للمرة الأولى منذ بداية المحاكمة، يترافع الرئيس الأسبق حسني
مبارك عن نفسه الأربعاء أمام
محكمة جنايات القاهرة من داخل قفص الاتهام، وليس من قاعة المحكمة، حسبما صرح بذلك نجلاه علاء وجمال لقاضي المحكمة، بعد أن أجبرته
ثورة 25 يناير على التنحي، وسط توقعات من مراقبين بأن ينسج على منوال محاميه فريد
الديب في مهاجمة الثورة، واعتبارها مؤامرة على
مصر.
وقالت تقارير صحفية إن مرافعة مبارك عن نفسه ستكون مكتوبة، وإن الذي كتبها هو الديب نفسه، وسوف ينفي فيها إصداره أي أوامر لقتل المتظاهرين، وسيؤكد أنه أمر بعدم إطلاق الرصاص على المتظاهرين حتى لو اقتحموا غرفة نومه.
وأكد فريد الديب، من جانبه، أن مبارك سيتولى الدفاع عن نفسه في الجلسة، وأن دفاع مبارك الذي من المقرر أن يكون مكتوبا، لن يتطرق للسياسة، وإنما سيكتفي بالدفاع الذي قد يشهد مفاجآت حاسمة، على حد تعبيره.
ورفض الديب - في حوار عبر برنامج "على مسؤوليتي" بقناة "صدى البلد" الاثنين - الإفصاح عن قيمة أتعابه الحقيقية التي حصل عليها من مبارك، مشددا في الوقت نفسه على أن حصوله على أتعاب مقابل ترافعه عن مبارك في محاكمة القرن "مش عيب".
وكان المستشار محمود كامل الرشيدي، رئيس هيئة محكمة جنايات القاهرة، سأل علاء مبارك عن إمكان حضور والده مبارك جلسة الأربعاء للدفاع عن نفسه أمام هيئة المحكمة، فأكد أن والده سيحضر، وسيترافع عن نفسه إذا لم يجد جديد في حالته الصحية، مشيرا إلى أنه سيواجه صعوبة في أثناء تحريك السرير، وتحركه للوصول به إلى داخل قاعة المحكمة، ومكوثه أمام المنصة.
وطالب رئيس المحكمة، الجهات الأمنية بالبحث عن حل، وإيجاد فرصة مناسبة لكي تنقل الكاميرا الصورة واضحة للشعب، بحسب تعبيره، مؤكدا ثقته بأن الإدارة الأمنية ستفعل ما بوسعها لنقل المحاكمة للشعب المصري، قائلا: "إحنا بنحكم للشعب اللي شايفنا ده".
وكان هذا القاضي خرج عن ضوابط المهنة، وبكى في ختام مرافعة أحد مساعدي حبيب العادلي وزير داخلية مبارك، الأمر الذي استنكره قانونيون، وطالبوه بالتنحي عن نظر القضية، بعد أن فقد حياده المطلوب في نظرها.
وقد طالب نشطاء وقوى شبابية وثورية عدة بمحاكمة الديب بتهمة إهانة ثورة 25 يناير، بعد تهجمه على الثورة خلال مرافعته التي وصف فيها ثورة 25 يناير بأنها مؤامرة، وهو الأمر الذي كرره حبيب العادلي، ومساعدوه الأمنيون، خلال مرافعاتهم عن أنفسهم أمام المحكمة نفسها.
من جهتها، أعربت 36 حركة شبابية شاركت في ثورة 25 يناير عن استيائها الشديد بعد مرافعة الديب.
وحذرت الحركات الشبابية من أن هناك توجها عاما في الإعلام المصري الموجه ضد شباب ثورة 25 يناير، وأهدافها، مطالبين القوى المناهضة لثورة يناير باحترام مشاعر أهالي الشهداء والمصابين واحترام مشاعر الشباب الغاضب الذي يعاني التهميش وعدم التقدير قبل أن يتفاعل الغضب في قلوب المصريين فلا يترك مجالا لتصحيح الأوضاع.
وناشدت الحركات "حكماء هذا الوطن لإيقاف حملات الكراهية ضد الشباب المعتقلين أو المعارضين، لأنهم مستقبل هذا الوطن"، بحسب بيان أصدروه.
وفي سياق متصل، قال الكاتب الصحفي محمد أبو الفصل في مقاله بجريدة الأهرام بعنوان "مـــؤامرة فريد الديب"، إنه لا أحد ينكر أن الديب محام قدير، لكن المرافعة البليغة التي قدمها أخيرا أمام المحكمة دفاعا عن مبارك، لا تؤكد فقط افتقاده إلى أدلة قوية لتبرئة ساحة موكله، بل أيضا تحمل أهدافا سياسية مقصودة، تتجاوز مسألة توظيفها بصورة قانونية لصالح مبارك شخصيا، إلى نظام بأكمله.
وأضاف: "أعترف بأن لدي أصدقاء نبلاء محسوبين على نظام مبارك، وأعترف بأن ثورة 30 يونيو سعت لتصحيح أخطاء ثورة يناير، لكن أتحفظ على تصدر رجال ونساء وأرامل مبارك المشهد السياسي مرة أخرى، لأن هذه اللعبة يمكن أن تحرقنا جميعا، وبدلا من أن تتحول يناير إلى مؤامرة تتحول يونيو إلى مؤامرة أكبر، وتخسر مصر"، على حد تعبيره.