أعدم تنظيم "الدولة الإسلامية" (
داعش) المئات من أبناء إحدى العشائر في
دير الزور، شرق سورية، وآخرين في ريف
حلب الشمالي، في حين شدد التنظيم القصف على بلدات الريف الحلبي مع اقترابه من بلدتي
مارع واعزاز.
ويسيطر التنظيم بشكل شبه كامل على غالبية أرجاء محافظة دير الزور الغنية بالنفط. واندلعت معارك بين عناصره وافراد هذه العشيرة في ثلاث بلدات شرق دير الزور نهاية تموز/ يوليو، ما دفع "الدولة الإسلامية" الى انسحاب من هذه البلدات، قبل أن يعود ويسيطر عليها نهاية الأسبوع الماضي.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ان التنظيم "قتل خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من 700 مواطنا غالبيتهم العظمى من المدنيين، في بادية
الشعيطات وفي بلدات غرانيج وأبو حمام والكشكية التي يقطنها مواطنون من أبناء (عشيرة) الشعيطات"، موضحا ان "نحو مئة من هؤلاء هم من أبناء العشيرة المسلحين، في حين ان الباقين هم من الرجال المدنيين".
واعتبر تنظيم "الدولة الإسلامية" عشيرة الشعيطات "طائفة ممتنعة بشوكة" وأصدر حكما بحقها بأنها "طائفة كفر يجب تكفيرها وقتالها قتال الكفار بإجماع العلماء وإن أقرت بحكم تلك الشريعة، ولم تجحدها، ولَا يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدَ لَهُمْ ذِمَّةٌ وَلَا هُدْنَةٌ وَلَا أَمَانٌ وَلَا يُطْلَقُ أَسِيرُهُمْ وَلَا يُفَادَى بِمَالِ وَلَا رِجَالٍ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ وَلَا يسترقون، ويجوز قتل أسيرهم واتباع مدبرهم والإجهاز على جريحهم ويجب قصدهم بالقتال ولو لم يقاتلونا ابتداءً".
وأظهرت تسجيلات فيديو عناصر التنظيم وهم يذبحون عددا من الأشخاص الذين يصفهم التنظيم بـ"المرتدين"، كما تُذبح الخراف، حيث يتم فصل الرأس عن الجسد بالسكين، وفي أحد التسجيلات يظهر عناصر التنظيم وهم يتبادلون النكات والسخرية وهم يقومون بذبح عدد من الأشخاص، مع عبارات التشجيع وإرشاد بعضهم بطريقة الذبح.
وقال المرصد إن "العدد الاكبر من القتلى سقطوا اثر الهجوم الثاني لتنظيم الدولة الاسلامية على هذه البلدات"، مشيرا الى ان "نحو 1800 من افراد العشيرة لا يزالون مجهولي المصير".
وتمكن تنظيم "الدولة الاسلامية" في النصف الثاني من حزيران/ يونيو من السيطرة تدريجا على مجمل محافظة دير الزور، بعد انسحاب مقاتلي الفصائل ومبايعة عدد كبير منهم هذا التنظيم.
وكانت عشيرة الشعيطات آخر المبايعين، وتعهدت بعدم قتال "الدولة الاسلامية" وتسليم اسلحتها شرط عدم التعرض لأبنائها. إلا ان معارك اندلعت بين الطرفين منذ 31 تموز/ يوليو إثر قيام التنظيم بخطف ثلاثة من أبناء الشعيطات. وأدت المعارك الى مقتل العشرات وتهجير أكثر من خمسة آلاف شخص، بحسب المرصد.
وانسحبت التنظيم من بلدات غرانيج والكشكية وأبو حمام بعد يوم من اعلان ابناء العشيرة "انتفاضة" ضدها. إلا ان عناصر التنظيم شنوا هجوما جديدا على هذه البلدات بعد أيام، وسيطروا عليها تباعا في التاسع من آب/ اغسطس والعاشر منه.
