أصابت عمليات كتائب "عز الدين
القسام"،الجناح العسكري لحركة "حماس" دوائر صنع القرار في تل أبيب والنخب والرأي العام
الإسرائيلي بالذهول، حيث جاءت بعد أن زعمت المحافل العسكرية الصهيونية أن حركة "حماس" تبدي مظاهر انكسار، وأنها معنية بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بأي ثمن.
وأجمع المعلقون الصهاينة الذين علقوا على هذه العمليات بأنه تبين بالدليل القاطع أن التصور الاستخباري الإسرائيلي بشأن قدرات "حماس" وتوجهاتها مضلل، ولا يعكس واقع الحال في هذه الحركة.
وقال المراسل العسكري في القناة التلفزيونية الثانية الإسرائيلية، نير دفوري، مساء الاثنين، إن قيام "كتائب القسام" بثلاث عمليات نوعية في محيط قطاع
غزة، وفي الوقت ذاته قصف أقصى شمال الأراضي المحتلة "يدلل على أن هيئات التحكم والقيادة لدى الحركة سليمة تماما، وتمارس عملها دون أي إعاقة"، مشيرا إلى أن هذا الواقع أحرج كلا من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير حربه موشيه يعلون.
ومن جهته، قال مراسل الإذاعة الإسرائيلية جال بيرغير، إن حركة "حماس" تريد إيصال رسالة مفادها "أنها غير معنية بأي اتفاق لوقف إطلاق النار في حال لم يضمن تحقيق مطالبها".
وخلال مشاركته في برنامج "نقظة نظام"، الذي بثته الإذاعة صباح الثلاثاء، أوضح بيرغير أن حركة "حماس" تريد من خلال عملياتها وإصرارها على تحدي تل أبيب إيصال رسالة لدوائر صنع القرار الإسرائيلي والعالم، أنها لا يمكن أن تسمح باستمرار الأوضاع التي كانت سائدة قبل الحرب.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب، بادر عدد من المعلقين الصهاينة إلى دعوة نتنياهو إلى الخروج من قطاع غزة فورا، وإنهاء الحرب.
وقال المعلق العسكري لصحيفة "هارتس" أمير أورن، إن "إسرائيل ينقصها قيادة قادرة على اتخاذ قرار شجاع بالخروج من قطاع غزة، والاكتفاء بتحقيق الهدف المعلن للحرب والمتمثل في التخلص من تهديد الأنفاق، وعدم المبادرة لتوسيع العملية البرية".
وفي مقال نشرته الصحيفة صباح الثلاثاء، حذّر أورن من مغبة الخضوع لضغوط اليمين والرأي العام،مشددا على أن تل أبيب ستدفع ثمنا باهظا في حال لم تغادر القطاع بسرعة.
وفي ذات السياق، قال يوآف ليمور المعلق العسكري لصحيفة "إسرائيل اليوم": "الغرائز تدعو لتوسيع العملية العسكرية وتعميقها، في حين أن العقل يدعو إلى مغادرة القطاع فورا".
وفي مقال نشره صباح الثلاثاء موقع الصحيفة المقربة من نتنياهو، شدد ليمور على ضرورة الالتزام بمواجهة خطر الأنفاق، على اعتبار أن توسيع العملية يعني خسارة المزيد من جنود الاحتلال، علاوة على فقدان إسرائيل الدعم الدولي لعملياتها في غزة.
من ناحيته، قال المعلق العسكري في قناة التلفزة العاشرة ألون بن دافيد، مساء الاثنين، إن العمليات العسكرية الإسرائيلية التي أمر نتنياهو بتنفيذها في أعقاب عمليات "حماس" تهدف إلى مواصلة استهداف الأنفاق الحربية، وفي الوقت ذاته محاولة تحسين مكانة إسرائيل في أي مفاوضات على وقف إطلاق نار دائم.
وأضاف بن دافيد أن إسرائيل ستحاول عبر المس بأهداف لحركة "حماس" (المدنية، والعسكرية)، الضغط على المدنيين الفلسطينيين عبر استهدافهم بشكل مباشر وترويعهم، في محاولة لإجبار "حماس" على إضفاء مرونة على مطالبها.
ولم يستبعد بن دافيد أن يحاول جيش الاحتلال للتأثير على "حماس" من خلال القيام بعمليات توغل خنجرية وخاطفة للسيطرة على مواقع ومبان عالية في تخوم المناطق المأهولة بالسكان، للضغط على الجمهور الفلسطيني.
وفي السياق ذاته، أكد معلق الشؤون السياسية في قناة التلفزة الثانية أودي سيغل، أنه على الرغم من أن نتنياهو لازال يرفض مطالب قادة اليمين الصهيوني بتوسيع العملية البرية وتعميقها، إلا أن حرصه على مستقبله السياسي قد يدفعه لمزيد من التوغل تحت ضغط النخب الإعلامية، لاسيما في ظل نجاحات المقاومة الفلسطينية.
وأشار سيغل إلى أنه على الرغم من أن الأمر يبدو مستبعدا حاليا، إلا أن نتنياهو قد يجد نفسه متورطا في عمق المستنقع الغزي لفترة طويلة.
إلى ذلك قالت مراسلة قناة "إن بي سي" الأمريكية اندريا ميتشيل، في مقابلة مع قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة إن أمريكا تعتقد أن مكانة "حماس" في العالم العربي والإسلامي ستتعزز بعد الحرب التي تشنها إسرائيل عليها.