"إذا أردت أن تعرف العربي من اليهودي، فانظر وقت انطلاق صفارات الإنذار، اليهود يهربون إلى الملاجئ بينما نظل نتابعها بنظرنا"، هذا ما قاله لؤي من الناصرة، شاب في منتصف العقد الثاني من العمر.
الصواريخ المنطلقة من
غزة طالت أجزاء واسعة من "إسرائيل"، المناطق المحتلة من فلسطين عام 1948 التي يسكنها نحو 1.4 مليون فلسطيني أصحاب البلاد الذين رفضوا الخروج منها.
وبرر لؤي هذا الموقف بقوله لـ"عربي21": "نحن أصحاب الأرض وهم الغرباء، في أثناء الحرب امتلأت المطارات بالمسافرين الهاربين، كذلك الملاجئ، ونحن لم نعرفها رغم أننا نعيش في نفس البقعة الجغرافية".
وكانت وسائل إعلام عبرية نقلت عن مصادر عسكرية إسرائيلية، قولها "إنّ
المقاومة الفلسطينية أطلقت 3356 صاروخا خلال العدوان على غزة، مدعية اعتراض 578 صاروخا منها".
ويرى الدكتور إبراهيم أبو جابر المحاضر بالعلوم السياسية، أن فلسطينيي الداخل "واكبوا الحرب على غزة انطلاقا من كونهم جزءا من الشعب الفلسطيني وشعروا بالاحتقان والحسرة من حجم المجازر ووقوع الكم الكبير من الشهداء والجرحى كما تذمروا من المواقف المخزية من الدول العربية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "الحياة لمواطني الداخل العرب كانت شبه اعتيادية بخلاف التجمعات اليهودية، لكن تقلص حجم التوجه للمدن اليهودية بسبب تعرضها لقصف المقاومة ومنعا للاحتكاك بسبب الاعتداءات المتكررة. المجتمع الإسرائيلي كان مشلولا طيلة أيام الحرب بسبب استهداف المدن الإسرائيلية من أقصى الجنوب لأقصى الشمال، كما سادت مشاعر الرعب في صفوفهم ولأول مرة يتعرضون لخسائر ضخمة".
وأشار أن "المجتمع اليهودي تعامل بنوع من الانفعال في ظل الحرب رغم أنه حاول أن يظهر تماسكه والظهور بوقوفه خلف الجيش في الحرب كالمعتاد، لكن هناك أصواتا تقر بالفشل والانهزام، ومن المتوقع بعد توقف الحرب أن ترتفع تلك الأصوات بعد انكشاف حجم الخسائر الحقيقية".
وأضاف: "المجتمع الفلسطيني في الداخل تعرض لاعتداءات من قبل شرائح صهيونية منها الفصل من العمل ومضايقة العمال والاعتداء عليهم والتحرش بالمرضى العرب بالمشافي الإسرائيلية واتهام العرب بإبداء مواقف مؤيدة للمقاومة على شبكات التواصل الاجتماعي".
بدوره عبر الصحفي والمحلل السياسي وديع عواودة عن موقف إعلاميي وصحفيي الداخل بقوله: "نحن كصحفيين كان عندنا وقفة تضامنية اليوم بالقرب من عين سيدتنا مريم في مدينة الناصرة ورفعنا صور الزملاء الصحفيين الذين استشهدوا وأصيبوا خلال الحرب على غزة، نتحدث عن 13 شهيدا من الصحفيين وإصابة 25 في هذه الحرب، إسرائيل لم تفعل ذلك بالخطأ هي تستهدف غزة بشكل عشوائي كما أنها تستهدف هؤلاء لتعمي العيون عن جرائمها في غزة وتحاول أن تحول دون فضح ما تفعله من جرائم حرب تطال النساء والأطفال والشيوخ.. وخلال الاعتصام رفعنا صور وأسماء شهدائنا في غزة".
ووصف المشهد للمجتمع الفلسطيني بقوله لـ"عربي21": "داخل أراضي 48 هناك أجواء عامة غاضبة في جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني ولغزة مكان داخلي وقريب جدا عند الجميع هنا، فقد شهدت مناطق 48 سلسلة مظاهرات واعتصامات وصوتا معارضا ومناهضا للحرب. لكن الكل يعتقد هنا أن واجب غزة أكبر من هذه الاحتجاجات وكان بالإمكان لو توحدت الإرادة الحزبية والسياسية تحت سقف واحد واستغلال طاقات كبيرة لدينا كان بالإمكان أن تكون الصرخة أكبر ومدوية أكثر.. نحن نعي جيدا أن السلطات الإسرائيلية تأخد بالحسبان هذا وتخاف من انفلات وانفجار الشارع وربما كان ذلك سيساهم بكبح جماح العدوان الدموي على غزة".
ودخل صباح اليوم، وقف إطلاق نار مؤقت من 72ساعة حيز التنفيذ، بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي برعاية مصرية بعد 30 يوما من العدوان على قطاع غزة والذي أدى لاستشهاد 1856 شهيدا وجرح 9100.
أما الإعلامي محمد خيري، فقال لـ"عربي21" إن فلسطينيي الداخل تضامنوا مع القطاع، من خلال المهرجانات والفعاليات وحملات الإغاثة.
وأشار إلى أن العدوان شكل حالة من "الوعي الوطني، وبلورة العقل الفلسطيني الجديد، عقل يحلم بوحدة القضية وجديّة المرحلة وخطورتها".
وعند سؤاله عن الملاجئ والاختباء من الصواريخ بالنسبة لفلسطينيي الداخل، قال مستنكرا: "لا، عرب إحنا، أي ملاجئ؟ لا أذكر أن عربيا دخل ملجأ، بالعكس إذا أطلقت الصافرات هرعت الناس إلى الشبابيك وإلى الشوارع تراقب الصواريخ".
وأضاف: "نحن محبوسون في صندوق منذ 66 عامًا، ولما يقترب منا الصاروخ على الرغم من خطورته، نشعر أن هناك من يحاول أن يخلع عنا الغطاء، أو يكسر القيد".
ولا يختلف الأمر في
القدس كثيرا، إلا أنها شهدت مواجهات تعتبر الأعنف تضامنا مع القطاع، وأوضح الصحفي فراس هنداوي بقوله لـ"عربي21": "في القدس كان كل يوم مواجهات وكل يوم فعاليات واعتقالات ومنع دخول الأقصى، خصوصا أيام شهر رمضان المبارك. كنا كصحفيين كدائما نصور المواجهات، وتعرضنا لأكثر من إصابة خلال تعمد قوات الاحتلال إصابة الصحفيين ولكن كانت القدس تنتفض يوميا نصرة لغزة ونصرة للأقصى".
وأضاف أن "هناك مبادرات شبابية كثيرة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وهذا ما أدى إلى كسر اقتصاد الاحتلال، وفق تعبيره، وجعله ينشر في عدة صحف عربية عن عروضات وتنزيلات لكي يذهب العرب للشراء".
وحول ما إذا شعر المواطنون بالخوف من صواريخ المقاومة التي وصلت إلى القدس، قال: "كيف نخاف من الصواريخ التي ستحررنا من هذا الاحتلال الغاصب؟".