كتب علي بردى: يبني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو على الوهم إذا ظن أن القوة العسكرية العاتية لجيشه يمكن أن تجهز على حركة المقاومة الإسلامية "
حماس"، وأن تنزع السلاح من قطاع
غزة، ليكون هو النموذج للدولة الفلسطينية التي يريدها منزوعة السلاح لتعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل على أساس حل الدولتين. هذا ليس سلاماً.
استعدت اسرائيل لهذه الحرب التي تسميها الآن عملية "الجرف الصامد" منذ أشهر، وربما منذ سنوات. تذرعت أولاً بحادث خطف الشبان الإسرائيليين الثلاثة وقتلهم الشهر الماضي. تبين أن "حماس" لم تكن الجهة التي نفذت هذه العملية، بل مجموعة أخرى ذات دوافع "اجرامية"، وفقاً للوصف الإسرائيلي. كذلك كانت جريمة خطف الفتى الفلسطيني وحرقه حياً. ثم جاء العذر الذي لا يستهان به: صواريخ "حماس" لا تطاق، وما من دولة في العالم ترضى بأن تتعرض مدنها وبلداتها ومستوطناتها لخطر صاروخي كالذي تمثله الترسانة الموجودة لدى "حماس" وسائر الفصائل الفلسطينية، وما من دولة في العالم ترضى أن يعيش مواطنوها فوق خطر الأنفاق المحفورة من غزة.
قد تصلح هذه المبررات إذا تعامى المرء عن حقائق كثيرة. دعك من أن أصل المشكلة يبدأ من الظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين في بلدهم المنكوب، وفي الإستيلاء بغير وجه حق على ممتلكاتهم، وفي تعرضهم لكل أشكال التنكيل لأنهم يطالبون بها، وفي أنه لا يمكن فصل أزمة الغزيين خصوصاً عن القضية الفلسطينية عموماً حيثما كانوا في أرضهم.
لماذا ترفض اسرائيل أي مصالحة بين "حماس" والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس؟ كيف يمكن أن يعيش نحو مليوني فلسطيني في سجن اسمه غزة يخضع لحصار خانق مزدوج - براً وبحراً وجواً - من اسرائيل ومن مصر منذ سنوات. تسألون لماذا يحفر الفلسطيني نفقاً ولماذا يطلق صاروخاً؟ هذا وذاك لا يغيران المعادلات الإستراتيجية والتوازنات القائمة بين غزة واسرائيل. لن تتمكن اسرئيل على الأرجح من تحقيق غاياتها، وهذا يعني بالعمليات الحسابية على الطريقة العربية أن "حماس" ستحرز على الأرجح "نصراً" آخر مبيناً. المهم أنها لن تسقط في المقتلة التي قضى فيها حتى الآن أكثر من ألف قتيل، أكثريتهم الساحقة من المدنيين.
لن ترى النور خطط الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون ووزير الخارجية الأميركي جون كيري لإحياء عملية السلام المتعثرة من زمان بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأن نتنياهو يعتقد أن المضي في تسوية على أساس حل الدولتين يستوجب نزع سلاح الفلسطينيين انطلاقاً من غزة هذه المرة كي تتمكن اسرائيل من العيش بأمان وسلام.
عبثاً يحاول.
(النهار اللبنانية)