اتهم الصحافي البريطاني المعروف روبرت فيسك الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالنفاق.
جاء ذلك خلال تعليقه على الضربات الجوية التي نفذتها القوات الأمريكية لمواقع تنظيم الدولة الإسلامية في
العراق أمس.
وقال فيسك في مقاله بصحيفة "إندبندنت" إن أوباما قرر التدخل من أجل إنقاذ حياة أقليات بعينها مسيحية ويزيدية وليست مسلمة.
وقال فيسك إن أوباما لم يقرر
قصف أبو بكر البغدادي عندما كان يستهدف الشيعة، ولكنه "قفز كي ينقذ أرواح اللاجئين المسيحيين واليزيديين خوفا من تعرضهم لإبادة"، وأضاف متهكما: "اقصفهم وشكرا للسماء على أن اللاجئين المذكورين ليسوا فلسطينيين".
ويضيف أن أوباما أرسل طائراته لمساعدة العراق والقيام بهجمات جوية على "قوافل" المقاتلين من
داعش متسائلا "أليس هذا ما قامت به أمريكا ضد طالبان في أفغانستان، حيث دائما ما ضربت الطائرات الهدف الخطأ وخلطت بين حفلة زفاف بريئة بـ "قوافل" الإسلاميين؟".
وذكر الكاتب بعملية أخرى قامت بها الولايات المتحدة في السابق بمساعدة الأكراد، عندما رمت على اللاجئين الذين احتموا في الجبال بعد حرب الخليج الأولى طرودا من الطعام وعبوات ماء بعد أن دعاهم الرئيس الأمريكي جورج بوش الأكراد للانتفاض على الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
ويواصل الكاتب أن الولايات المتحدة لم تقل شيئا عن الصديقة السعودية التي مول سلفيوها المتشددين السنة في العراق وسوريا كما فعلوا مع طالبان في أفغانستان "فالجدار بين السعودية والوحش الذي صنعته يجب أن يكون عاليا وغير ظاهر".
وفي هذه الحالة يقوم أوباما على ما يقول الكاتب بقصف أصدقاء حلفائه السعوديين وأعداء الرئيس السوري بشار الأسد. كما ويعتقد أوباما أنه من الضروري حماية القنصلية الأمريكية في
أربيل وسفارته في بغداد.
وهو نفس العذر الذي قدمته الولايات المتحدة عندما قصفت جبال الشوف في لبنان قبل 30 عاما، وهو أن أمراء الحرب يشكلون خطرا على سفارتها في بيروت، مع أن الإسلاميين ليس بإمكانهم السيطرة على أربيل ولا بغداد.
وعلق الكاتب ساخرا -على قول أوباما إن لديه "تفويضا" من رئيس الوزراء العراقي والديكتاتور الشيعي نوري المالكي الذي يدير العراق كدولة طائفية محطمة-: "ليس أحب علينا نحن الغربيون إلا سماع كلمة تفويض، حتى أننا منذ عام 1919 رسمنا حدود الشرق الأوسط من أجل انتدابنا وتفويضنا (هي الحدود التي أقسم أبو بكر البغدادي على تدميرها)"، مشيرا إلى فظاعة الدولة التي يقوم أبو بكر البغدادي بإنشائها، فقد وجه سياساته ضد المسيحيين الذي طالبهم بدفع الجزية أو الموت، ووسعها ضد الطائفة اليزيدية المسالمة التي تبني شعائرها على طقوس مسيحية وهندوسية وفارسية، وبعض الملامح الإسلامية.
وأيا كانت عقيدة اليزيديين ومشاربهم، لكن أوباما ذهب من أجلهم والجماعات النسطورية المسيحية في العراق للحرب، مشيرا إلى حالة الإحياء التي أصابت الفرنسيين وأعادت روحهم الصليبية عندما دعوا مجلس الأمن للانعقاد والتفكير في هذه المذبحة الجديدة والمحتملة في العراق.
ولكن السؤال القائم هو "هل ستفعل أمريكا نفس الشيء لو كان اللاجئون البائسون في جبال العراق فلسطينيون؟ وهل حملة أوباما الأخيرة ليست إلا حرفا للأنظار (ترحب به إسرائيل) عن حقول الموت في غزة؟