تريد
إسرائيل من هجومها البري على قطاع
غزة، تحقيق أكثر من هدف، في مقدمتها البدء بما وصفه مراقبون فلسطينيون بمعركة "
عض الأصابع"، وإعادة هيبة الردع لجيشها التي تآكلت بفعل الرد النوعيّ للمقاومة، وإرضاء الشارع الإسرائيلي من خلال شن عدوان بري واسع تحت شعار "استهداف الأنفاق" ومنع إطلاق الصواريخ من غزة، حسبما يرى مراقبون فلسطينيون.
وهذه العملية لن تستغرق طويلا، كما يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عدنان أبو عامر، إذ تهدف للتقدم مئات من الأمتار في المناطق الحدودية، لأيام فقط.
وأضاف أبو عامر، مدرس العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أوعز لجيشه بهذا القرار، بعد تلقيه انتقادات حادة، وهجوما داخليا دفعه للذهاب نحو معركة تعيد لجيشه هيبة الردع.
وتابع بأن "المقاومة وبفعل ما أنجزته من اختراقات، وتطور نوعي وعسكري، أفقدت إسرائيل القدرة على اتخاذ القرار السليم، والآن جاءت هذه العملية البرية التي ستكون محدودة من أجل إرضاء الشارع الإسرائيلي، وتحسين صورة حكومة نتنياهو".
وأكد أبو عامر أنّه من الصعب على إسرائيل أن تستمر طويلا في معركة بدأتها لأجل أن تدير معركة أخرى هي "عض الأصابع".
وأضاف: "حركة حماس ترفض المبادرة المصرية للتهدئة، وتريد شروطا تحقق مطالب المقاومة، ومن أهمها الرفع الكامل والنهائي لحصار غزة، والعملية البرية واشتداد القصف، الذي تنوي إسرائيل من خلاله إجبار المقاومة على التنازل، والقبول باتفاق سريع لوقف إطلاق النار".
ويتفق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، هاني البسوس مع قول أبي عامر في أن إسرائيل تريد إدارة معركة "عض الأصابع".
وأضاف: "لا تستطيع إسرائيل، أن تواصل حربا طويلة على قطاع غزة، وخاصة العمليات البرية، ليقينها بأنّ المقاومة في الميدان البري أكثر شراسة وتطورا، وأن الخسائر في صفوف جيشها ستكون كبيرة".
ولفت البسوس، إلى أنّ إسرائيل تدرك جيدا أن كابوسا حقيقيا في انتظار جيشها، على الحدود مع القطاع.
واستدرك: "لن تغامر إسرائيل بالاصطدام بغزة أخرى تحت الأرض"، في إشارة لشبكة الأنفاق التي يعتقد أن "حماس" أنشأتها داخل قطاع غزة.
وأضاف: "هي الآن تحاول أن تضغط على المقاومة من خلال ما قد تسببه العملية البرية من خسائر بشرية في صفوف المدنيين، ومن خلال اتباعها لسياسة الأرض المحروقة في عملياتها البرية".
وتحاول إسرائيل من خلال العملية البريّة، أن تقوم بالضغط سياسيا على حركة "حماس" للقبول بالمبادرة المصرية للتهدئة، كما يقول الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام" الفلسطينية الصادرة من مدينة رام الله بالضفة الغربية، طلال عوكل.
وأضاف عوكل: "صحيح أن إسرائيل، تبحث عن إرضاء الشارع الإسرائيلي، من خلال القيام بعملية برية، والتلويح بإنجازات ضربها واستهدافها للمقاومة، لكن الأكيد أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في عملية برية محدودة، من أجل الضغط على المقاومة في غزة، وتحديدا حركة حماس".
ودعت مصر الاثنين الماضي، إلى مبادرة لوقف إطلاق النار في غزة تنص على وقف الأعمال "العدائية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة"، حيث ساوت بين القاتل والمقتول.
ورفضت حركة "حماس" المبادرة، وقالت إنّها أبلغت القاهرة بشكل رسمي اعتذارها عن قبول مبادرة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.، وأنها ترفض مبدأ "التهدئة من أجل التهدئة".
وتقول مصادر إعلامية إسرائيلية، إن هناك مباحثات تجرى حاليا لإنضاج اتفاق تهدئة بين "حماس" وإسرائيل، بجهود دولية.
وتأتي عملية
الهجوم البري الإسرائيلي، بعد ساعات من إعلان "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، مسؤوليتها عن تنفيذ عملية تسلل في منطقة صوفا قرب الحدود الشرقية لمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وأكدت أن عناصرها تمكنوا من استكمال مهمتهم، وعادوا جميعا بسلام.