وأوردت حسابات متعاطفة مع التنظيم على موقع "تويتر" في حينه ان "الدولة الاسلامية تحكم سيطرتها على قرى الشعيطات (...) والقتلى منهم بالعشرات وجاري (تجري) ملاحقة الفارين".
ووسع التنظيم مناطق سيطرته في سورية منذ نهاية حزيران/ يونيو، إثر إعلانه إقامة "الخلافة الإسلامية" بعيد هجوم كاسح أتاح له السيطرة على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه.
ودعا شيخ عشيرة الشعيطات رافع عكلة الرجو في مقطع فيديو نشر يوم الأحد الماضي العشائر الأخرى للانضمام للمعركة ضد الدولة الإسلامية. وقال الرجو في الفيديو الذي نشر على موقع يوتيوب: "أناشدهم بالوقوف إلى جانبنا لأن الدور جاي عليهم.. حاليا جميع مقاتلي داعش يتجهون نحو عشيرة الشعيطات.. إذا خلصت عشيرة الشعيطات فهم بعد الشعيطات.. هم الدائرة اللي بعد الشعيطات".
ريف حلب الشمالي:
وفي شمال حلب، يخوض الثوار معركة دفاع عن بلدة مارع، أحد معاقلهم الرئيسية في ريف حلب الشمالي، في وجه هجوم متسارع لعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يحقق تقدما سريعا في ريف المحافظة.
وحقق التنظيم تقدما مهما في ريف حلب في الايام الماضية، وتمكن من السيطرة على أكثر من عشر بلدات وقرى كانت تحت سيطرة الثوار، محاولا التقدم نحو بلدة مارع ومدينة
اعزاز الحدودية مع تركيا. وقد تؤدي سيطرة التنظيم على اعزاز ومارع، الى توجيه ضربة قاصمة الى الثوار الذين يخوضون معارك مع قوات النظام السوري في شمال مدينة حلب.
وتعد مارع المعقل الرئيسي لتنظيم "الجبهة الاسلامية"، أكبر الفصائل المقاتلة التي تخوض معارك ضد النظام و"الدولة الاسلامية".
وقد احتدمت المعارك في محيط مارع السبت. وقال ناطق باسم "المجلس الثوري" لبلدة مارع يقدم نفسه باسم "ابو عمر"، لوكالة فرانس برس عبر الانترنت، ان "الضغط العسكري يتركز الآن على مارع"، وأن المعارك تدور على بعد نحو عشرة كيلومترات الى الشرق منها.
وأضاف الثوار "أرسلوا تعزيزات كبيرة وأسلحة الى محيط بلدة مارع وداخلها" مضيفا ان "المقاتلين يعتبرون هذه المعركة اهم معركة ضد تنظيم الدولة الاسلامية وأن لا مجال لخسارتها".
وأشار "ابو عمر" الى ان التنظيم الذي تشن واشنطن غارات جوية ضده في شمال العراق، يستخدم اسلحة ثقيلة أمريكية الصنع، كان قد استولى عليها من الجيش العراقي اثر هجوم مفاجئ شنه في شمال البلاد وغربها في حزيران/ يونيو. وقال: "يستخدم (التنظيم) دباباتهم ومدفعيتهم للهجوم على المدن والقرى" السورية.
وقال المرصد اليوم ان مصير العشرات من الثوار الذين أسرهم التنظيم بعد الهجوم لا يزال مجهولا، مشيرا الى أنه تم قطع رؤوس 17 مقاتلا على يد التنظيم، بينهم ثمانية السبت في بلدة اخترين التي سيطر عليها التنظيم قبل يومين.
ومن شان السيطرة على مارع القريبة من الحدود التركية، واعزاز التي يوجد بها معبر حدودي مع تركيا، قطع خط رئيسي لإمداد الثور. كما يجعل الثوار بين فكي كماشة: التنظيم من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى.
وحذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان ليل الجمعة من تقدم "الدولة الاسلامية" في ريف حلب الشمالي، معتبرا ان "خطر هذا التنظيم في العراق وسورية كل لا يتجزأ".
