يحتوي جهاز
المناعة البشري على خلايا تدعى (CD8 + T) تعمل على حماية الجسم من الأمراض المختلفة مثل السرطان والفيروسات، حيث أن بعضاً من هذه الخلايا مخصص لقتل الخلايا المصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، ولكون هذه الخلايا لا تقوم بالعمل المسند إليها بقتل خلايا الايدز، لذلك قام باحثون من معهد كارولينسكا في السويد، بالتعاون مع باحثين الدولية بتحديد التفسير العلمي وراء ذلك.
من المعروف أن خلايا (CD8 + T) المخصصة لاستهداف وقتل فيروس نقص المناعة البشري، تتوقف عن دفاعها عن الجسم عند مباشرتها بالهجوم، حيث أنها تصبح منهكةً وغير قادرة على متابعة مهمتها، واستطاع الباحثون أن يكتشفوا السبب الذي يؤدي إلى إضعاف هذه الخلايا، وذلك بقيامهم بدراستها على المستوى الجزيئي، وذلك في دراسة تم نشرها في مجلة (PLOS Pathogens).
أظهرت الدراسة أن هناك نوعان من عوامل النسخ التي لها أهمية خاصة في خلايا (CD8 + T)، وهما (T-bet) و (Eomes)، اللذان يقومان بتفعيل الآلية المناعية للجسم، حيث يقوم هذين العاملين على التأكد من أن خلايا (CD8 + T)تعمل على محاربة المرض، أي بعبارة أخرى، يقوم عامل (T-bet) بدور محرّض كونه يحث خلايا (CD8 + T) على الانقسام والنمو، أما عامل (Eomes) فله دور تنظيمي، كما أنه يعمل على تشكيل ذاكرة ضد الأمراض التي تمت معالجتها بالكامل، وبذلك تتشكل لدى الجهاز المناعي ذاكرة دائمة تجعله مستعداً لمحاربة الأمراض التي سبق له محاربتها عند معاودتها لغزو الجسم.
قام الباحثون في هذه الدراسة، بمراقبة كيفية عمل (T-bet) و(Eomes)، عن طريق معاينة 64 شخصاً مصاباً بمرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز)، وقد تبين من الدراسة أن خلايا (CD8 + T) التي تستهدف خلايا نقص المناعة المكتسبة، تظهر فعالية منخفضة لعامل (T-bet)، إلّا أنها تظهر زيادة في فعالية العامل (Eomes)، هذا الأمر يؤدي إلى نمو الخلية بطريقة سيئة ويؤدي أيضاً للحد من قدرتها على محاربة الخلايا المصابة بنقص المناعة البشرية، والأمر المؤسف أن هذه القاعدة تبقى صحيحة حتى في حالة معالجة المرضى بأدوية مضادة للإيدز، وإظهارهم لتحسن ملحوظ بانخفاض مستويات فيروس الايدز بحيث لا يعود من الممكن اكتشافه بالدم، وقد يكون هذا هو السبب الذي يفسر سوء عمل خلايا (CD8 + T) على الرغم من استخدام العلاجات المضادة للفيروس على المدى الطويل.
أخيراً، يأمل العلماء أن يستطيعوا التوصل لطريقة لزيادة فعالية عامل (T-bet) عند مرضى
الإيدز، حيث يمكن أن يوفر ذلك فرصة للجهاز المناعي لقتل الخلايا المصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وفي حال استطاع العلماء التوصل لهذه الآلية، فإن هذا من شأنه أن يتيح المجال لاكتشاف لقاح أو علاج لفيروس نقص المناعة البشرية، الذي طالما كان عصياً على العلاج.