على وقع أصوات صفارات الإنذار التي تدوي بتل أبيب، وكسر صواريخ المقاومة حاجز "حيفا وما بعد حيفا"، وبعد إعلان كتائب القسام تصنيع طائرات بدون طيار حلقت فوق مبنى وزارة الحرب
الإسرائيلية، أطلّت مبادرة
مصرية برأسها، لتعرض هدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
مبادرة عرضتها الخارجية المصرية مساء الإثنين عبر الإعلام فقط، ولم تتواصل مع فصائل المقاومة بشأنها، كان أهم ما فيها مطالبة المقاومة تسليم أسلحتها، مقابل مكاسب اقتصادية لصالح القطاع المحاصر، وفتح المعابر عن طريق تفاهمات مع السلطة الإسرائيلية.
لكن ماذا يختبئ وراء هذه المبادرة؟ ومن المستفيد الأكبر منها؟ وهل ستعود بالخير على الشعب الفلسطيني؟
يقول الباحث الفلسطيني الدكتور عدنان أبو عامر إن "الأطراف المستفيدة من هذه المبادرة هي نفسها المتضررة من ردود المقاومة النوعية على الكيان الصهيوني، والتي استطاعت أن تضربها في مقتل، وهي إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر".
ويؤكد أبو عامر لـ"عربي 21" أن وضع ملايين الإسرائيليين تحت حظر التجول، وإصابة أغلب قطاعاته بالشلل الكامل، جعل سلطاتهم أمام وضع محرج، وبالنسبة للسلطة الفلسطينية فستكون ثاني المستفيدين لتؤكد أن منهجها التفاوضي هو الحل الوحيد، وتعيد اعتبارها كممثل للفلسطينيين وشريك دائم لإسرائيل".
أما السلطات المصرية والتي "سلمت أوراقها لأمريكا وإسرائيل" روجت أن الحل يأتي بالمفاوضات، وعن طريق مبادرتها الهشة فقط، وهي تحاول إعطاء إسرائيل إنجازا عجزت عنه عسكرياً عن طريق السياسة. يقول أبو عامر.
ويتفق مع أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية الدكتور هاني البسوس، حيث أكد أن المبادرة التفاف واضح على المطالب الفلسطينية، وهي خدعة إسرائيلية من أجل رفع الغطاء عن المقاومة المسلحة، ورمي الكرة في ملعبها.
مبادرة المثلث الإسرائيلي الأمريكي المصري
وأشار البسوس في حديثه لـ"عربي 21" أن المبادرة هي نتاج مباحثات إسرائيلية أمريكية مصرية، غيب عنها اللاعب الأبرز والأهم ألا وهو "المقاوم الفلسطيني".
الأمر الذي أكدته الإذاعة الإسرائيلية، حيث أفادت أن مصر شاورت حكومة نتنياهو بمبادرتها ولم تشاور
حماس.
من جهته أكد السياسي المصري عبد الله الأشعل وجود "تواطؤ عربي ـ إسرائيلي ـ أمريكي على المقاومة".
وأكد الأشعل في تصريحات صحفية أن "هدف المبادرة هو استهدافها واستئصالها بشكل كامل لتسلم سلاحها وتخرج من قطاع
غزة وتتوزع في الأقاليم".
الرد الفلسطيني ونظيره الإسرائيلي
إسرائيل ردت سريعاً، حيث وافق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (كابينت) برئاسة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، صباح الثلاثاء، على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة.
واحتفى عدد من كتاب الصحافة العبرية بالمقترح المصري للتهدئة، واعتبروها في مصلحة بلادهم.
وشدد الكاتب في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل في مقالته، الثلاثاء، على ضرورة وقف العملية ضد غزة، مشيراً إلى إنه إن لم تُصغ التسوية السياسية سريعاً، "قد يبحث نتنياهو عن أفكار أخرى كوقف إطلاق النار من طرف واحد مدة 24 ساعة تعترض إسرائيل خلالها قذائف صاروخية تطلق عليها دون أن تهاجم القطاع".
في حين كان رد القسام على النقيض تماماً بإعلانه الحاسم استمرار المعركة، بل قال إنها ستزداد ضراوةً وشدةً، مؤكداً أن "هذه الدماء والتضحيات لن تضيع سدىً، ولن يجهضها أحدٌ كائناً من كان في هذا العالم".
واعتبر الباحث الفلسطيني عدنان أبو عامر أن الرد الحمساوي جاء عن طريق القسام ليؤكد أن الهدف كان إقصاء الكتائب، وسيكون الرد منها، بما ترونه لا ما تسمعونه.
وبرأي أبو عامر فإن قبول المقاومة بهذه المبادرة يعيد الأمور إلى ما قبل السابع من يوليو، وتصبح كل الدماء التي سالت، والأبنية التي هدمت، في مهب الريح.
أما هاني البسوس فقد أكد أن المقاومة لن تقبل بهذه الاتفاقية، متوقعاً أن تتوسع العمليات ضد الاحتلال، فيما لن تحاول إسرائيل الدخول براً وستكثف غاراتها ضد الأهداف المدنية بغزة.