وأضاف البيان: "إذا كان المجتمع الدولي جادا في محاربته، فيجب ألا يقتصر ذلك على العراق"، في إشارة الى الغارات الامريكية.
وفي موازاة تقدم "الدولة الاسلامية"، يواجه الثوار هجوما من قوات بشار الأسد على الاطراف الشرقية والشمالية الشرقية لمدينة حلب.
وأوضح المرصد انه "مساء الجمعة، شنت القوات النظامية والمسلحين الموالين لها، هجوما عنيفا استمر حتى الفجر، باتجاه مخيم حندرات وتلة الكندي الاستراتيجية". واشار الى ان السيطرة على هذه التلة تتيح للنظام السيطرة بالنار على الاحياء التي يسيطر عليها الثوار في شرق حلب، والتي تتعرض يوميا لقصف من الطيران.
وتشهد ثاني كبرى مدن سورية؛ معارك منذ صيف عام 2012، ويتقاسم النظام والثوار السيطرة على أحيائها.
ودعا الائتلاف السبت؛ الدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة، الى "تدخل سريع" ضد "الدولة الاسلامية" ونظام بشار الاسد، على غرار ذلك الذي تنفذه في العراق ضد التنظيم ، في دعوة غير مباشرة الى شن غارات جوية.
وتأتي الدعوة غداة إصدار مجلس الامن قرارا لوقف تمويل تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة" في سورية والعراق، وبعد اكثر من اسبوع على بدء توجيه واشنطن ضربات جوية ضد التنظيم في شمال العراق، مع اقتراب عناصرها من إقليم كردستان العراق.
وقال رئيس الائتلاف هادي البحرة: "إنني وباسم الإنسانية أدعو الامم المتحدة وجميع الدول المؤمنة بالحرية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، ان يتعاملوا مع الوضع في سورية، كما تعاملوا مع الوضع في كردستان العراق، فالمسببات واحدة والعدو واحد ولا يجوز الكيل بمكيالين".
وأضاف خلال مؤتمر صحفي في مدينة غازي عنتاب التركية: "أدعوهم للتدخل بشكل سريع لوقف المجازر التي ترتكبها عصابات الارهاب الداعشي (في اشارة الى "الدولة الاسلامية") والاسدي بحق الشعب السوري المظلوم".
وأضاف "العالم أجمع مدعو اليوم لتدخل سريع وعاجل وفعال لمساعدة مقاتلي الجيش الحر المدافعين عن الحرية ضد عصابات التطرف والإرهاب، التي ارتكبت وترتكب يوميا مجازر يندى لها الجبين".
وتبنى مجلس الامن الجمعة بالإجماع قرارا بموجب الفصل السابع، لإضعاف النصرة وداعش في العراق وسورية، من خلال إجراءات لقطع مصادر تمويلهم ومنعهم من تجنيد المقاتلين الأجانب.
ورحب البحرة بالقرار، مطالبا "جميع دول العالم الحر الالتزام به والمساعدة السريعة لوقف تقدم وتمدد هذه العصابات الإرهابية"، كما طالب "جميع دول العالم بالتدخل لحماية المدنيين".
وقال البحرة اليوم "إن أهلنا في حلب ودير الزور الذين تصدوا بكل شجاعة لإجرام نظام مستبد ما زال يمطرهم حتى اللحظة بعشرات البراميل المتفجرة، سيمضون في التصدي لهذا الإرهاب الأسود الذي بات يشكل خطرا على وجود المجتمع السوري وينذر بأخطار كبيرة على مجمل أمن المنطقة".
واعتبر ان "تقاعس المجتمع الدولي عن ممارسة الضغوط على النظام المجرم لإجباره على تنفيذ عملية الانتقال السياسي في سورية (...) نحصد نتائجها جميعا باستفحال ظاهرة الإرهاب التي لا يمكن حلها إلا برحيل هذا النظام وإتاحة الفرصة للشعب السوري لبناء الدولة الوطنية الديموقراطية".