أمر صعب خاصة أن إسرائيل شهدت منذ ما يقرب من شهر، أزمة بسبب نحو ثلاثة مليار شيكل (870 مليون دولار) في ميزانية وزارة الدفاع"، في إشارة إلى السجال الذي دار بين وزارتي المالية والدفاع لرفض الأخيرة اقتطاع 870 مليون دولار من ميزانيتها.
وأضاف الزيات: "إلى جانب التكلفة المادية، هناك سبب ثان وهو الخسائر البشرية"، لافتا إلى أن إسرائيل "لن تقوى على تحملها خسائر بشرية من قبيل خطف جنود على سبيل المثال، وهو أمر ستتمكن منه المقاومة الفلسطينية في حالة الاجتياح البري".
ووفق الزيات، فإن إسرائيل "ستسعى لتكثيف الغارات الجوية في الأيام المقبلة بغية إصابة واغتيال عدد من القيادات الميدانية الفلسطينية، وفي المقابل، فإنه ليس أمام حماس إلا استخدام صواريخ المقاومة".
وتوقع الزيات حدوث اتفاق وقف إطلاق النار من الجانبين، لكنه قال: "أمامنا بعض الوقت لحدوث ذلك؛ لأن المقاومة وبعد أن أظهرت إمكانيات جديدة بوصول صواريخها إلى قلب إسرائيل، تريد أن تصل لاتفاق يحقق لها مكاسب أكبر من كل مرة".
و أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، مساء الثلاثاء، أنها قصفت مدن حيفا (تبعد 100 كيلومتر عن غزة)، وتل أبيب والقدس (وسط) وأسدود (جنوب) الإسرائيلية بعدة صواريخ محلية الصنع في تطور نوعي منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة الثلاثاء.
واتفق مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بالأردن، جواد الحمد، مع الرأي السابق في وقوف عائق الخسائر المادية والبشرية أمام إقدام إسرائيل على خطوة الاجتياح البري، وأضاف إلى ذلك سببا ثالثا يتمثل في "نقص المعلومات".
واوضح الحمد: "أي اجتياح بري لابد أن يتوفر له معلومات دقيقة، وهذا لا يتوفر لإسرائيل حتى تتمكن من تنفيذ عملية برية".
وتهدف أي عملية برية تسعى إسرائيل لتنفيذها إلى شل قدرة قطاع غزة على إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل، وهذا يحتاج إلى معلومات عن قواعد إطلاقها وأماكن تخزينها، وهذا غير متوفر لإسرائيل، بحسب الحمد.
ولا يستبعد رئيس مركز الدراسات الاستراتجية حدوث اتفاق للتهدئة، ولفت إلى أن شروط المقاومة هذه المرة هي التي ستؤخر حدوث ذلك، مضيفا: "بعد وصول صواريخ المقاومة إلى أماكن غير مسبوقة أصبحت إسرائيل تواجه خطورة كبيرة، وستسعى المقاومة لفرض شروط جديدة للتهدئة تحقق مصلحة للضفة الغربية إلى جانب قطاع غزة".
وخارج نطاق معايير القوة والضعف والخسائر المادية والبشرية، طرح اللواء السابق في الجيش المصري والرئيس السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية بالجيش، علاء عز الدين، سببا رابعا وهو "الخلافات العربية العربية".
وقال عز الدين: "بينما العرب داخل كل دولة مختلفون فيما بينهم، وهذا أفضل حال تريده إسرائيل، لا يمكن لها أن تقدم على خطوة تكون دافعا لنسيان مثل هذه الخلافات والتوحد خلف هدف واحد وهو نصرة غزة".
ورفض عز الدين الربط بين استدعاء الاحتياط والاجتياح البري، وقال: "استدعاء الاحتياط هو إجراء احترازي استعدادا لأي طارئ".
أما اللواء السابق بالجيش المصري، طلعت مسلم، فطرح سببا خامسا يحول دون التدخل البري في غزة، وهو الجهود الدولية التي تبذل من أجل التهدئة.
وقال مسلم: "هناك جهود مصرية وأمريكية ستبذل من أجل التهدئة، وأعتقد أن هذه الجهود ستنجح".
وحول فرص نجاح جهود التهدئة في ظل عدم تكافىء القوة بين "حماس" وإسرائيل، قال مسلم: "هناك ما يسمى (قوة الضعف) و (ضعف القوة)، فلكل قوة نقطة ضعف، ولكل ضعف مصدر قوة، والقلق من صواريخ المقاومة الفلسطينية يثبت صحة هذه المقولة".