نشرت صحيفة "هآرتس"
الإسرائيلية الجمعة، تحليلا للكاتب يوئيل ماركوس بعنوان "أربع ملاحظات عن الوضع"، يقرّ قيه بأن الكيان الإسرائيلي لطالما كان في
مواجهة عسكرية، ولطالما كان يعيش مأزق المواجهة كذلك.. فهو إما إنه لا يستطيع الخروج من المأزق، أو إنه يخرج منه قبل الوقت اللازم وضمن تمدد محدود وغير كاف.
وفي ما يأتي نص المقال التحليلي كاملا:
1. كيف حصل أن دولة لها قمر صناعي عسكري في الفضاء، مصنع نسيج في ديمونا، صواريخ عابرة للقارات، طورت القبة الحديدية، المظلة العجيبة الذكية التي تحمي التجمعات السكانية في وسط البلاد، وغيرها وغيرها، لم تعرف عن الطاقة الكامنة الفتاكة للانفاق في غزة. هذا "السلاح" الذي كان يستخدم في فيتنام، ومزق الأمريكيين قبل بضع عشرات السنين ودفعهم للخروج من هناك نازفين ومُهانين.
دون أن يكون المرء ساخرا، ينبغي أن يعترف، بأن شعب إسرائيل كان عديم الحظ مرات عديدة في الماضي، حين لم يأخذ بجدية، مثلا، إعلان الرئيس أنور السادات، بأنه مستعد لأن يضحي بمليون جندي كي يحرر أراضيه. وعندها وقعت عليها حرب يوم الغفران. وبالسلام مع مصر فوجئنا أيضا. وفي حرب لبنان الثانية اكتشفنا أن جيشنا البري جاف، أصلحنا، واكتشفنا في الجرف الصامد أن الجيش البري يعمل بروعة، ولكننا الآن فوجئنا بسلاح
الأنفاق.
تخيلوا أن ذات صباح كنا سنستيقظ مع عملية كبرى نفذها في دزينة من البلدات مقاتلو
حماس الذين خرجوا من الثغور في الأرض. بشكل عام أحد ما ملزم بأن يعطي الحساب على هذا القصور؛ أم أن استخباراتنا، النشطة جدا في حملاتها الجيمزبوندية عرفت عن الأنفاق ولكنها لم تقدر على نحو سليم قدرتها على الفتك. ليست لجان التحقيق هي اللازمة بل الفحص المتشدد فيما إذا كانوا لا يعدون لنا مفاجأة مشابهة في الشمال.
2. طالما كنا نوجد في مواجهة عسكرية، تنشأ ذات المشكلة: نعرف كيف نبدأ، ولكن لا نعرف كيف نخرج. أو أننا نخرج في وقت مبكر أكثر مما ينبغي ولمدى قصير أكثر مما ينبغي.
أمران ينبغي أن يكونا واضحين هذه المرة: (1) لا نخرج من غزة قبل أن نعرف بيقين أنه عطل آخر الأنفاق. (2) ينبغي العمل على تجريد غزة من الصواريخ. ثمة ميل للنسيان بأن غزة ليست كيانا مستقلا، بل حزبا – حركة إرهابية تسمى حماس، سيطرت على قسم من الأراضي الفلسطينية. فهل يتصور أحد ما إن تستولي معارضة ما، في فرنسا مثلا، على أرض ما وتلقي بافراد شرطة الجمهورية من الأسطح فتسيطر بذلك على قسم من الدولة؟ على الدول العربية العادية، القلقة من انتشار الإسلام المتطرف أن تحرص على ألا تستولي منظمة إرهابية على الحكم في السلطة الفلسطينية كلها. عندنا أيضا يوجد متطرفون. سيأتي يوم ورجال "شارة الثمن" وزعران التلال سيسيطرون هم أيضا على جزء من إسرائيل. فالحديث يدور عن مرض معدٍ.
3. بعد الضربة التي تلقتها حماس من الجيش الإسرائيلي، الذي أسقط عليهم منازلهم ومخابئهم، فجر معظم انفاقهم (هكذا ينبغي الأمل) – أحد لا يفاجأ بأنهم امتشقوا "جنديا مخطوفا" يزعمون أنه يوجد في أيديهم. الجندي المفقود من المجنزرة التي كاد كل جنودها يقتلون بالإصابة المباشرة أعلن عنه الجيش الإسرائيلي كمفقود. حقيقة أن رجل حماس أعلن رقم العسكري لا تعني شيئا. ينبغي الأمل ألا ينشغل شعب كامل في ختام الحرب بالابتزاز العاطفي الذي يوجد أو لا يوجد له غطاء. قصة جلعاد شاليط لا يجب أن تكرر نفسها.
4. إدارة الحرب، في الداخل وفي الخارج أيضا، كانت ناجحة. وهذا بفضل الثنائي بيبي وبوغي. نتنياهو يبدي لأول مرة مؤشرات النضج الزعامي، يتصرف بشكل جدي ومتوازن كمن يمكن الاعتماد عليه. فقد أدار المعركة العسكرية والسياسية بعقل. أبدى تفكرا في اتخاذ القرارات وفي الإعلام على حد سواء، مما أعاد لنا ثقة أوروبا وكذا جون كيري اليائس، بهدف إغلاق صفقة. كيف ننتهي من هنا؟ ينبغي استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. "الهدوء مقابل الهدوء" ليس كافيا، خشية أن نعود إلى ذات السيناريو أو أسوأ منه بعد سنة. أمامنا الفرصة الأخيرة للإمساك بحمامة السلام من جناحيها.